مقر البنك المركزي اليمني في عدن (رويترز)
تمكُّن الحكومة اليمنية من استعادة بعض التوازن للعملة المحلية (الريال اليمني)، لا تزال تواصل إجراءاتها في الضغط الاقتصادي على الجماعة الحوثية التي ردَّت بمنع البنوك والشركات في مناطق سيطرتها من التعامل مع الشركات والكيانات التجارية والاقتصادية في المناطق المحررة تحت سيطرة الحكومة.
وفي حين يرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة عززت قدراتها على عزل ومحاصرة الجماعة التي تسيطر على عدد من المواني، وتفرض الجبايات الباهظة على مختلف شرائح السكان، إلى جانب المتاجرة بالوقود والمواد الأساسية في السوق السوداء، يحذر باحثون من أن تلجأ الجماعة إلى ممارسات مضادة، من شأنها الإضرار بالاقتصاد المحلي ومعيشة السكان.
وأصدرت الجماعة الحوثية -عبر فرع البنك المركزي الذي تسيطر عليه في العاصمة المختطفة صنعاء- تعميماً يمنع تقديم طلبات إلى بنوك أو جهات تجارية تعمل في مناطق سيطرة الحكومة، نيابة عن أي مستورد، للحصول على موافقة بإجراءات مصرفية أو معاملات لتحويل أثمان السلع والمواد القادمة إلى مناطق سيطرة الجماعة.
واتهمت الجماعة الحكومة الشرعية بـ�التصعيد الاقتصادي� من خلال فرض قيود وأعباء إضافية على استيراد السلع، على حد تعبيرها.
مقر البنك المركزي اليمني في صنعاء الذي يستخدمه الحوثيون لإدارة أنشطتهم الاقتصادية (غيتي)
ويتوقع يوسف شمسان، الأكاديمي اليمني المتخصص في اقتصاد الحرب، أن تنتهج الجماعة الحوثية في ردود فعلها على الإجراءات الحكومية استراتيجية شعبوية لا تراعي القوانين المحلية أو الأعراف الدولية، ومن ذلك منع مرور البضائع الواردة إلى مناطق سيطرتها عبر مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، ومضاعفة الجبايات والإتاوات المفروضة على الشركات والتجار.
ويرى شمسان في حديثه لـ�الشرق الأوسط� أن الجماعة الحوثية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام القرارات الحكومية التي حققت ما يمكن تسميته انتصاراً اقتصاديّاً، ولن يكون لديها أي اعتبار لمضاعفة معاناة السكان تحت سيطرتها، أو إلحاق الخسائر بالكيانات التجارية.
ومن المرجح -وفقاً لشمسان- أن تلجأ الجماعة إلى حظر فروع وأنشطة كافة الشركات التجارية والمؤسسات والجهات التي تدير أعمالها من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية في مناطق سيطرتها، ما سيؤدي إلى الإضرار بهذه الكيانات الاقتصادية، وحرمانها من الإيرادات التي تحصل عليها في هذه المناطق التي تضم نحو 75 في المائة من سكان البلاد.
الحكومة اليمنية كلَّفت فرقاً ميدانية لمراقبة أسعار السلع بعد تعافي العملة المحلية (سبأ)
وكانت اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات التي شكَّلها البنك المركزي اليمني في عدن، قد أعلنت موافقتها على 91 طلب استيراد بقيمة تقارب 39.6 مليون دولار خلال الفترة بين 10 و14 من الشهر الحالي، عبر 15 بنكاً و3 شركات صرافة.
ردم الفجوة النقدية
وتسعى الحكومة اليمنية -من خلال إجراءات وقرارات لجنة تنظيم وتمويل الواردات- إلى توفير العملات الأجنبية، ومنع المضاربة بها، واستقرار السوق المالية، وضمان تدفق سلس للسلع إلى السوق المحلية.
ويذهب إيهاب القرشي، الباحث في الشؤون الاقتصادية والإنسانية، إلى الآثار المتوقعة لتعافي العملة اليمنية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، ويرى أنها استراتيجية أكثر منها اقتصادية بحتة؛ حيث ستؤدي إلى ردم الفجوة النقدية بين مناطق الشرعية ومناطق سيطرة الحوثيين، وتفوت عليهم التحكم في ذلك الفرق، وتعيد السيطرة النقدية للبنك المركزي في عدن.
ومن المتوقع -حسب حديث القرشي لـ�الشرق الأوسط�- أن تسلب إجراءات البنك المركزي في عدن، وتعافي العملة المحلية الجماعة الحوثية قدرتها على الحفاظ على السعر الذي تفرضه على العملات الأجنبية، بفعل ارتباط تعاملاتها الخارجية عبر مناطق سيطرة الحكومة الشرعية؛ حيث لن يعود بمقدورهم استغلال كم كبير من النقد الأجنبي مقابل السلع المستوردة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news