أ.د مهدي دبان
في كل عام، يهفو فؤادي، و يتشوق قلبي، و تتلهف نفسي لتحل في تلك الرحاب الطاهرة، وأمر بتلك البقاع الفاضلة، حيث تهطل الرحمات، وتُغسل الذنوب، وتُطهر القلوب. يزداد شوقي لأداء تلك المناسك العطرة، التي شرعها الله -سبحانه وتعالى- وجعل فيها مقامات للذكر والطاعة، وفضلا عظيما لا يناله إلا من اصطفاه.
كم يعتصر قلبي ألما حين أرى وفود الحجيج تتوجه إلى بيت الله الحرام، وأشعر بروحي تسبقني إلى هناك، إلى عرفات ومنى ومزدلفة، إلى البيت العتيق، حيث السكينة والطمأنينة، وحيث تنسك الأبدان وتتطهر الأرواح.
وقد وجدت نفسي كثيرا ما أردد كلمات الشاعر عبدالرحيم البرعي، فهي تصف حالتي تماما:
يا راحلين إلـى منـى بقيـادي
هيجتموا يوم الرحيـل فـؤادي
من نال من عرفات نظرة ساعة
نال السرور ونال كل مـرادي
وكم أثرت في هذه الأبيات الأخرى:
ضحوا ضحاياهـم وسال دماؤها
وأنا المتيّم قد نحرتُ فؤادي
هكذا هو شعوري في كل عام، شعور يختلط فيه الألم بالشوق، والعجز، والرجاء بالأمل، أن أكون ممن وفقه الله ليكون من وفده، من ذلك الرعيل المبارك الذي كتب الله له السير إلى بيته، وأداء المناسك، والوقوف بعرفات.
فالحج في نظري ليس مجرد طواف وسعي، بل هو تزكية للروح، وتطهير للنفس، وامتثال لأمر الله، واقتداء بنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وامتلاء للقلب بتعظيم الله وشعائره وأحكامه.
أذكر دائمًا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يملأ قلبي رجاء:
"العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة."
اللهم إني أسألك بحق هذه المشاعر، وصدق هذا التعلق، ألا تحرمنا حج بيتك، ولا تمنعنا الوقوف بعرفات، و بلغنا ما نتمنى، و اكتبنا من وفودك وعبادك المقبولين، إنك ولي ذلك والقادر عليه
.
//
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news