نعيش اليوم في واحدة من أسوأ المراحل التي مرت بها البلاد منذ عقود. مرحلة تتسم بالفشل المتكرر والانهيار الشامل في كافة الجوانب: السياسية، والاقتصادية، والخدمية، وسط غيابٍ تام لأي مؤشرات على تغييرٍ إيجابي قادم. كل يوم يزداد الوضع سوءًا، ولا يملك المواطن سوى التعايش مع واقع لا يرحم، في ظل قيادة فقدت القدرة على تحمل المسؤولية أو حتى الرغبة في ذلك.
لم يعد مقبولًا تكرار الاسطوانة المشروخة عن "البند السابع" أو تحميل التحالف العربي وحده المسؤولية، فالحقيقة الصادمة أن القيادات المحلية بكل تشكيلاتها تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية الانهيار، بعد أن فشلت في إدارة الدولة وعجزت عن توفير أبسط مقومات الحياة الكريمة. الخدمات تنهار، العملة تتهاوى، قطاع الصحة يلفظ أنفاسه، والتعليم في غرفة الإنعاش، فيما يعيش المواطن بين مطرقة الفقر وسندان الفساد.
مجلس القيادة الرئاسي، وهو أعلى سلطة تنفيذية في البلاد، تحول إلى ساحة للمحاصصة وتبادل الامتيازات، لا يلتقي أعضاؤه إلا لتقاسم السلطة والمنافع المالية. ولكل طرف من أطراف المجلس تبعية لدولة من دول التحالف، يقدم لها الولاء الكامل مقابل الدعم السياسي والمالي، في حين أن الولاء الحقيقي للمواطن اليمني صار عملة نادرة في قاموس هؤلاء.
لقد تهاوت الشعارات التي كانت تُلهب مشاعر الناس وتُغذّي آمالهم، وسقط القناع عن تلك القيادات التي طالما ادعت أنها المنقذ. اليوم، تثبت الوقائع أن تلك القيادات باتت تستند على الأجهزة القمعية والترسانة العسكرية لضمان بقائها، لا لخدمة الشعب، بل لحماية نفوذها ومصالحها ومشاريعها الاستثمارية، داخل البلاد وخارجها.
وسط هذا الانهيار الشامل، بدأت ملامح التمرد المدني تتشكل، وارتفعت أصوات المطالبين بالحقوق الأساسية. في مشهد استثنائي، كانت النساء – حرائر عدن – في طليعة من خرجوا لكسر حاجز الخوف، مطالبات بخدمات الكهرباء والماء والدواء والغذاء والتعليم، أي بأبسط حقوق الإنسان.
إن استمرار تجاهل هذه المطالب، والتمادي في الفشل، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانفجار الشعبي. فالصبر الذي عُرف به اليمنيون بدأ ينفد، ولا يمكن لأي سلطة أن تستمر بالقوة وحدها، مهما عظمت ترسانتها، إن فقدت شرعيتها وسقطت في أعين الناس.
ختامًا، لم يعد المواطن يطلب الكثير، فقط الحد الأدنى من العيش الكريم، وقيادة تتحمل مسؤوليتها بأمانة ونزاهة، لا قيادة تتغنى بالشعارات وتعيش في أبراج من الوهم والثراء على حساب أوجاع الناس.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news