أعده التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” نسيم الشرعبي:
مع اقتراب عيد الأضحى، تحوّلت أسواق مدينة تعز إلى ملاذ للتسوّق لسكان مدينة الحوبان الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بحثًا عن عيد بأقل التكاليف، رغم استمرار بعض العراقيل والتفتيش في النقاط الأمنية التابعة للحوثيين.
تقع الحوبان شرق مدينة تعز، وهي خاضعة عسكريا لسيطرة جماعة الحوثي منذ 2014، ومع رفعها الجزئي للحصار عن مدينة تعز في 13 يونيو/حزيران، شكل فتح المنفذ متنفساً لسكان مدينة الحوبان.
ومنذ أيام تشهد مدينة تعز حركة تجارية نشطة بعد أن أصبحت أسواقها وجهة مفضلة للمتسوقين من مناطق سيطرة الحوثيين، وتحديدًا من الحوبان، بسبب فرق الأسعار الكبير، ووفرة الخيارات، وسهولة التعامل بالريال السعودي.
رحلة البحث عن فرق السعر
في سوق التحرير الأعلى، أحد أقدم أسواق المدينة وأكثرها ازدحامًا، تتردد لهجات الزوّار القادمين من شرق المدينة، يتنقلون بين المحال ويسألون عن الأسعار، يحملون الريال السعودي في جيوبهم، ويبحثون عن الأفضل لأطفالهم، ويقارنون العروض.
يقول نادر الصلوي، أحد بائعي الملابس: “منذ أسبوع بدأ الإقبال يتزايد بشكل واضح، خاصة من أهالي الحوبان”.
وأوضح الصلوي لـ”يمن ديلي نيوز”: “يأتي أهالي الحوبان إلى هنا لأن الأسعار أرخص. وبالمقارنة مع صرف الريال السعودي بين تعز والحوبان، فإن أسعار الملابس في المدينة أقل بنحو 30%، وهذا يسهل عليهم كثيرًا”.
احد شوارع سوق التحرير بمدينة تعز (خاص)
ومن جانبها قالت سميرة محمد، وهي إحدى القادمات من الحوبان إلى مدينة تعز لشراء ملابس العيد لأطفالها: “أخي رسل لي ب 300 سعودي، في المدينة تساوي ضعف قيمتها مقارنة بالحوبان… اشتريت ملابس لأطفالي بما كنت سأدفعه هناك على طقم واحد فقط”.
وأوضحت سميرة لـ”يمن ديلي نيوز” أن “سعر صرف مبلغ 100 ريال سعودي بالعملة القديمة في الحوبان يصل إلى 15 ألف ريال يمني، لكنها لا تكفي لشراء طقم بدلة كاملة لأحد أطفالي”.
وأضافت: “بينما هنا في مدينة تعز تُصرف الـ100 ريال سعودي بما يعادل 66 ألف ريال (قعيطي)، وأتمكن بها من شراء طقم لأحد أولادي وربما بسعر أقل”.
وأشارت سميرة إلى أن الرحلة رغم صعوبتها، خصوصًا أن جماعة الحوثي تغلق الطريق في السادسة مساءً، والانتظار الطويل عند نقاط التفتيش، إلا أنها “أهون من دفع مبالغ خيالية مقابل نفس الأغراض”.
وإلى جانب الأسعار، يبدو تنوع الخيارات عاملًا رئيسيًا لجذب المتسوقين، وهو ما أكده أحمد الحبشي، تاجر مكسرات وحلويات وسط المدينة، بقوله: “نوفر منتجات محلية ومستوردة، والزبائن يقارنون فورًا بالأسعار في الحوبان، ثم يقررون الشراء من هنا مباشرة”.
ويعتقد الحبشي أن استمرار الوضع كما هو عليه “يجعل من مدينة تعز مركز جذب تجاري حتى للناس من خارجها، ولكن ذلك يزيد العبء على البنية التحتية والخدمات في المدينة”.
احد محلات بيع المكسرات في سوق التحرير بمدينة تعز
الأضاحي
ويتكرر المشهد ذاته في سوق الأضاحي بمنطقة التحرير الأسفل، حيث يقول تاجر الأضاحي القادم من ريف الضباب، أكرم البحيري، إن هذا العام يشهد تحسنًا طفيفًا في الإقبال مقارنة بالعام الماضي، خصوصًا من قبل القادمين من الحوبان.
وأضاف البحيري: “الناس صارت تقارن قبل ما تشتري، في فرق واضح بالسعر، خصوصًا عندما نقارن بالريال السعودي”.
وأوضح أن “سعر الخروف المتوسط بمنطقة التحرير يتراوح بين 270 إلى 290 ألف ريال، أي ما يعادل 500 ريال سعودي، بينما في الحوبان تجده بقيمة 120 ألف (قديم) وأكثر، أي ما يعادل 800 ريال سعودي”.
وتابع: “القادمون من الحوبان يعرفون قيمة الفارق في السعر، ويشترون بسرعة، ويتعاملون بالريال السعودي، وهذا يسهل عليهم الشراء”.
سوق الاضاحي في منطقة التحرير بمدينة تعز (خاص)
طريق محفوف بالمخاطر
وحول الصعوبات والمخاطر التي يواجهها القادمون من الحوبان إلى تعز، يقول علي مهيوب، شاب في العشرين من عمره: “الطريق مرهق، ونتعرض للتفتيش الدقيق والانتظار لساعات طويلة، خصوصًا في النقاط الحوثية”.
وذكر في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” أنه “بالرغم من تلك المعاناة، إلا أننا مجبرون، لأن ما نشتريه من تعز لا يمكن مقارنته بما نجده في الحوبان، فالأسعار هناك لم تعد تُطاق”.
آليات السوق
وفي تعليقه على الظاهرة، قال الخبير الاقتصادي “وفيق صالح” إن الفرق في الأسعار مرتبط بآليات السوق، حيث أن “أسواق تعز تخضع للعرض والطلب، وهو ما يخلق تنافسية حتى مع تدهور العملة”.
وقال صالح في تصريح خاص لـ”يمن ديلي نيوز”: “الأسعار في مناطق الحوثيين لا تُحدد وفق قواعد اقتصادية، بل تُفرض عبر جبايات وإجراءات أمنية، ما يفقد السوق مرونته ويُثقل كاهل المواطن”.
وفي قراءة لسلوك المستهلك، أشار صالح إلى أن إقبال سكان مناطق الحوبان الخاضعة لسيطرة الحوثيين على الشراء من مدينة تعز، رغم الفارق الكبير في قيمة العملة بين الجانبين، يُعد دليلًا على أن حركة السلع في تلك المناطق لا تتأثر بسعر الصرف الرسمي المفروض من الجماعة، بل تخضع لمعطيات أخرى خارج الإطار الاقتصادي.
وأوضح أن من أبرز تلك العوامل القيود المفروضة على النشاط التجاري، وعلى رأسها الجبايات والإتاوات التي تُفرض على التجار، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ويحد من التنافسية وتنوع الخيارات المتاحة للمستهلكين.
وأضاف صالح: “الأسواق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، رغم التحديات الاقتصادية، تمنح فرصة أفضل للمواطنين، خاصة لمن يتقاضون دخولًا بالعملة الصعبة، حيث تسمح آلية السوق المفتوحة بتوفير سلع بأسعار أكثر مرونة مقارنة بمناطق الحوثيين التي تفرض سعرًا قسريًا للريال لا يعكس الواقع الاقتصادي”.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن الأسعار في مدينة تعز تظل أكثر تنافسية، مع توفر خيارات أوسع نتيجة تنوع سلاسل الإمداد، وهو ما يُمكّن المواطنين من التكيف نسبيًا مع تداعيات الأزمة الاقتصادية.
مرتبط
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news