فهد القرني .. حين يتحول الفنان إلى أداة تمزيق لوطنه
قبل 2 دقيقة
في زمنٍ باتت فيه المنابر الفنية مساحة للتنوير، والتقريب بين الشعوب، والتعبير الحر عن قيم الجمال والحرية والكرامة، يطل علينا فهد القرني كنموذج صارخ لتحريف الفن عن مساره، واختزاله إلى أداة تحريض طائفي تخدم أجندات جماعة الإخوان المسلمين، على حساب الوطن والضمير.
فهد القرني لم يكن يومًا فنانًا ملتزمًا بقضايا الإنسان أو حاملًا لرسالة الفن النبيلة، بل على العكس فقد انطلق منذ بداياته في مسار ملوث بالغش والكذب حين طلب من زملائه المساهمة في جمع تبرعات لشراء أرض لبناء مسرح يخدم مدينة تعز، ثم ما لبث أن اختفى ومعه المال، وقطع كل روابطه مع أولئك الذين وضعوا ثقتهم فيه، هكذا سقط القناع مبكرًا، وكَشف عن وجه لا يعرف من الوفاء شيئًا.
في مطلع التسعينيات، حاولتُ أن أقنع أحد مدراء الثقافة في إحدى المحافظات أن يتبنى فهد القرني كفنان شاب، لكنه اعترض بشدة وقال لي بالحرف الواحد: "القرني حالة سيئة مرضية، إنه مهرج وليس فنان" كلماته هذه ما زالت تدوي في رأسي. لقد كانت صدمة، لكن مع متابعتي له كأحد المكرسين بالدراما اليمنية أدركت صحة توصيف ذلك الصديق، فهو لم ينتج عملًا فنيًا محترمًا، بل كان مهرجًا وسارقًا للأفكار، يشوه المجتمع ويغرس ثقافة الكراهية ويمزق النسيج الاجتماعي.
إنه، كما وصف (آلان دونو) صاحب كتاب "عصر التفاهة"، فكل الأوصاف التي وردت بالكتاب تنطبق عليه.
سأذكّر الجميع بفيديو له في مأرب وهو يخادع الناس بأنه يقاتل في الجبهة، حيث كان يتكلم وهو يحمي رأسه من الرصاص، ليأتي شخص من الأعلى ويكشفه.
وإذا استعرضنا كل أعماله الفنية، فلن نجد عملا يقدم محتوى ثقافي أو معرفي، لأنه باختصار شديد مهرج.
غير أن الأخطر من هذا كله، هو ما أظهره لاحقًا من نزعة عدائية عنصرية مقيتة، حين ظهر في تسجيل مصور موجّهًا أقبح الشتائم إلى أبناء الجنوب، مستخدمًا ألفاظًا سوقية تمس كرامتهم وشرفهم وعرضهم، في فعل لا يصدر عن فنان حقيقي، بل عن محرضٍ غارق في الطائفية والكراهية.
ما فعله القرني ليس مجرد "خطأ شخصي" كما قد يروج البعض، بل هو انعكاس مباشر لأيديولوجية جماعة الإخوان التي ترعرع في كنفها، والتي دأبت على تمزيق اليمن وزرع الفتن بين مكوناته.
ففنه – إن جاز تسميته بذلك – لم يحمل يوما رسالة توحيد أو سلام أو عدالة، بل كان أداة لتجييش العقول، وتسميم الوعي، وخدمة لمشروع حزبي فئوي يتغذى على الفوضى والانقسام.
نعم، فهد القرني أساء لأبناء الجنوب، وأسقط نفسه أخلاقيًا ومهنيًا، لكنه فوق كل ذلك أساء للفن اليمني، ولمهنة الإبداع، ولروح التعايش التي تربى عليها اليمنيون رغم اختلافاتهم.
إن الإهانة التي وجهها لفئة من أبناء وطنه ليست معزولة عن مسار كامل اختار فيه أن يكون صوتًا للكراهية بدلًا من أن يكون صوتًا للفن والجمال.
ما يحتاجه اليمن ،اليوم، ليس أمثال فهد القرني، بل فنانين أحرار يؤمنون بقيم الوحدة والسلام وكرامة الإنسان، أما أولئك الذين يظنون أن الفن مجرد منبر للتحريض الطائفي وبث الأحقاد، فمكانهم ليس المسرح، بل مزبلة التاريخ.
*ملاحظة: المقال يمثل كاتبه و لا يعبر عن سياسة الموقع
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news