عتق – خاص
في مشهد يعكس عمق التناقض والعبث السياسي في الجنوب اليمني، شرع المجلس الانتقالي الجنوبي، المسيطر فعليًا على القرارين الأمني والخدمي في محافظة شبوة، بنقل شحنات من النفط الخام من قطاع S2 في منطقة العقلة إلى العاصمة المؤقتة عدن، في وقت تعيش فيه المحافظة المنتجة للنفط تحت وطأة ظلام دامس وانهيار شبه كلي في خدمات الكهرباء.
وعلى مدى أكثر من أسبوعين، تشهد مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، ومعها عدد من مديريات المحافظة، انقطاعات كهربائية تتجاوز 20 ساعة يوميًا، في ظل غياب أي بوادر لمعالجة الأزمة أو توفير وقود الديزل لتشغيل محطات التوليد. وتبدو السلطات المحلية، التي تعمل تحت إشراف وتوجيه مباشر من المجلس الانتقالي، عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للسكان، في مفارقة صارخة مع مواكب ناقلات النفط التي تتحرك يوميًا من الحقول تحت حراسة أمنية مشددة نحو عدن.
ويرى مراقبون أن ما يحدث في شبوة يتجاوز مجرد فشل إداري، ليصل إلى حدود ما يشبه “النهب المنظم”، حيث تُنقل الثروات الطبيعية من محافظة تعاني من الحرمان والغياب الكامل للبنية التحتية إلى مناطق أخرى تُصرف عليها العائدات دون اعتبار لحقوق السكان الأصليين.
وقال أحد النشطاء المحليين في تصريح لـ”الصحيفة”:
“ما يجري في شبوة هو استخفاف واضح بحقوق الناس. نحن نرى النفط يُنقل في وضح النهار، بينما لا يجد أطفالنا ما يضيء لهم ليلهم. الكهرباء مقطوعة، المستشفيات تعاني، المدارس بلا تجهيزات، في حين تذهب أموال نفطنا إلى مشاريع لا نعرف عنها شيئًا.”
ويطرح أبناء شبوة تساؤلات ملحّة:
أين تذهب عائدات النفط المستخرج من أرضهم؟
لماذا لا تُخصص حصة عادلة للمحافظة من مواردها؟
ولماذا يتعامل المجلس الانتقالي مع شبوة وكأنها مستعمرة نفطية تدر الأموال دون أن تُمنح شيئًا من العوائد؟
ويخشى الأهالي من أن استمرار هذا النمط من الاستنزاف سيؤدي إلى تأجيج الاحتقان الشعبي، ويفتح الباب أمام احتجاجات واسعة، خاصة في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء، وغياب الماء، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، وتفشي البطالة والفقر.
ويؤكد مراقبون أن معالجة هذا الوضع تتطلب تدخلًا فوريًا يعيد التوازن في توزيع الثروة، ويضمن أن يكون لسكان شبوة، الذين تحملوا سنوات من التهميش، نصيب عادل من خيرات أرضهم. كما يدعون إلى إعادة النظر في السياسات المركزية التي تُملى من خارج المحافظة دون مراعاة لاحتياجات سكانها ومعاناتهم.
في النهاية، تبقى شبوة، برغم ثرائها الطبيعي، نموذجًا حيًا لما يمكن أن تفرزه السياسات الانتقائية من أزمات مركبة، وتظل معاناة أهلها شاهدة على فشل كل من يتغافل عن العدالة ويقدّم المصالح الضيقة على حساب الحق العام.
شارك هذا الموضوع:
فيس بوك
X
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news