*د/ محمد موسى العامري:
بعض النخب من اليمنيين عندما تحدثه عن الخطر الحوثي يقفز مباشرة إلى خطر الصهيونية العالمية على العالم ويبدأ يعدد لك مثالبها ، وأخطارها ! وأنها أشد جرماً من النازية وبالتالي تظل أخطر من مليشيا ورافضة إيران ومشتقاتها …حسناً سلمنا أن الصهيونية العالمية خطرها على العالم أشد من المشروع الإيراني وأذرعته ، لكن أنا كمواطن يمني أولوياتي الآنية في البحث عن حلول للكارثة التي حلت ببلدي وهي مشروع إيران التخريبي المدمر ، المتمثل في مليشيا الحوثي الإرهابية ، ولنترك الآخرين يتحدثون عن أولوياتهم من قطر إلى آخر فهذا حقهم ولا ضير في ذلك ولست معنياً وفقاً لإمكانياتي بإنقاذ العالم من خطر الصهيونية العالمية ،وإن تألمت لذلك وحزنت على جرائمها من منطلق ديني وقبل ذلك إنساني ،لكن تظل هذه الأوجاع في دوائر القدرة والإستطاعة ، فلو دخل بيتي لصٌ أو قاتل أو أي معتدٍ كان فهو قضيتي وفريضة الوقت في حقي هي التخلص منه وبالتأكيد لست معنياً في هذه اللحظة أن أقارن بين لصي ومن يعتدي علي بعصابات المافيا وشبكات الجرائم العالمية ، ولو نظرنا في السيرة النبوية فإن قريشاً في الفترة المكية هي الخطر المحدق بالرسالة الإسلامية يومها وليست الروم أو فارس القوتان العظيمتان في الأرض ، وبعد هزيمة المعسكر القرشي الوثني تحولت الخطورة في المجتمع المدني إلى قبائل اليهود الثلاث المتآمرة وأهل النفاق – رغم وجود فارس والروم – والقرآن كان يتنزل على رسولنا عليه الصلاة والسلام وفقاً لواقع التنزيل فالسياق المكي حديثه مستفيض عن مشركي العرب وعلى وجه الخصوص مشركي قريش وعقائدهم والسياق المديني حديثه عن النفاق وأهل الكتاب وبعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ظهر أهل الردة فجعلهم أبوبكر الصديق رضي الله عنه أولويته وتابعه الصحابة على ذلك إجماعاً رغم وجود الروم وخطورتهم في شمال جزيرة العرب وفي الشام وهكذا في عهد علي بن أبي طالب رضي الله وظهور الخوارج كانوا هم الفتنة الكبرى يومها وقاتلهم علي رضي الله عنه وحُمد على ذلك باستئصال شأفتهم وهكذا يتجلى لنا شرعاً وعقلاً أن ندفع بالخطر الأقرب الملابس لنا في ديننا ودنيانا ، دون التشعيبات وعولمة الحلول هروباً من معالجة الواقع المحلي ، وحينما يتحول المصلح من معالجة واقعه الى الركض حول معالجة الاخرين في بقية الكرة الأرضية يتحول الى مشروع تنظيري بعيداً عن واقعه ومنبتاً عن المحيط حوله ، يرى نفسه متصالحاً معها طالما وقد أرضاها بوجدانه ومشاعره ، وهذا بكل تأكيد لايعني تخلي المسلم أو عدم إحساسه بآلام وإخوانه المسلمين المضطهدين والوقوف إلى جانبهم ونصرتهم بما يقدر عليه، في أي مكان ، وأقل ذلك الدعاء لهم ولكنه يعني نسبية وتفاوت التقدير حول خطورة المعضلات ، وتنوع الرزايا من قطر إلى آخر وبناء على ذلك يكون فقه الأولويات في دفع المخاطر الملابسة والمتصلة موافقاً لمنطق الشرع والمسار العملي المصلحين .
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news