شجرة الغريب.. حين ينهار الجذر وينتحب الجذع!

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 146 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
شجرة الغريب.. حين ينهار الجذر وينتحب الجذع!

تعز، المحافظة التي لطالما كانت مرادفا للمقاومة والكرامة، والكبرياء ، سقط اليوم جزء من روحها. شجرة الغريب، تلك العجوز المهيبة التي شاخت معنا، ولم تهزمها قرون ولا جفاف ولا طلقات، انحنى أحد فروعها الضخمة وسقط، كأنها لم تعد تحتمل ما يجري حولها. كأنها قالت: لقد فاض بي، ولن أظل واقفة كشاهدة زور على هذا الخراب المستمر.

طبعا ليست مجرد شجرة. شجرة الغريب هي زمن ممتد، ذاكرة مظللة بعبق التاريخ، مجلس ظل لأحاديث الجدات وضحكات الأطفال، ورفيف أوراقها جزء من موسيقى المحافظة.

على إن سقوطها لا يُفسر فقط بانهيار عضوي، بل بانهيار منظومة كاملة من الإهمال والتهميش والاستغفال المتعمد للطبيعة والتاريخ في آن.

لأربعة أعوام، كنت أكتب تحت عنوان “شجرة الغريب” عمودي الأسبوعي في صحيفة “الأهالي”، ولم يكن ذلك ترفا أدبيا أو سياسيا أو استعارة سهلة. كنت أكتب وأنا أستظل بظلها الرمزي، وأقاوم، مثلها، الرياح العاتية من الجهل، من الفساد، من الميلشيا، من كل ما يريدنا أن ننسى من نكون. واليوم، حين رأيت أحد فروعها الضخمة يتهاوى، دمعت عيني ليس فقط على ما فقدناه من جسد الشجرة، بل على ما فقدناه من معاني.

نعم ،كيف سُمح لهذا الرمز أن ينهار؟ أين سلطات تعز؟ أين وزارة الزراعة؟ أين أولئك المتشدقون بالهوية والحفاظ على التراث؟ شجرة عمرها مئات السنين تنهار دون صيانة، دون تقدير، دون أن تُعامل كما تُعامل الآثار الوجدانية المقدسة!

على إن ما جرى ليس صدفة طبيعية، بل جريمة ضد الذاكرة، ضد البيئة، ضد تعز ذاتها.

نعم، نحن نعيش زمنا تنهار فيه الأشجار كما تنهار القيم. تنهار السيقان كما تنهار الدولة. تنهار الأغصان كما ينهار الحياء. شجرة الغريب لم تسقط اليوم وحدها، بل سقط معها ما تبقى من وهم أننا نعيش في دولة مسؤولة، أو في مجتمع يدرك قيمة الرموز. والمرعب أن من يتصدرون المشهد لا يحزنون على الشجرة، بل قد يفرحون بصورتهم إلى جوار جذعها الساقط، ليروجوا لذات العبث الذي أسقطها.

اليوم نحن مدعوون للحزن، لكن أيضا للغضب. غضب واعٍ، ليس غوغائيا، بل يطالب بالتحقيق، بالمحاسبة، بوضع استراتيجية لحماية ما تبقى من شجر اليمن، من ذاكرته، من تاريخه الحي. يجب أن تُعامل شجرة الغريب كما تُعامل دار الحجر، أو معابد مأرب، أو جدران زبيد. هي ليست مجرد نبات، بل وطن صغير على هيئة ظل.

ولئن كانت الأشجار تُبكى، فإن شجرة الغريب تستحق حدادا عاما في قلوب كل من لا يزال يؤمن أن الوطن يبدأ من جذر، ومن أغصان لا تُهمل، ومن ظل لا يُباع.

ألا يا شجرة الغريب، سامحينا، فقد خذلناك نحن، لا المطر.!

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مكتب الرئاسة يصدر بيانًا حول الزبيدي.. وهذا أبرز ما ورد فيه

نيوز لاين | 1051 قراءة 

شاهد موقف الرئيس العليمي من وساطة الشيخ البركاني بين الحكومة ومليشيا الانتقالي الجنوبي

المشهد الدولي | 550 قراءة 

المستشار الرئاسي بدر باسلمه يكشف سبب تمدد الانتقالي الى حضرموت والمهرة

يمن فويس | 411 قراءة 

اليمن: المجلس الانتقالي الجنوبي يعلن السيطرة على منطقة نفطية استراتيجية ويعرض شراكة مع واشنطن ضد الحوثيين

يمن فيوتشر | 380 قراءة 

القبض على امرأة تسرق مقتنيات النساء من قاعات الأعراس صنعاء.. والعثورعلى مفاجأة صادمة بحوزتها (صورة)

المشهد اليمني | 346 قراءة 

قوات الجيش اليمني تعلن عن موقفها من الأحداث الأخيرة في حضرموت والمهرة

يمن فويس | 328 قراءة 

اللواء عيدروس الزُبيدي يكشف عن هدف الانتقالي من السيطرة على محافظات الجنوب ويتحدث عن الهدف القادم وقال قيادة الاخوان فشلت في تحرير صنعاء وانحرفت نحو الاسترخاء

المشهد الدولي | 274 قراءة 

ميليشيا الحوثي ترسل تعزيزات غير مسبوقة نحو جنوب اليمن تحضيرًا لهجوم عسكري كبير - [تفاصيل]

بوابتي | 263 قراءة 

قوات درع الوطن تواصل انتشارها في حضرموت .. صور

يمن فويس | 245 قراءة 

تلويح بتحرك عسكري.. بيان مصري ناري حول السودان

الوطن العدنية | 241 قراءة