للغريب المسافر في عمرها، تثمر فيضًا من الوجد أغصانها، تغور بطي الثرى، حنينًا له نسمات الجذور.
وله يسند الساق آفاقه وطنًا يسكن الحلم أبعاده، ومدفأة للأمان إذا أشتد بالقلب وقع الهجير.
فجأة تهب البروده بالقهقهات، تلفح وجه الغريب، يتلملم في الإنطواء، يحدق في الظل، يرى حزنه يتلالأ كما يتلالأ بالنجم وجه السماء.
يبكي الغريب بلادًا، ليُنس الحنين إليها ُ ويضحك ملء المسافة بين السماوات والأرض لينس غدًا ضحكه.. ويخلد للصمت، يدندن بالحلم، ذاك الذي لم يعد يتذكر منه الاّ ملامح طيف يموج به العمر صوب الفضاء البعيد.
الغريب، يعود غريبًا، يؤوم الطريق التي تخبىء أحلامه في زهرة الغرباء، يؤوب بها إلى (يفرس) يلتقي في صحن مسجده (أحمد ابن علوان) يحدثه بالذي كان من أمره.
الغريب يذرف عينينه؛ أيها الشيخ زدني هوى،
بعد بسملة الإفتتاح يقول له (ابن علوان)
(إجعل الود في كل كف هوى خالصًا بالهوى
الحب في كل قلب هيامًا … بمعنى الهيام الذي لا يلين
اسبح بعينيك في الملكوت، ثلثًا من الليل أوزد قليلًا عليه
إقرأ مع الفجر قرآنه …
واخرج بعدئذ مع الغرباء
ولا تبتئس بعدها بما يفعل السفهاء).
الغريب يعود منشرح القلب، يفيئ إلى الشجرة هذي، التي تسند الانتماء إليه، فيرى أصلها ثابت، فرعها في السماء يؤتي أكل الوجد في كل حين.
الغريب يشهد كعبته. أقرب من نبضه في الوريد، يمد إليها خطى شوقه فيضًا من العشق يسري بأحبابه الغرباء ألى سدرة الاصطفاء.
* تعز 2002
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news