بشرى العامري :
لم يكن الثاني والعشرون من مايو عام 1990 مجرد يومٍ لإعلان إعادة وحدة اليمن وإنهاء التشطير، بل كان ميلاداً لوطنٍ جديد، فتح أبوابه لآفاق واسعة من الحرية الفكرية، والتعددية السياسية، وصون كرامة الإنسان وحقوقه، فارتبطت الوحدة اليمنية منذ لحظاتها الأولى بالديمقراطية، كخيارٍ أصيل ومسارٍ وطني، لا رجعة عنه.
وجاء النص الدستوري للجمهورية اليمنية ليؤكد هذا الالتزام، بوضوح على تبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في خطوة متقدمة وغير مسبوقة في معظم دساتير الدول، إذ حمّلت اليمن نفسها التزاماً قانونياً كاملاً تجاه تلك الوثيقة الدولية، وليس مجرد التزام أخلاقي أو معنوي فقط.
ومع إعلان الوحدة، دشّن اليمن عهداً جديداً من الحريات، فشهدت البلاد ازدهاراً في المشهد الإعلامي، وتصدّرت الصحف المستقلة الواجهة خلال السنوات الأربع الأولى، في زمنٍ أصبحت فيه البلاد في طليعة الدول العربية في مساحة الحريات الصحفية.
كما فتحت الأفق أمام الحراك الحقوقي، فانشئت منظمات المجتمع المدني، ونمت حركة حقوق الإنسان جنباً إلى جنب مع مولد الجمهورية اليمنية، لتشكل تلك المنظمات شريكاً فاعلاً في مسيرة البناء الوطني والتنمية المستدامة.
ولم يقتصر تأثير المجتمع المدني على الداخل فحسب، بل امتد إشعاعه الحقوقي والديمقراطي ليشكل نموذجاً مشرقاً في الفضاء العربي، حيث أسهم في ترسيخ مبادئ الديمقراطية والعدالة والمساواة.
وارتبط انبثاق المشهد الحقوقي الحديث في البلاد بولادة الدولة الجديدة، وشكّل ركيزة أساسية في رسوخ التحول الديمقراطي على مدى أكثر من ثلاثة عقود. ولولا نضال منظمات حقوق الإنسان، ومؤسسات الحريات، لما ترسخ هذا الوعي المجتمعي العميق بقيم الديمقراطية، وقبول الآخر، والتصدي لخطابات الكراهية والتشظي التي تحاول ميليشيا الحوثي أن تفرضها على واقعٍ يمنيٍ عرف طعم الحرية، وتربّى على معنى التعدد والاختلاف الحضاري والفكري.
وستظل الوحدة اليمنية إنجازاً خالداً، لا يمكن إنكاره، فقد نقلت اليمن من حالة الانقسام إلى فضاء التوحد، ومن ضيق الاستبداد إلى رحاب وطنٍ متنوع، يزهو بثقافته، ويفتخر بقدرات أبنائه، ويؤمن إيماناً راسخاً بالعدالة والمساواة وحقوق الإنسان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news