بيان حول تداعيات قرار البنك المركزي اليمني في عدن بإيقاف بيع وشراء العملات

     
سما نيوز             عدد المشاهدات : 128 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
بيان حول تداعيات قرار البنك المركزي اليمني في عدن بإيقاف بيع وشراء العملات

سمانيوز /خاص

تتابع نقابة الصرافين الجنوبيين بقلق بالغ القرار الصادر عن البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، والمتعلق بتجميد كافة عمليات البيع والشراء للعملات الأجنبية لدى البنوك وشركات الصرافة حتى إشعار آخر. يأتي هذا القرار في لحظة حرجة تشهد فيها العملة الوطنية تدهورًا غير مسبوق، وسط أزمة مالية ونقدية متصاعدة أفرزت تحديات عميقة في الأداء الاقتصادي والمعيشي.

في جوهره، يعكس القرار اعترافًا ضمنيًا بحجم الانهيار النقدي، لكنه في الوقت ذاته يسلط الضوء على الضعف المؤسسي في إدارة السياسة النقدية. فبدلًا من أن يسهم في تهدئة السوق وضبط إيقاعه، فتح القرار الباب أمام انتشار واسع للسوق السوداء، التي باتت المصدر الرئيسي لتداول العملات، مع غياب كامل للرقابة الفاعلة، وتفاقم حدة المضاربة غير المشروعة. إن توقيت القرار وطريقته يعكسان مستوىً من العجز في التعامل مع التحديات المتراكمة، ويفتحان المجال أمام تساؤلات جدية حول ما إذا كان البنك المركزي يتعرض لضغوطات أو تدخلات تحد من استقلالية قراره.

أحد أبرز الإشكالات المرتبطة بالقرار، هو غياب الشفافية في شرح أسبابه ودوافعه، ما أدى إلى تفاقم فجوة الثقة بين البنك والمجتمع. إن المواطنين والمستثمرين على حد سواء يفتقرون إلى معلومات واضحة حول السياسات المعتمدة، وهو ما خلق حالة من الهلع وغياب اليقين، وأدى إلى مزيد من الانكماش في الأنشطة الاقتصادية، وتدهور الوضع المعيشي بشكل واسع.

وقد بدا ذلك جليًا في نتائج المزاد العلني الأخير الذي أعلنه البنك المركزي لبيع 30 مليون دولار في 29 أبريل الجاري، حيث لم يتم بيع سوى 6 ملايين دولار فقط. هذا الفشل يعكس اختلالًا في منهجية التسعير، ويؤكد أن المزاد لم يعكس الطلب الحقيقي في السوق، بل جاء لخدمة دائرة ضيقة من كبار المضاربين الذين استحوذوا خلال الفترة الماضية على السيطرة الكاملة على السوق النقدي. هؤلاء الفاعلون، المعروفون بـ”الهوامير”، اكتنزوا ثروات ضخمة في ظل غياب الإجراءات الرادعة، وساهموا في تعميق حالة اللاعدالة والمضاربة.

في الوقت ذاته، تشير مؤشرات السوق إلى أن سعر صرف الريال السعودي ارتفع من 600 إلى 675 ريالًا يمنيًا خلال أقل من شهر، في ظل غياب أي تدخل فعّال من قبل البنك المركزي للحد من هذا التدهور. وما يفاقم الأزمة هو الخلل العميق في منظومة الرقابة، حيث تغيب الرقابة الجادة على كبار البنوك وشركات الصرافة، مقابل إجراءات شكلية تطال منشآت صغيرة لا تمثل جوهر الأزمة، في حين يُسمح لشبكات تابعة لصنعاء بالمضاربة عبر تطبيقات مغلقة دون حسيب أو رقيب.

كما يُعدّ عجز البنك المركزي عن تفعيل لجنة المدفوعات الرقمية أحد أبرز مظاهر الإخفاق المؤسسي. إذ أن هذه اللجنة، التي يفترض أن تلعب دورًا حيويًا في ضبط حركة الأموال وتحقيق قدر من الشفافية في النظام المالي، لا تزال غائبة عن المشهد، ما يفتح المجال أمام مزيد من الفوضى والتلاعب في التحويلات والتسعير. وقد تسبّب غيابها، إلى جانب غياب الإرادة السياسية والإدارية، في خلق فراغ هائل سمح لجهات غير رسمية بالعبث بالعملة المحلية، بما في ذلك عبر مجموعات واتساب تستخدم للمضاربة اليومية.

وقد فاقمت هذه التطورات من نفوذ مجموعات صغيرة متحكمة في عدن، تسيطر فعليًا على السوق المصرفي، وتعمل بمعزل عن القانون والمؤسسات الرسمية. هؤلاء لم يراعوا الحد الأدنى من المسؤولية الوطنية أو الاقتصادية، واستغلوا هشاشة الوضع لراكموا ثروات طائلة على حساب معيشة الناس.

ومن جانب آخر، فإن قرار البنك بإغلاق شبكات عدن ودمجها في شبكة موحدة يفترض أن يكون خطوة تنظيمية نحو تعزيز الرقابة. غير أن واقع الحال يشي بالعكس، حيث قامت ذات الشركات المتحكمة بالالتفاف على القرار وإطلاق شبكات بديلة تخدم مصالحها، في حين تم تهميش الفاعلين الآخرين ممن لا يملكون نفوذًا أو حماية.

إن نقابة الصرافين الجنوبيين، إذ تعبر عن قلقها الشديد من هذه التطورات، تدعو الحكومة إلى تحمّل مسؤولياتها الوطنية والتدخل الفوري من خلال تشكيل لجنة تحقيق نزيهة وموثوقة، تتولى مراجعة أداء البنك المركزي منذ عام 2015، ومحاسبة كل من ثبت تورطه في الانهيار المالي، سواء داخل المؤسسة النقدية أو من الجهات المؤثرة فيها.

في ظل هذا المشهد، لا تقتصر التداعيات على القطاع النقدي فحسب، بل تمتد لتشمل الجانب الاجتماعي، حيث تزايدت معاناة المواطنين وتفاقمت الأعباء المعيشية في ظل تراجع الخدمات الأساسية كالكهرباء والتعليم والصحة. ولا يمكن الحديث عن تعافٍ اقتصادي حقيقي دون معالجة جذرية لهذه الأزمات، تبدأ باستعادة الثقة، وتفعيل الرقابة، وتحقيق العدالة في إدارة السوق.

نقابة الصرافين الجنوبيين عدن – 30 أبريل 2025م


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

نعم القائد.. ونعم السند لعدن وأهلها

عدن تايم | 489 قراءة 

وزير الاوقاف يكشف حقيقة ماتعرض له الحجاج اليمنيين

جهينة يمن | 461 قراءة 

إغلاق طريق الضالع -صنعاء عقب حدوث هذا الأمر!

جهينة يمن | 430 قراءة 

"اسرائيل" تعلن اختراق جماعة الحوثي !

جهينة يمن | 407 قراءة 

الرئيس العليمي يوجه اللواء العرادة بأمر عسكري هام

جهينة يمن | 377 قراءة 

خرج من المستشفى ب٣ ساعات.. مختل عقليا يقتل ١٩ شخص داخل مسجد بهذه المحافظة

كريتر سكاي | 340 قراءة 

"بروفة لإسقاط مأرب".. تحذير ناري من سيف الحاضري: ما يحدث اليوم يذكّر بتمرد الحوثي في صنعاء

يني يمن | 309 قراءة 

الإصلاح ينقل عناصره من محافظات عدة إلى مأرب

اليمن السعيد | 278 قراءة 

إسرائيل تتوعد الحوثيين برد مدوٍ بعد صاروخ الليلة السوداء...تل أبيب تحت التهديد

جهينة يمن | 273 قراءة 

الحنشي يقجرها ويؤكد:هذا المسؤول ياخذ حصة عدن من الغاز ويهربه الى هذه الدولة

كريتر سكاي | 264 قراءة