أطلق «التقرير العالمي حول أزمات الأمن الغذائي» لعام 2025 تحذيراً بالغ الخطورة، كاشفاً عن معاناة نحو 295 مليون شخص من الجوع الحاد في أكثر من 50 دولة خلال عام 2024، أي ما يعادل 22.6% من السكان المشمولين بالتحليل، وهو أعلى مستوى منذ بدء إصدار التقرير في 2016.
التقرير، الصادر عن «شبكة الأمن الغذائي العالمية» بالشراكة مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، أكد أن هذا التدهور يمثل الاتجاه التصاعدي السادس على التوالي، نتيجة تراكم الصراعات والأزمات الاقتصادية والمناخية.
مجاعة مؤكدة في السودان… وقطاع غزة في عزل إنساني كامل
أبرز التقرير مناطق اشتداد الأزمة، وعلى رأسها السودان، حيث أكد فريق مراجعة المجاعة التابع للأمم المتحدة تسجيل أول حالة مجاعة مؤكدة في معسكر "زمزم" بدارفور الشمالي في يوليو 2024، تلتها أربع مناطق أخرى بحلول نهاية العام، مع توقعات بتوسع المجاعة إلى خمس مناطق إضافية بحلول منتصف 2025.
أما قطاع غزة، فقد واجه منذ مارس 2024 إغلاقاً كاملاً للمعابر، ومنعاً تاماً لدخول الغذاء والدواء والوقود، ما أدى إلى تفاقم المعاناة الإنسانية وتهديد حياة مئات الآلاف من السكان.
اقتصاد هش ومناخ متقلب
ولم تقتصر الأسباب على الحروب، بل ساهمت الأزمات الاقتصادية والمناخية بدور كبير في تعميق المأساة. فارتفاع الأسعار العالمية، وضعف العملات المحلية، وتفاقم الديون، كلها عوامل أضعفت قدرة ملايين العائلات على تأمين الغذاء، خصوصاً في دول مثل اليمن وسوريا وأفغانستان.
وفي المقابل، تسببت الكوارث المناخية من جفاف وفيضانات وعواصف في تدمير المحاصيل وارتفاع الأسعار، خاصة في شرق إفريقيا وجنوب آسيا، مع توقعات باستمرار هذه الظواهر خلال النصف الثاني من 2025.
أطفال على حافة الموت
كشف التقرير عن أزمة صحية صامتة، تتمثل في معاناة 37.7 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء تغذية حاد، بينهم أكثر من 10.2 مليون طفل يواجهون خطر الموت المباشر، في ظل تفشي أمراض قاتلة مثل الكوليرا والحصبة، ونقص حاد في اللقاحات والخدمات الصحية، خاصة في مخيمات النزوح.
النزوح القسري يغذي الجوع
وسجّل التقرير 95.8 مليون نازح قسرياً في البلدان المتأثرة بأزمات الغذاء، بزيادة قدرها 4% عن العام السابق، مع تركز الكثافة في السودان وسوريا والكونغو الديمقراطية. وأشار إلى أن هؤلاء النازحين أكثر عرضة للجوع بسبب ضعف الوصول للغذاء والخدمات.
تمويل يتراجع… وإنذار أخير
رغم تفاقم الأزمة، أشار التقرير إلى تراجع الدعم الدولي للقطاعات الغذائية بنسبة 45%، محذراً من أن أكثر من 14 مليون طفل مهددون بفقدان خدمات التغذية العلاجية إذا لم يتحقق تدخل عاجل.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف الجوع في القرن الحادي والعشرين بأنه "لا يُمكن تبريره"، معتبراً أن التراجع في تمويل المساعدات "فشل أخلاقي في حق الإنسانية".
ودعا مدير منظمة الأغذية والزراعة شو دونيو إلى الاستثمار في الزراعة الطارئة وتعزيز النظم الغذائية المحلية، باعتبارها حلاً أكثر فاعلية واستدامة من مجرد الإغاثة المؤقتة.
خلاصة التقرير: المجاعة ليست شبحاً بعيداً… بل واقع قائم يتطلب تحركاً جذرياً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news