نفذت إسرائيل، مساء الجمعة، سلسلة غارات جوية مكثّفة استهدفت الموانئ الاستراتيجية في غرب اليمن الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثيين الارهابية المدعوما ايرانيا، في تصعيدٍ عسكري يُعتبر الأوسع منذ أشهر، وذلك بعد ساعاتٍ من مغادرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب منطقة الخليج، حيث أجرى محادثاتٍ شملت ملفّ التهديدات الإقليمية.
وأكدت مصادر عسكرية إسرائيلية تدمير أهدافٍ عسكرية "حيوية" تابعة للحوثيين في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، بينما توعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ"حملة طويلة" لملاحقة زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
وفقاً لبيانٍ صادر عن الجيش الإسرائيلي، شاركت عشرات المقاتلات في العملية التي أسقطت خلالها أكثر من 50 قنبلة على منشآتٍ وصواريخ(أرض- أرض) وطائرات مسيّرة تُستخدم بحسب الادعاء الإسرائيلي في "هجمات إرهابية" ضد السفن الدولية والمصالح الإسرائيلية.
وأشارت قناة "المسيرة" التابعة لميليشيا الحوثيآ إلى أن الضربات تسببت بأضرارٍ "كبيرة" في البنية التحتية للموانئ، بينما نقلت وكالة فرانس برس عن مراسلها في الحديدة سماع دوي انفجاراتٍ عنيفة تزامنت مع تحليق طائرات غير معروفة الهوية.
جاءت هذه التطورات بعد ساعاتٍ من إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن بلاده "ستلحق ضرراً استراتيجياً بقدرات الحوثيين"، مضيفاً في تصريحٍ لاذع: "لن نتردد في ملاحقة عبد الملك الحوثي شخصياً وإزالته من المشهد".
من جانبه، حذّر نتنياهو في خطابٍ متلفز من أن "الضربات الأخيرة ليست سوى البداية"، مشيراً إلى أن إسرائيل "ستواصل حماية مصالحها بأي وسيلة ضرورية".
وكان الجيش الإسرائيلي قد أصدر تحذيراً غير مسبوق الأربعاء الماضي، داعياً العاملين في الموانئ المستهدفة إلى إخلائها "فوراً"، في خطوةٍ فسّرها مراقبون كتمهيدٍ للضربات.
ووصف الناطق العسكري أفيخاي أدرعي الموانئ بأنها "قواعد لعمليات إرهابية"، مُحمّلاً الحوثيين مسؤولية "تحويل اليمن إلى ساحة تهديد للأمن الدولي".
ولم تكن الضربات الجديدة منفصلة عن سياقٍ أوسع من التصعيد المتزايد منذ أشهر.
ففي السادس من مايو/أيار الماضي، قصفت إسرائيل مطار صنعاء رداً على إطلاق الحوثيين صاروخاً كاد يصل إلى مطار بن غوريون، في حادثةٍ وصفتها تل أبيب بأنها "خط أحمر".
كما اعترف الجيش الإسرائيلي الخميس بإسقاط صاروخٍ آخر أُطلق من اليمن، ما أثار صفارات الإنذار في القدس والمناطق الوسطى.
ويأتي التصعيد الحالي في أعقاب زيارة ترامب الأخيرة للمنطقة، التي شملت السعودية وقطر والإمارات، حيث ناقش وفق مصادر دبلوماسية تعزيز التنسيق الأمني لمواجهة النفوذ الإيراني، الذي تتهمه إسرائيل ودول خليجية بدعم الحوثيين.
وقد تزامنت الضربات الإسرائيلية مع اتفاق هدنةٍ أمريكي-حوثي بوساطة عُمانية، أنهى مؤقتاً هجماتٍ متبادلة استمرت أسابيع في البحر الأحمر.
منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، زادت وتيرة الهجمات الحوثية ضد أهدافٍ إسرائيلية ودولية، كجزءٍ من إعلان الجماعة "التضامن مع الفلسطينيين".
وفي المقابل، توسّعت إسرائيل في استهداف مواقع الحوثيين، متجاوزةً في بعض الأحيان - حسب محللين- حدود الرد التقليدي إلى عملياتٍ استباقية تهدف إلى تقويض القدرات العسكرية للجماعة.
وتُظهر الخريطة المتشعبة لهذا الصراع مدى تعقيد المشهد الإقليمي، حيث تتداخل الحسابات الأمنية الإسرائيلية مع التنافس الجيوسياسي بين إيران وحلفائها من جهة، والقوى الاخرى المدعومة من الغرب من جهة أخرى.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news