مشاهدات
قالت منظمة سام للحقوق والحريات، اليوم السبت، إن وضع الحريات الصحفية في اليمن يشهد تراجعًا مقلقًا وغير مسبوق، نتيجة استمرار الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون، وعلى وجه الخصوص حملات القمع والاعتقالات التعسفية التي تنفذها جماعة الحوثي بحق الصحفيين.
وأضافت في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف الـ 3 من مايو من كل عام، إن الوضع القائم "يعكس هشاشة البيئة الحقوقية وتغوّل أطراف النزاع على الحقوق الأساسية، وعلى رأسها الحق في حرية التعبير".
وأشارت المنظمة إلى أن اليمن باتت واحدة من أكثر البيئات عداءً للعمل الصحفي في المنطقة، حيث سجّلت تقارير حديثة، بحسب منظمة مراسلون بلا حدود، أن جماعة الحوثي انفردت خلال عام 2024 بكونها الجهة الوحيدة في العالم التي اختطفت صحفيَين اثنين كرهائن جدد، من بين 55 صحفيًا لا يزالون يُحتجزون كرهائن على مستوى العالم.
وأوضحت أن الاعتقالات الحوثية طالت عشرات الصحفيين، ولا تزال الجماعة تحتجز بعضهم في ظروف قاسية وغير إنسانية، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية التي تضمن حرية الرأي والتعبير، مشددةً على أن هذه السياسات لا تؤثر فقط على سلامة الصحفيين بل تُقوّض بشكل مباشر قدرة المجتمع على الوصول إلى المعلومة الحقيقية.
ولفتت سام إلى أن إجمالي الانتهاكات التي تعرّض لها الصحفيون في اليمن خلال عام 2024 بلغ 207 انتهاكًا، وفقًا لتقرير نقابة الصحفيين اليمنيين، شملت حالات اعتقال تعسفي، وتهديدات، واستدعاءات أمنية، ومنع من التغطية، واقتحام مقرات صحفية، واعتداءات جسدية ولفظية، مع تصاعد وتيرة الرقابة والتضييق الإلكتروني، في ظل غياب مؤسسات رقابية مستقلة. وقد ارتكبت جماعة الحوثي النسبة الأكبر من هذه الانتهاكات، بنسبة تصل إلى أكثر من 60%، تليها جهات أمنية في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، وأطراف أخرى مدعومة من التحالف.
وذكرت منظمة سام أن اليمن تحتل المرتبة 169 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2024، الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود، ما يعكس الوضع الكارثي الذي تعيشه الحريات الإعلامية، ويجعل اليمن من أسوأ البلدان أداءً في هذا الجانب على مستوى العالم.
وبينت المنظمة أن اليمن شهد منذ يناير 2015 وحتى مايو 2024، مقتل ما لا يقل عن 45 صحفيًا، وفقًا لإحصاءات نقابة الصحفيين اليمنيين، بينهم من قُتلوا خلال تغطيات ميدانية، وآخرون قضوا تحت التعذيب أو أُعدموا على يد جماعات متطرفة. وكان آخرهم الصحفي عبد الله المقري، الذي أكد الاتحاد الدولي للصحفيين أن تنظيم القاعدة أعدمه بعد تسع سنوات من اختطافه في محافظة حضرموت، ما يؤكد خطورة بيئة العمل الصحفي في اليمن وغياب المساءلة.
وأوردت منظمة سام أن جماعة الحوثي أصدرت بتاريخ سبتمبر 2024 حكمًا بإعدام الصحفي طه أحمد المعمري ومصادرة كافة ممتلكاته المنقولة والعقارية، بزعم تعاونه مع دول التحالف، في محاكمة افتقرت إلى أدنى معايير العدالة والإجراءات القانونية السليمة.
وأضافت وفي يناير 2025 أحالت الجماعة الصحفي محمد المياحي إلى المحاكمة في خطوة تعد مؤشرًا على تصاعد القمع الذي يواجهه الصحفيون في مناطق سيطرة الحوثيين، مؤكدة أن قضيته شهدت انتهاكات قانونية صارخة، بدءًا من اعتقاله تعسفيًا وإخفائه قسرًا، ومرورًا بتعرضه للتعذيب، وصولًا إلى محاكمة تفتقر لأبسط معايير العدالة، في سياق متواصل لاستهداف الأصوات المستقلة ومحاولة إسكاتها عبر أدوات قضائية مسيسة.
ولفتت المنظمة إلى ما ورد في تقرير فريدوم هاوس 2025، الذي صنف اليمن ضمن قائمة الدول "غير الحرة"، مبينًا أن حرية الإعلام تخضع لرقابة صارمة من قبل الجهات المسيطرة على الأرض، وأن الصحفيين يعانون من الملاحقات السياسية والتضييق المستمر، في ظل شلل شبه تام للقضاء المستقل، وتدخل الأجهزة الأمنية في الشأن الإعلامي.
وأضافت المنظمة أن الصحفيات في اليمن يواجهن معاناة مضاعفة نتيجة القيود المجتمعية والتشريعية، حيث لا تزال التشريعات الوطنية تفتقر للحماية القانونية الكافية للصحفيات، خاصة في ما يتعلق بالجرائم الإلكترونية، ما يجعلهن عرضة للابتزاز والاستهداف دون غطاء قانوني يحميهن أو يردع المعتدين، مؤكدةً أن هذه الممارسات تمثل تهديدًا مباشرًا لحرية التعبير والإعلام المستقل، وتُظهر حجم الهوة بين الواقع اليمني والمعايير الدولية التي تكفل حرية الصحافة.
وحذّرت سام من استمرار الإفلات من العقاب، الذي يُغذي دائرة الانتهاكات، داعية إلى تحقيقات شفافة ومستقلة في جميع قضايا الانتهاكات بحق الصحفيين، وضمان محاسبة كل من يثبت تورطه، بما في ذلك الجهات المسلحة التي تفرض سلطتها بالقوة.
وطالبت المنظمة جميع أطراف النزاع في اليمن، وعلى رأسها جماعة الحوثي، بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الصحفيين المحتجزين، ووقف سياسة الاعتقال والاختطاف والترهيب التي تمارسها بحق الإعلاميين، باعتبار ذلك انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
ودعت إلى إصلاح الإطار القانوني المنظّم للعمل الصحفي في اليمن، بما في ذلك سن تشريعات خاصة بحماية الصحفيين والصحفيات، وتشريعات متوازنة وعادلة تتعلق بالجرائم الإلكترونية، تكفل حرية التعبير وتحمي من إساءة استخدام السلطة ضد الصحافة، مؤكدةً على ضرورة دعم وتفعيل دور النقابات والمؤسسات الإعلامية المستقلة، باعتبارها أدوات أساسية في تعزيز حرية التعبير، والدفاع عن حقوق الصحفيين، والتصدي لحملات التضليل والتشهير، في بيئة متأزمة تزداد فيها الحاجة للإعلام الحر والمسؤول.
كما حثت المنظمة المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة على ممارسة ضغوط حقيقية لإنهاء الانتهاكات ضد الإعلاميين في اليمن، وتفعيل آليات المساءلة ضد مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين، سواء كانوا من الجماعات المسلحة أو من الجهات الرسمية.
وشددت منظمة سام للحقوق والحريات على أن حرية الصحافة ليست امتيازًا بل حق أساسي، وجزء لا يتجزأ من جهود مكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية، وكشف الانتهاكات، وبناء دولة القانون، مؤكدة التزامها الدائم بالوقوف إلى جانب الصحفيين في اليمن، وتقديم الدعم الحقوقي والمرافعة الدولية لقضاياهم العادلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news