سمانيوز /خاص
* عقد مركز عدن للدراسات الأدبية والثقافية والاجتماعية، اليوم الإثنين، حلقة نقاشية هامة تناولت الأوضاع والمستجدات الراهنة في محافظة حضرموت، وذلك ضمن برنامجه الثقافي الأسبوعي الذي يحرص المركز على تنظيمه لمناقشة القضايا الملحة على الساحة الجنوبية والوطنية.
استهل الحلقة الدكتور أحمد باراس، الباحث المتخصص في الشأن الجنوبي، بتمهيد معمق استعرض فيه الخصوصية الفريدة لمحافظة حضرموت. وأشار باراس إلى التركيبة السكانية المتميزة لحضرموت التي تجمع بين الطابع المدني والقبلي، مؤكدًا على نموذج التعايش الاجتماعي الراسخ والشعور العميق بالانتماء الجمعي الذي يجمع أبناء المحافظة.
وأوضح الدكتور باراس أن حضرموت لا يمكن اختزالها في تعريف تقليدي للأمة أو القبيلة أو الشعب بالمعنى السياسي، بل هي كيان اجتماعي متفرد يمتلك خصوصية تاريخية وثقافية عريقة.
كما تطرق المحاضر إلى التحولات السياسية المتسارعة التي تشهدها الساحة الحضرمية، مبينًا أن حضرموت اليوم لم تعد كما كانت في صورتها النمطية، بل أصبحت طرفًا فاعلًا يطالب بحقوقه المشروعة في ظل غياب مؤسسات الدولة وتراكم المظالم عبر السنوات الماضية. وأرجع باراس تصاعد الدعوات المطالبة بالحكم الذاتي أو الاستقلال الإداري ضمن إطار الجنوب أو عبر مسارات مستقلة إلى هذا الوضع.
وحذر الدكتور باراس بشدة من التداعيات الخطيرة لحملات التحشيد والتحشيد المضاد التي تمارسها بعض القوى السياسية الفاعلة في الداخل، بالإضافة إلى قوى خارجية مرتبطة بها على المستويات السياسية والمالية والعسكرية. وأكد أن هذه التحركات تنذر بتمزيق الوحدة الاجتماعية والنسيج المجتمعي ليس في حضرموت وحدها، بل في مختلف محافظات الجنوب، مشددًا على أن محاولات خلط الأوراق هذه لن تخدم مصالح أبناء الجنوب وقواه السياسية الوطنية.
وفي ختام تمهيده، أكد باراس على ضرورة التعامل مع أي دعوات للحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية بمنطق الحوار والعقلانية، بدلاً من اللجوء إلى أساليب التخوين أو الرفض المسبق. ودعا إلى فتح نقاشات معمقة وموضوعية حول كافة الخيارات المتاحة، بعيدًا عن الانفعالات والمواقف المتصلبة.
شهدت الحلقة تفاعلاً مثمرًا من قبل الحاضرين من رواد المركز والباحثين المهتمين بالشأن الجنوبي، حيث تخللتها العديد من المداخلات القيمة التي ركزت على عدة محاور أساسية. من أبرز هذه المحاور التأكيد على أهمية التمييز الواضح بين الهوية الثقافية المتفردة لحضرموت والهوية السياسية العامة للجنوب، وضرورة التمسك بالشرعية القانونية لمطلب استعادة دولة الجنوب، مع التأكيد في الوقت ذاته على ضرورة إعادة صياغة المشروع الجنوبي على أسس اتحادية مرنة تضمن مراعاة خصوصيات كافة المكونات المحلية.
كما شددت المداخلات على الحاجة الملحة إلى عقد مؤتمر جنوبي جامع يهدف إلى توحيد الصفوف وتنسيق الرؤى بين مختلف القوى والمكونات الجنوبية، محذرين من مغبة استنساخ نماذج فدرالية جامدة أو مفرطة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تفتيت النسيج الوطني الجنوبي.
وفي ختام الحلقة النقاشية الهامة، أكد المشاركون بالإجماع على أهمية التقييم الموضوعي للواقع الراهن بكل تعقيداته، وضرورة تعزيز الحوارات الوطنية الصادقة والبناءة بهدف التوصل إلى مشروع سياسي جامع وشامل قادر على استيعاب مختلف الأطراف والتطلعات في ظل المشهد السياسي الداخلي والإقليمي المتشابك.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news