من ‎عدن إلى حضرموت.. سواحل الجنوب بانتظار الطوفان!

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 695 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
من ‎عدن إلى حضرموت.. سواحل الجنوب بانتظار الطوفان!

‎في مدينة تقف عند حافة البحر والتاريخ، تندفع عدن اليوم نحو مصير مقلق، تحكمه فوضى التخطيط وتجاهل القوانين البيئية، في سباق عمراني لا يستند إلى رؤية ولا يُبنى على أسس الاستدامة. فمنذ ما بعد حرب مارس 2015، شهدت عدن وسواحل محافظات جنوبية مجاورة مثل أبين وحضرموت، ازدهارًا عشوائيًا في مشاريع المدن السكنية، يُنفّذ في الغالب دون تخطيط حضري، وبعيدًا عن الرقابة المؤسسية.

 

‎هذا التوسع لا يعكس نموًا طبيعيًا، بل يكشف عن فقدان البوصلة في إدارة الأرض والساحل. فعلى الرغم من أن عدن تُعد، بحسب دراسات علمية موثوقة، من بين أكثر ست مدن في العالم عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر، تُواصل هذه المشاريع التمدد نحو الشريط الساحلي، دون تقييم للأثر البيئي، ودون أن تأخذ بعين الاعتبار هشاشة المناطق المعنية.

 

‎تشير التقديرات إلى أن أجزاء واسعة من خور مكسر، المنصورة، البريقة، وسواحل أخرى، مهددة بالغرق خلال العقدين القادمين، ومع ذلك تُبنى فيها مزيد المساكن وكأن المياه لن ترتفع، والكارثة من نسج الخيال!.

 

‎الخطورة تتضاعف حين نعلم أن بعض هذه المشاريع أُقيمت على حساب محميات الأراضي الرطبة في عدن، وهي خمس محميات طبيعية تمثل صمامات أمان بيئي للمدينة، وتؤدي دورًا جوهريًا في حماية التنوع الحيوي وتخفيف آثار التغير المناخي. البناء فوق هذه المناطق لا يُعد فقط انتهاكًا للقانون، بل يُدمّر منظومات بيئية لا يمكن تعويضها، ويُفاقم هشاشة الساحل أمام أي ارتفاع محتمل لمستوى البحر.

 

‎وفي أماكن أخرى، يُقام البناء في مجاري السيول والأودية، ما يفتح الباب أمام كوارث محققة مع كل موسم أمطار غزيرة.

 

‎إن غياب الالتزام بتوصيات هيئة حماية البيئة ومؤسسات التخطيط العمراني، لا يؤدي فقط إلى إهدار المال العام والخاص، بل يُنتج مناطق سكنية محفوفة بالمخاطر، لا توفر أدنى درجات الأمان لسكانها، وتُراكم تحديات اقتصادية وبيئية جسيمة يصعب احتواؤها لاحقًا.

 

‎ما يحدث اليوم على سواحل عدن ليس تنمية، بل ارتجال عمراني يُقام تحت عناوين مضللة. وهو استخفاف بحقائق علمية صارخة، وتغاضٍ عن مصير مدينة لم تُشفَ بعد من جراح الحرب، ولم تُمنح فرصة للتخطيط أو التعافي.

 

‎فهل ننتظر حتى تغمر المياه هذه "المدن الجديدة" وتُصبح ذكرى؟ أم نملك شجاعة الاعتراف بالخلل وإعادة توجيه السياسات قبل فوات الأوان؟.

 

‎إن ما هو على المحك ليس مجرد مشاريع إسكان، بل مصير مدينة، وحق أجيال قادمة في بيئة آمنة، وتاريخ لن يتسامح مع أولئك الذين أداروا ظهورهم للعلم، وسكتوا عن العبث.

 

‎* صحفي علمي متخصص في تغطية قضايا المناخ والبيئة.

 

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

بالتفاصيل: الجوازات السعودية تعلن الفئات الممنوعة نهائياً من تأشيرات الزيارة

نيوز لاين | 405 قراءة 

وصول تعزيزات عسكرية الى حضرموت

كريتر سكاي | 381 قراءة 

رئاسة الجمهورية تحذر الشعب من هذه الأمر الخطير.. تفاصيل!!

موقع الأول | 342 قراءة 

انشقاق قائد حوثي يكشف عن أزمة داخلية حادة وانهيار ميداني

نافذة اليمن | 296 قراءة 

من دون كفيل أو عقد عمل.. السعودية تطلق إقامة مميزة لمدة 5 سنوات برسوم رمزية وامتيازات كبيرة

نيوز لاين | 251 قراءة 

حضرموت على صفيح ساخن .. “الانتقالي” يدفع بتعزيزات ضخمة و“بن حبريش” يدعو للإحتشاد بعد تهديدات بـ“معركة كبرى”

يني يمن | 217 قراءة 

اليمن: انهيار رقمي يضرب الدعاية الحوثية.. والجماعة تنسبه لمؤامرة أمريكية–إسرائيلية

يمن فيوتشر | 207 قراءة 

وفاة الشيخ المهندس محمد المقرمي بعد رحلة إيمانية وعمل خيري

بوابتي | 193 قراءة 

مأساة في صنعاء: خمر الموت يرفع حصيلة الوفيات إلى 12 شخصًا وسط مخاوف من ارتفاع العدد

المشهد اليمني | 180 قراءة 

وفاة الداعية ‘‘محمد المقرمي’’ أثناء استعداده لصلاة الفجر في مكة المكرمة

المشهد اليمني | 177 قراءة