عرفتُ الفقيد المناضل أمين صالح محمد، وأنا في مقتبل طريقي المهني، حين كنت محاميًا متدرّبًا لدى الأستاذ الزميل والأخ الكريم المحامي محمد العمراوي. كانت تلك الرحلة إلى الضالع، وتحديدًا إلى الأزارق في العام 1999م، نقطة فاصلة في وعيي الوطني والحقوقي، حيث كُلّفنا بمهمة الدفاع والمرافعة عن المناضل أمين ورفاقه من أعضاء اللجنة الشعبية، الذين جرى اعتقالهم ظلماً وزُجّ بهم في حفرة أرضية كانت تُستخدم كسجن بدائي، في مشهد يكشف عن وحشية نظام الاحتلال اليمني آنذاك، وقسوته تجاه أبناء الجنوب الأحرار.
حينها، كنا ضمن مجموعة من النشطاء الحقوقيين المنتمين إلى منظمة العفو الدولية في لندن، نعمل انطلاقًا من عدن، بعد مرور خمس سنوات فقط على اجتياح الجنوب في حرب صيف 1994م. كانت المرحلة عصيبة، لكن روح النضال لم تكن قد انطفأت، بل ازدادت توهجًا في صدور من اختاروا طريق الكرامة والدفاع عن هوية الجنوب وقضيته العادلة.
اليوم، وبعد مرور أربعة أعوام على رحيله، كان لي شرف المشاركة في الفعالية التأبينية السنوية للفقيد، والتي حضرها الأستاذ المحامي محمد العمراوي وعدد من رفاق درب النضال الذين ارتبطوا بالراحل، لا فقط بصلة العمل والنضال، بل بصداقةٍ متينةٍ ووفاءٍ متجذر.
لقد كان أمين صالح مهندسًا حقيقيًا للثورة الجنوبية، لا بصفته التنظيمية وحسب، بل برؤيته، بثباته، وبصلابة مواقفه التي لم تتزعزع في وجه الترهيب أو الإغراء. ترك أثرًا كبيرًا في نفوس كل من عرفه، وواصل هذا الأثر مساره النضالي في دماء وجسد ابنه، الأخ العزيز مصطفى أمين صالح ، الذي حمل الشعلة من بعده بإيمان ووفاء.
في زمنٍ كثر فيه المرتبكون وتعددت فيه الاتجاهات، يبقى أمين صالح عنوانًا للثبات، ورمزًا للوفاء، وتجسيدًا حيًا لروح الثورة الجنوبية الأصيلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news