يمن إيكو|تقرير:
قفزت أسعار النفط، العالمية في تعاملات أمس الجمعة، إلى أعلى مستوياتها منذ 5 أشهر، متأثرة بمخاوف تعطل الإمدادات واحتمالات إغلاق مضيق هرمز، على خليفة الهجمات التي نفذتها إسرائيل ضد إيران، فجر أمس، وما ترتب عليها من رد فعل إيراني طال مناطق ومنشآت عسكرية إسرائيلية.
ووفقاً لما نشرته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) ورصده موقع “يمن إيكو”، فإن أسعار النفط سجلت ارتفاعاً بما يتراوح بين 8 و10%، وسط مخاوف الأسواق العالمية من انقطاع الإمدادات، بعد ساعات من الهجوم الإسرائيلي على إيران.
وبلغت أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي (تسليم أغسطس) 74.59 دولار للبرميل بارتفاع 7.54%، في حين سجلت أسعار العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي (تسليم يوليو) 73.48 دولار بزيادة 8%.
وبدأت تداعيات هجمات إسرائيل على إيران، فجر أمس الجمعة، بالظهور تدريجياً، ما يشير إلى حساسية أسواق الطاقة تجاه التقلبات الجيوسياسية، حيث يُعَد صعود الأسعار أكبر تحركات لخامي برنت وغرب تكساس الوسيط منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، في فبراير 2022.
وامتدت تداعيات الهجوم الإسرائيلي على إيران إلى شركات الطاقة أيضاً؛ إذ دفعت زيادة أسعار النفط باتجاه ارتفاع أسهم شركة إس أويل الكورية التابعة لأرامكو السعودية بما يزيد على 10%، اليوم الجمعة، وفق رويترز.
سيناريو الـ100 دولار للبرميل
رغم المخاوف من تداعيات الهجوم الإسرائيلي على إيران فإن خبير اقتصادات الطاقة مستشار تحرير منصة الطاقة الدكتور أنس الحجي، استبعد سيناريو بلوغ أسعار النفط حاجز 100 دولار للبرميل.
وقال إنه من المتوقع تراجع أسعار النفط قريباً، إذ لم تتطرأ تغييرات على أساسيات السوق، في ظل وفرة المعروض وتسجيل مخزونات الخام الصينية مستوى قياسياً- هو الأعلى حتى الآن- ويمكن إطلاقها خلال ساعات.
وبجانب الإمدادات الصينية، تعيد 8 دول من تحالف أوبك+ إلى السوق 411 ألف برميل يومياً خلال شهر يوليو المقبل، ومن المتوقع- حسب الحجي- الاتفاق على زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل إضافية يومياً في أغسطس.
ورجّح مستشار تحرير منصة الطاقة أن تزيد دول (مثل السعودية والإمارات) من إنتاجها، في ظل تغيرات جيوسياسية، مؤكداً أنه حتى إذا فقدت السوق كامل الصادرات الإيرانية المقدرة بنحو 1.7 مليون برميل يومياً فمن الصعب بلوغ أسعار النفط هذه المستويات المرتفعة، بحسب ما أورده في مداخلة مع قناة سي إن بي سي CNBC.
مضيق هرمز وحركة الشحن
ومع تصاعد الرد الإيراني وشن طهران هجمات غير مسبوقة على تل أبيب ومناطق مختلفة في إسرائيل، ذهبت توقعات خبراء الطاقة باتجاه المخاوف من إغلاق مضيق هرمز، أو تأثر حركة السفن فيه بتداعيات احتدام الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة.
وأطلقت شركة “ميتسوي أو إس كيه لاينز” اليابانية تحذيرات أمنية للسفن المارة في الخليج العربي عقب الهجوم، خاصة أن مضيق هرمز يُعَد وسيلة المرور الوحيدة بين الخليج من جهة وبحر عمان وبحر العرب من جهة أخرى.
ويمر عبر المضيق 20 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات والمنتجات المكررة يومياً، بجانب 11 مليار قدم مكعبة من الغاز المسال، حسب معلومات إس بي غلوبال.
وقد تتأثر صادرات النافثا أيضاً بالنظر إلى أن الخليج العربي والساحل الغربي للهند من أكبر المصدرين إلى شرق آسيا- خاصة اليابان وكوريا الجنوبية- بإمدادات تقترب من 50 مليون طن متري. حسب تقرير منصة الطاقة.
ويخشى متعاملون من تعثر هذه الإمدادات حال إقدام طهران على الرد، في حين توقع البعض استمرار حركة مرور السفن والبضائع بصورة عادية، لكن مع ارتفاع في أسعار الشحن والنقل والتأمين، ومن المتوقع أن تمتد المخاوف إلى حركة الناقلات.
تهديد الغاز المسال
ولا يُعَد الغاز المسال بعيداً عن مخاوف تعثر إمدادات الطاقة في ظل الهجوم الإسرائيلي والرد الإيراني المحتمل، خاصة أن طهران لوّحت بإغلاق مضيق هرمز عام 2023 في ظل مناوشات مع إسرائيل.
وأمس الجمعة، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بعدما شنّت إسرائيل موجة ضربات على إيران، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب أوسع في منطقة محورية لإمدادات الطاقة العالمية. حيث قفزت العقود الآجلة القياسية بنسبة 5.7% الجمعة، مسجلة أكبر ارتفاع منذ أكثر من خمسة أسابيع.
ويُعَد مضيق هرمز ممراً رئيساً لصادرات الغاز المسال القطري والإماراتي إلى الصين، طبقاً لبيانات أوردها موقع إس بي غلوبال.
واستوردت بكين 18.35 مليون طن متري من الدوحة العام الماضي، بالإضافة إلى توقيع 10 عقود توريد طويلة الأجل بين البلدين بأحجام تصل إلى 26.9 مليون طن متري.
واشترت الصين من الإمارات 851 ألف طن متري خلال المدة نفسها، بارتفاع 27% على أساس سنوي، ووقّع الطرفان 5 عقود توريد بإجمالي 3.1 مليون طن متري تضاف للعقود قيد التنفيذ بالفعل.
وينعكس إغلاق المضيق أو تعرضه لتهديدات سلباً على خريطة الموردين والطلب، ومن المحتمل أن تتسبب هذه التقلبات الجيوسياسية في زيادة الطلب على الغاز المسال الأسترالي، فيما لا تزال توقعات استفادة الغاز المسال الروسي من الأحداث “محدودة”، في ظل استمرار العقوبات.
وبجانب الأضرار المحتملة في نقل الشحنات، قد تؤدي تداعيات الهجمات التي بدأتها إسرائيل في مفاوضات أمريكية إيرانية إلى ارتفاع أسعار الغاز المسال، خاصة أن تعطل الإمدادات من مضيق هرمز قد يدفع بالصين للشراء من السوق الفورية، وهو ما يعزز سيناريو صعود أسعار النفط أيضاً لتلامس حاجز 100 دولار للبرميل وربما تتخطاه في حال تفاقمت المواجهة، وتوقفت إمدادات النفط الإيراني والخليجي عبر مضيق هرمز، وهو ما قد يغير خريطة الطلب العالمية في أسواق الطاقة.
سيناريو معاكس للمكاسب
وفي حين أن ارتفاع أسعار النفط الخام والغاز الطبيعي المفترض، يعود بالفائدة والمكاسب الكبيرة على الدول الشرق أوسطية المنتجة والمصدرة لهذه الموارد من خلال زيادة إيراداتها وتقليل العجز المالي الذي تشهده، إلا أن السيناريو المعاكس لهذه الفوائد يتمثل في توقعات تفاقم الصراع وتحول الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل إلى صراع شامل يتسبب في إغلاق مضيقي هرمز الواقع تحت سيطرة إيران، وباب المندب في جنوب البحر الأحمر الذي يقع تحت السيطرة النارية لقوات حكومة صنعاء، التي تقود منذ السابع من أكتوبر عمليات عسكرية لا هوادة فيها لإسناد قطاع غزة. حسب المحللين.
ويرى المحللون أن هذا السيناريو سيفوت فرصة المكاسب على دول المنطقة، خصوصاً دول الخليج الست، وعدد من الدول الآسيوية التي تمر صادراتها ووارداتها- بالذات الصين- عبر مضيق هرمز، كما ستتأثر السوق الأوروبية التي تأتي صادراتها من الغاز الطبيعي عبر مضيق هرمز ومضيق باب المندب.
وقصفت إسرائيل- خلال الساعات الأولى من صباح الجمعة- مواقع إيرانية، واغتالت قادة عسكريين وعلماء ذوي صلة بالبرنامج النووي، ومع حلول مساء اليوم نفسه شنت إيران هجمات واسعة على مناطق ومنشآت عسكرية في إسرائيل، بما فيها وزارتا الدفاع والأمن الإسرائيليتان في تل أبيب.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news