عندما يصبح الغياب موقفًا.. الشرعية اليمنية بين الفشل والتواطؤ!
قبل 15 دقيقة
لم يكن غياب الشرعية اليمنية عن القمة الخليجية–الأمريكية مفاجئًا لأحد، بل العكس تمامًا، كان حضورها هو المفاجأة المحتملة لو حصل! فالشرعية – حفظها الله في فنادقها – أصبحت تُمثل اليمن بالطريقة نفسها التي تمثل فيها الطوابع البريدية الذكريات، شيء جميل لكنه بلا فائدة عملية، ولا أحد يستخدمه بعد الآن
.
لقد ارتقت الشرعية اليمنية إلى مستوى جديد من العبقرية السياسية: غيابها صار هو موقفها. إنها تُمارس سياسة "التخفي الاستراتيجي"، فلا تحضر القمم، ولا المؤتمرات، ولا حتى اجتماعات الطوارئ. وبحسب تصريح غير رسمي لأحد مستشاري الحكومة (الموجود حاليًا في صالة انتظار بمطار إسطنبول)، فإن هذا الغياب المقصود "يُرسل رسالة عميقة للمجتمع الدولي بأننا لا نريد إحراجه بوجودنا".
ومن يدقق في الأمر سيكتشف أن الغياب المتواصل ليس مجرد فشل دبلوماسي، بل فن معقد من فنون التواطؤ. فكلما اختفى ممثلو الشرعية من المحافل، تنفس الحوثي الصعداء، وارتاح المجتمع الدولي من "أحاديث الشرعية المكررة"، وابتسمت المليشيا من تحت الأرض وهي تشاهد خصومها يتراشقون على تويتر.
أما سفارات اليمن المنتشرة حول العالم، فهي تؤدي دورًا بالغ الحساسية: دور الشبح. لا تراها، لا تسمع عنها، لكنك متأكد أنها تتقاضى رواتب بالدولار. وبعضها، بالمناسبة، تحوّل إلى مكاتب عقارات، أو مجالس قات، أو نوادٍ عائلية خاصة، يلتقي فيها أولاد السفراء لممارسة "العمل الدبلوماسي" على سناب شات!
ولا ننسى الوزراء – أو بالأحرى، هواة المناصب – الذين يصرّون على البقاء في حكومات افتراضية، يشكلونها كل بضعة أشهر كأنهم يديرون لعبة "مونوبولي"، يتقاسمون الوزارات كما يتقاسم أطفال الحلوى، ثم يذهبون إلى "اللوبي" لتبادل التهاني وتوقيع قرارات لا تصل حتى إلى الطابعة.
الشرعية اليوم تبدو وكأنها فرقة موسيقية عزفت كل الألحان الخاطئة، ثم قررت أن تصمت للأبد احترامًا لذوق الجمهور. لكن للأسف، الجمهور اليمني لا يبحث عن فنانين صامتين، بل عن قادة حقيقيين قادرين على رفع علمه، لا رفع أسعار الفنادق في القاهرة وإسطنبول وعمان!
في النهاية، لعل أكثر ما يجسد حال الشرعية اليمنية اليوم هو المثل الشعبي القائل:
"غاب، غاب، ولما حضر... يا ريتو ما حضر!".
فليست المشكلة فقط أنها تغيب، بل حين تحضر، تحضر بالخيبة والتفاهة والبيانات التي لا تُقرأ إلا في مؤتمرات اللا فائدة.
نصيحة أخيرة:
إذا كان الغياب سياسة، فنقترح إدراجها في المناهج التعليمية تحت عنوان: "القيادة من تحت البطانية".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news