الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما “طريق إجباري” نموذجًا

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 153 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما “طريق إجباري” نموذجًا

يُعد الفن وسيلة قوية في عكس الواقع وتشكيل الوعي الجماعي، فهو لا يقدم للمشاهدين مرآةً لما يحدث في المجتمع فحسب، بل يُشكّل تصوراتهم وسلوكياتهم أيضًا. ومع ذلك، عندما يتضمن العمل الدرامي مشاهد عنيفة مثل “عملية السحل” التي تُظهر تطبيق العدالة خارج إطار القانون الرسمي، يبرز تساؤل حاسم: هل من الحكمة أن نستخدم ممثلات العنف والانتقام كأدوات سردية؟ وما هي الأضرار المحتملة؛ على مستوى الفرد والمجتمع؛ إذا ما تم تفسير هذه المشاهد على أنها دعم للانحراف عن النظام والقانون؟

خلفية المشهد والسياق الدرامي

يُصور مشهد السحل في الحلقة الأخيرة لمسلسل “طريق إجباري” رد فعل جماعيًا نتيجة سنوات من الظلم والقمع. فالعمل الفني، وبالرغم من نواياه في إظهار اليأس الذي يدفع الناس إلى الانتقام، إلا أنه يستخدم في هذا السياق أسلوبًا مفرطًا لتجسيد الفوضى. قد يُستخلص من ذلك أن تصوير مثل هذه الأحداث بصورة درامية مبالغ فيها، ينقل رسالة غير مباشرة بأن اللجوء إلى العنف هو الحل الأمثل في وجه إخفاقات المؤسسات الرسمية، ويصبح هذا الفعل تعميميًا.

وعلى الرغم من أن الدراما قد تعكس واقعًا معقدًا، إلا أن تبسيط العملية القانونية وإبراز الانتقام كخيار وحيد يُفضي إلى تدهور ثقافة احترام القانون والعدالة المؤسسية في بلاد يعد السلاح والقتل والحرب مشاهد روتينية لحالات الانفلات الأمني وغياب سيادة القانون.

تأثير المشاهد العنيفة على السلوك الاجتماعي

يلعب الفن دورًا تربويًا وثقافيًا هامًا؛ فهو يؤثر في تشكيل الأفكار والمفاهيم لدى الجمهور، بخاصة في البيئات التي تعاني من ضعف الثقة بالمؤسسات القانونية. عندما يُحتفى بمشاهد العنف، وتمثل على أنها أدوات للتغيير الاجتماعي، قد يبدأ المشاهد في الربط بين هذه المشاهد وبين إمكانية حصول النصر بدون مسار قضائي عادل. وفي هذه الحالة، تتحول رمزية السحل من مجرد سرد درامي إلى نموذج مُحتذى به في حل النزاعات، مما يُغذي فكرة أن القانون يمكن تجاوزه إذا كان النظام القضائي فاشلًا في تلبية مطالب الناس.

التجاوزات القانونية والأخلاقية

من المهم التأكيد أن أي نظام قانوني يسعى لتطبيق العدالة يقوم على مبادئ المساواة والشفافية، وعلى تقديس عملية المحاكمة العادلة. إن تصوير مشاهد مثل السحل، التي تُظهر تنفيذ العقوبات خارج نطاق القضاء، ينتهك هذه المبادئ الأساسية. وإذا ما زاد التأكيد على هذا النوع من التصوير في سياق الدراما، فقد يتولد شعور متزايد بأن العنف والانتقام هما الوسيلتان الوحيدتان لإنفاذ الحقوق؛ بحيث تُهمل الآليات القانونية التي وضعت لحماية المجتمع وضمان حقوق الجميع.

مسؤولية صناع الدراما والمجتمع

على صناع الأعمال الفنية في اليمن تحمل مسؤولية كبيرة في كيفية تقديم المشاهد التي تتناول موضوعات جدلية مثل العنف. فمن الضروري تقديم سياق نقدي يوضح أن هذه المشاهد تُستخدم لتسليط الضوء على معاناة شعبية أو إخفاقات مؤسساتية، وليس لتبرير أفعال لا تمت للعدالة بصلة. كما ينبغي على النقاد والجمهور أن يميزوا بين ما هو تمثيل درامي وما هو دعم فعلي لثقافة العنف. وفي ظل هذه المسؤولية، يجب على صناع الدراما البحث عن طرق سردية بديلة تُبرز أهمية اللجوء للمحاكم والآليات القانونية، وتظهر النتائج المدمرة للعنف المتطرف.

ومن هذا المنطلق، يفترض أن يتم “تعزيز الوعي القانوني”، ويتعين على الدراما أن تبرز دور الجهات القضائية والإدارية في حماية الحقوق، وأن تطرح أسئلة نقدية حول كيفية إصلاح النظم القانونية بدلًا من تصوير العنف كحل فعال. وكما يجب تعديل طريقة عرض المشاهد العنيفة بحيث تُظهر العواقب الوخيمة للانتقام، وتبرز أن اللجوء إلى مثل هذه الأفعال يؤدي إلى فوضى اجتماعية لا تنتهي. وأن يكون هناك “حوار مجتمعي” ينبغي تكثيف النقاش العام حول أهمية احترام القانون، مع التركيز على تجارب الشعوب التي أسهمت فيها العدالة الرسمية في إعادة النظام وتقديم حلول سلمية للنزاعات.

وختامًا، على الرغم من أن الفن قد يعكس بعض جوانب الواقع المؤلم، فإنه يحمل في طياته مسؤولية أخلاقية واجتماعية. فمشهد السحل، إذا لم يُقدّم في إطار نقدي متكامل، قد يغذي تصورات خاطئة تُشجع على الانحراف عن المبادئ القانونية وتبرر العنف والانتقام. ومن هنا، فإن من الضروري على صناع الدراما والمجتمع ككل أن يلتزموا بنهج يُعلي من قيمة القانون والنظام، ويسهم في بناء وعي جماعي يحترم الحقوق ويعزز آليات السلام والنظام في مواجهة التحديات الحياتية.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

“ماربورغ”.. وباء جديد لا علاج له ولا لقاحات والحكومة اليمنية ترفع الجاهزية لمواجهته بإجراءات صارمة.. ماهي أعراضه ومخاطره؟

بران برس | 668 قراءة 

تصاعد التوتر في حضرموت.. “الانتقالي” يدفع بتعزيزات ضخمة و“بن حبريش” يدعو للإحتشاد بعد تهديدات بـ“معركة كبرى”

بران برس | 513 قراءة 

المسعودي يدشن برنامجًا تدريبيًا لضباط المقاومة الوطنية في المخا بالشراكة مع الصليب الأحمر

حشد نت | 439 قراءة 

البنك المركزي اليمني يوضح حقيقة تقاضي “المعبقي” 40 ألف دولار شهريًا

بران برس | 343 قراءة 

وزير الخارجية اليمني الأسبق عبدالملك المخلافي يرد على موقف اليماني الأخير بشأن الوحدة اليمنية

يمن فويس | 332 قراءة 

الاستعداد لصرف مرتبات جديدة للجيش والامن في عدن

كريتر سكاي | 279 قراءة 

كارثة في صنعاء.. ارتفاع ضحايا الخمر المغشوش إلى 12 قتيلا

تهامة 24 | 259 قراءة 

تقرير | مياه المكلا ليست صحية.. 70% من المحطات والمعامل “غير صالحة” باعتراف السلطات و“برَّان برس” يتتبع المشكلة ويناقشها مع مسؤولين ومختصين

بران برس | 259 قراءة 

كشف امر هام للمواطنين بشأن البركان

كريتر سكاي | 257 قراءة 

الراتب الشهري لمحافظ البنك المركزي اليمني “أحمد غالب المعبقي”

يمن ديلي نيوز | 236 قراءة