الصور الدرامية في أعمال الفنان الكبير إسكندر ثابت الغنائية

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 139 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الصور الدرامية في أعمال الفنان الكبير إسكندر ثابت الغنائية

لعبت الأغنية العدنية بعد منتصف الأربعينات من القرن الماضي دوراً هاماً وحاسماً في تغيير مسار حركة الغناء اليمني شكلاً ومضموناً ليصبح بعدها غناءً مؤسساً مبنياً على منهاج علمي وقواعد عرفت فيما بعد وصنفت تحت مسمى «الغناء الحديث التجديدي» فكان الاشتغال على الحداثة والتجديد "هماً" إبداعياً موحداً وقاسماً مشتركاً جمع بين «جيل الريادة المؤسس» بل أنه شكل فيما بينهم تنافساً إبداعياً واعياً ومعرفياً فرضته مناخات ثقافية كثيرة وعديدة ساعدت في الارتقاء بمستوى الأغنية العدنية لتؤكد على ضرورة تغيير المسار إلى مسارات غنائية إبداعية جديدة ومفتوحة ، على هذا النحو الابداعي وتحت هذا المفهوم والشعار كان الاشتغال الفني الابداعي المعاصر في الغناء الحديث ، فأصبح لكل واحد من جيل الرواد مدرسته ونهجه وأسلوبه المتميز بأغنيته التجديدية الحديثة على سبيل المثال كان هاجس الفنان أحمد بن أحمد قاسم يصبُ في الحداثة والتجديد في "جانب الموسيقى والغناء وإثرائه مقامياً" بعطاءاته الغزيرة المتدفقة إبداعاً حلق به في فضاءات وعوالم موسيقية ساحرة رحبة .

وأستطاع الفنان محمد مرشد ناجي أن يتكئ في مشروعه الغنائي الحديث على "الأصالة والموروث والفلكلور الشعبي" في غنائه الجديد المعاصر ، وهكذا قدم لنا رواد الغناء اليمني الأوائل سالم بامدهف يحيى مكي محمد سعد عبدالله محمد عبده زيدي خليل محمد خليل وآخرين "مشروعاتهم الغنائية التجديدية" على السياق الفني الابداعي الخاص والعام .

مانحن بصدده اليوم الحديث عن تجربة الفنان الكبير إسكندر ثابت الذي يعدُ مدرسة فنية مستقلة متفردة تجسدت نتاجاتها الغنائية الموسيقية باشتغال إبداعي خرج به عن السائد والمألوف ..

في هذه التناولة الموجزة سنحاول أن نلخص أهميتها بالنقاط والمحاور التالية :

مدرسة فنية مستقلة :

يعتبر مدرسة فنية مستقلة بحد ذاته فهو أول فنان يمني أستطاع أن يحول مسار الأغنية اليمنية من شكلها «التقليدي التطريبي» المعروف لدينا إلى شكل «غنائي درامي» جديد تتسلسل فيه الأحداث موسيقياً وتتصاعد بشكل نغمي تعبيري غاية في الروعة والجمال معتمداً على حليات وعُرب صوته الشجي الصافي العذب وإحساسه الصادق المعبر كما سمعنا في أغانيه على سبيل المثال لا الحصر أغنية «كيف سخيت» وأغنية «من بعد نظرة عين» فلو استمعنا إلى هذين العملين الرائعين بتأمل وبصيرة لعرفنا ما المقصود بقول أنه أول فنان يمني يلحن أغانيه بشكل غنائي "موسيقي درامي" ،

والحقيقة أنني أعتبر أن من أبرز تلاميذ مدرسة الأستاذ القمة إسكندر ثابت الفنان الكبير محمد عبده زيدي تأكيداً على امتداد وتواصل مدرسته المتفردة .

تنوع في استخدام المقامات :

كان يعشق «مقام البيات» و«مقام الكرد» و«مقام الراست» في ألحانه وهي مقامات شرقية أصيلة معروفة، وجذيراً بالاشارة أنه قدم العديد من الاشعار والنصوص الغنائية الوطنية والعاطفية للأستاذ القدير عبدالله هادي سبيت شكلت بمضامينها وأبعادها الإنسانية والفنية نموذجاً متفرداً فتوحدت عطاءاتهم الابداعية «بثنائية ناجحة» أثرت ساحة الغناء اليمني بروائع خالدة فمن منا لايتذكر هذه الأغنيات التي قدموها على سبيل المثال لا الحصر :

1 هويته وحبيته .

2 باهجرك .

3 حبيبي .. حبيبي .

4 ياظالم ليه الظلم دا كله .

وغيرها من الأغنيات العذاب .

فنان الأصالة والحداثة :

يعتبر من الفنانين القلائل الذين يوحى إلينا عند سماعنا لألحانه وكأنه فنان يصنع بنتاجه الابداعي الخاص «تراثاً فنياً أصيلاً» مضاف إليه «عناصر التطوير والابتكار» فلو استمعنا إلى أغانية «يابدر ياعديني» وأغنية «بين السبول» لتصورنا أن هذه الأعمال تراثاً غنائياً يمنياً لقوتها وعظمتها والحقيقة أن هذه الأعمال «خُلقت» مباشرة من عباءته لتصبح إبداعاً وإبتكاراً بل وتراثاً غنائياً شعبياً فعند سماعنا إليها نشتم من خلالها عبق التاريخ اليمني وأصالة التراث اليمني الزاخر .

له اسهامات بالغة الأهمية في الغناء الوطني ضد الاستعمار البريطاني وحكم الإمامة الكهنوتي نتذكر منها أغنيته الشهيرة «ياظالم ليه الظلم دا كله» وأغنيته الأشهر «سلام الفين» الذي غناهما من إذاعة «صوت العرب» عند إفتتاحها بمصر الكنانة في عام 54م من القرن الفارط وكان لهما مفعول قوي ومؤثر في إلهاب وإذكاء حماس الجماهير اليمنية للخلاص من الظلم السائد حينها إبتغاء للاستقلال ونيل الحرية ..

جذيراً بالإشارة أن الأديب "الثائر" الفنان أسكندر ثابت كان يقرض الشعر بفذاذة وإقتدار وله أعمال في مسار تجربته الإبداعية وشمت على جدار الزمان والمكان كان هذا بعضاً من عطاء فناننا الراحل الخالد إسكندر ثابت رحمه الله الذي أستطاع تحويل مسار الغناء اليمني من «الأداء التطريبي» إلى أسلوب جديد نصنفه فنياً بالأداء «التعبيري الدرامي» وما يلازمه ويتخلله من أحداث درامية هي البداية والحبكة التي تتصاعد بها الأحداث درامياً بشكلاً غنائياً موسيقياً وتنتهي بالنهاية التي تترجم وتعبر عن مضمون النص الغنائي بمعظم ألحانه وأعماله التي أتحفنا بها في مشواره الفني المتميز ، قام بتأليف مجموعة من القصائد الغنائية التي قدمها في ألحانه لعل أبرزها على سبيل المثال لاالحصر كيف سخيت / من بعد نظرة عين ، وفي حديث مع زميلي وأخي الفنان نجيب سعيد ثابت أبلغني أن أغنية "يامسافر من ضفاف النيل إلى وادي تبن" أيضاً من كلماته ومدونه بخط يده في كراسة أشعاره إضافة لذلك عندما التقى الأستاذ نجيب بحكم منصبه في وزارة الثقافة بصنعاء بالأديب والعلامة والفقية عبدالله هادي سبيت وسأله فيما يتعلق بالنص الغنائي أكد له أنها من كلمات الفقيد أسكندر ثابت رحمهما الله .

بقي أن نعرج أن الفنان والأديب أسكندر ثابت من الفنانين اليمنيين القليلين الذين لم «يسقطوا فنياً» رغم صعوبة كل التحديات التي واجهها أثناء حياته إلى أن توفاه الله .

ختاماً :

قدم الفنان الكبير إسكندر ثابت تراثاً فنياً غنائياً موسيقياً شكل "بصمة متميزة وأثراً فاعلاً" في اليمن والجزيرة العربية وعموم الوطن العربي .

من الأعماق أرجو أن يحظى هذا العملاق بالتكريم الذي يستحقه ويليق بتاريخه الفني الابداعي المشرق والرائع .

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

امريكا تعين خبيرا بارزا بالحوثيين

العربي نيوز | 553 قراءة 

روسيا تكسر الحظر على الحوثيين!

العربي نيوز | 468 قراءة 

تنظيم القاعدة ينشر صور وأسماء منفذي الهجوم على المجمع الحكومي في المحفد بأبين (أسماء)

المشهد اليمني | 415 قراءة 

وصول تعزيزات حوثية ضخمة إلى خطوط التماس استعدادًا لمعركة فاصلة في هذه المحافظة

المشهد اليمني | 402 قراءة 

العليمي يغادر عدن إلى السعودية.. ومصدر رئاسي يكشف السبب

نافذة اليمن | 384 قراءة 

اعلان عاجل لإدارة امن تعز (بيان)

العربي نيوز | 383 قراءة 

تسهيلات سعودية جديدة للمواطنين اليمنيين: تعرّف على التفاصيل

المرصد برس | 367 قراءة 

تحذير عُماني عاجل لليمن (اعلان)

العربي نيوز | 360 قراءة 

يحدث الآن في الضالع : اشتباكات في مدينة قعطبة تسبب الرعب وسط السكان

يمن فويس | 275 قراءة 

العليمي يغادر عدن بعد اجتماعات حساسة.. وترتيبات حكومية جديدة تلوح في الأفق

يني يمن | 270 قراءة