الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما “طريق إجباري” نموذجًا

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 125 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما “طريق إجباري” نموذجًا

يُعد الفن وسيلة قوية في عكس الواقع وتشكيل الوعي الجماعي، فهو لا يقدم للمشاهدين مرآةً لما يحدث في المجتمع فحسب، بل يُشكّل تصوراتهم وسلوكياتهم أيضًا. ومع ذلك، عندما يتضمن العمل الدرامي مشاهد عنيفة مثل “عملية السحل” التي تُظهر تطبيق العدالة خارج إطار القانون الرسمي، يبرز تساؤل حاسم: هل من الحكمة أن نستخدم ممثلات العنف والانتقام كأدوات سردية؟ وما هي الأضرار المحتملة؛ على مستوى الفرد والمجتمع؛ إذا ما تم تفسير هذه المشاهد على أنها دعم للانحراف عن النظام والقانون؟

خلفية المشهد والسياق الدرامي

يُصور مشهد السحل في الحلقة الأخيرة لمسلسل “طريق إجباري” رد فعل جماعيًا نتيجة سنوات من الظلم والقمع. فالعمل الفني، وبالرغم من نواياه في إظهار اليأس الذي يدفع الناس إلى الانتقام، إلا أنه يستخدم في هذا السياق أسلوبًا مفرطًا لتجسيد الفوضى. قد يُستخلص من ذلك أن تصوير مثل هذه الأحداث بصورة درامية مبالغ فيها، ينقل رسالة غير مباشرة بأن اللجوء إلى العنف هو الحل الأمثل في وجه إخفاقات المؤسسات الرسمية، ويصبح هذا الفعل تعميميًا.

وعلى الرغم من أن الدراما قد تعكس واقعًا معقدًا، إلا أن تبسيط العملية القانونية وإبراز الانتقام كخيار وحيد يُفضي إلى تدهور ثقافة احترام القانون والعدالة المؤسسية في بلاد يعد السلاح والقتل والحرب مشاهد روتينية لحالات الانفلات الأمني وغياب سيادة القانون.

تأثير المشاهد العنيفة على السلوك الاجتماعي

يلعب الفن دورًا تربويًا وثقافيًا هامًا؛ فهو يؤثر في تشكيل الأفكار والمفاهيم لدى الجمهور، بخاصة في البيئات التي تعاني من ضعف الثقة بالمؤسسات القانونية. عندما يُحتفى بمشاهد العنف، وتمثل على أنها أدوات للتغيير الاجتماعي، قد يبدأ المشاهد في الربط بين هذه المشاهد وبين إمكانية حصول النصر بدون مسار قضائي عادل. وفي هذه الحالة، تتحول رمزية السحل من مجرد سرد درامي إلى نموذج مُحتذى به في حل النزاعات، مما يُغذي فكرة أن القانون يمكن تجاوزه إذا كان النظام القضائي فاشلًا في تلبية مطالب الناس.

التجاوزات القانونية والأخلاقية

من المهم التأكيد أن أي نظام قانوني يسعى لتطبيق العدالة يقوم على مبادئ المساواة والشفافية، وعلى تقديس عملية المحاكمة العادلة. إن تصوير مشاهد مثل السحل، التي تُظهر تنفيذ العقوبات خارج نطاق القضاء، ينتهك هذه المبادئ الأساسية. وإذا ما زاد التأكيد على هذا النوع من التصوير في سياق الدراما، فقد يتولد شعور متزايد بأن العنف والانتقام هما الوسيلتان الوحيدتان لإنفاذ الحقوق؛ بحيث تُهمل الآليات القانونية التي وضعت لحماية المجتمع وضمان حقوق الجميع.

مسؤولية صناع الدراما والمجتمع

على صناع الأعمال الفنية في اليمن تحمل مسؤولية كبيرة في كيفية تقديم المشاهد التي تتناول موضوعات جدلية مثل العنف. فمن الضروري تقديم سياق نقدي يوضح أن هذه المشاهد تُستخدم لتسليط الضوء على معاناة شعبية أو إخفاقات مؤسساتية، وليس لتبرير أفعال لا تمت للعدالة بصلة. كما ينبغي على النقاد والجمهور أن يميزوا بين ما هو تمثيل درامي وما هو دعم فعلي لثقافة العنف. وفي ظل هذه المسؤولية، يجب على صناع الدراما البحث عن طرق سردية بديلة تُبرز أهمية اللجوء للمحاكم والآليات القانونية، وتظهر النتائج المدمرة للعنف المتطرف.

ومن هذا المنطلق، يفترض أن يتم “تعزيز الوعي القانوني”، ويتعين على الدراما أن تبرز دور الجهات القضائية والإدارية في حماية الحقوق، وأن تطرح أسئلة نقدية حول كيفية إصلاح النظم القانونية بدلًا من تصوير العنف كحل فعال. وكما يجب تعديل طريقة عرض المشاهد العنيفة بحيث تُظهر العواقب الوخيمة للانتقام، وتبرز أن اللجوء إلى مثل هذه الأفعال يؤدي إلى فوضى اجتماعية لا تنتهي. وأن يكون هناك “حوار مجتمعي” ينبغي تكثيف النقاش العام حول أهمية احترام القانون، مع التركيز على تجارب الشعوب التي أسهمت فيها العدالة الرسمية في إعادة النظام وتقديم حلول سلمية للنزاعات.

وختامًا، على الرغم من أن الفن قد يعكس بعض جوانب الواقع المؤلم، فإنه يحمل في طياته مسؤولية أخلاقية واجتماعية. فمشهد السحل، إذا لم يُقدّم في إطار نقدي متكامل، قد يغذي تصورات خاطئة تُشجع على الانحراف عن المبادئ القانونية وتبرر العنف والانتقام. ومن هنا، فإن من الضروري على صناع الدراما والمجتمع ككل أن يلتزموا بنهج يُعلي من قيمة القانون والنظام، ويسهم في بناء وعي جماعي يحترم الحقوق ويعزز آليات السلام والنظام في مواجهة التحديات الحياتية.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عدن.. أزمة اقتصادية جديدة رغم انتعاش الريال

نافذة اليمن | 713 قراءة 

الناطق باسم حلف حضرموت يؤكد لـ“برّان برس” صدور أوامر قهرية باعتقال رئيس الحلف “عمرو بن حبريش” و2 من قياداته

بران برس | 658 قراءة 

الأرصاد تحذر من أمطار رعدية ورياح قوية على عدة محافظات يمنية

حشد نت | 638 قراءة 

الكشف عن قوات ضاربة وبأعداد هائلة في محور مران بصعدة ووزير الدفاع يتفقد جاهزيتها.. صور

مأرب برس | 592 قراءة 

جريمة مروعة.. ابن يقتل والده وأخوه يثأر منه

العين الثالثة | 482 قراءة 

شرطة عدن تنجح في إحباط محاولة اختطاف وتهديد بالقنابل اليدوية

حشد نت | 453 قراءة 

فشل وساطة إيقاف المعارك وتؤتر الأوضاع من جديد

كريتر سكاي | 450 قراءة 

العثور على جثمان لاعب يمني وسبعة آخرين على الحدود اليمنية السعودية

يمن شباب نت | 415 قراءة 

صنعاء.. ضحايا بسقوط لوحة إعلانية ضخمة على سيارات ومواطنين – صورة

المنتصف نت | 334 قراءة 

مليشيات الحوثي تدفع بتعزيزات ضخمة إلى الجبهات… وتصعيد ميداني يهدد باندلاع معركة شاملة

يني يمن | 298 قراءة