شجرة الغريب.. حين ينهار الجذر وينتحب الجذع!

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 43 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
شجرة الغريب.. حين ينهار الجذر وينتحب الجذع!

تعز، المحافظة التي لطالما كانت مرادفا للمقاومة والكرامة، والكبرياء ، سقط اليوم جزء من روحها. شجرة الغريب، تلك العجوز المهيبة التي شاخت معنا، ولم تهزمها قرون ولا جفاف ولا طلقات، انحنى أحد فروعها الضخمة وسقط، كأنها لم تعد تحتمل ما يجري حولها. كأنها قالت: لقد فاض بي، ولن أظل واقفة كشاهدة زور على هذا الخراب المستمر.

طبعا ليست مجرد شجرة. شجرة الغريب هي زمن ممتد، ذاكرة مظللة بعبق التاريخ، مجلس ظل لأحاديث الجدات وضحكات الأطفال، ورفيف أوراقها جزء من موسيقى المحافظة.

على إن سقوطها لا يُفسر فقط بانهيار عضوي، بل بانهيار منظومة كاملة من الإهمال والتهميش والاستغفال المتعمد للطبيعة والتاريخ في آن.

لأربعة أعوام، كنت أكتب تحت عنوان “شجرة الغريب” عمودي الأسبوعي في صحيفة “الأهالي”، ولم يكن ذلك ترفا أدبيا أو سياسيا أو استعارة سهلة. كنت أكتب وأنا أستظل بظلها الرمزي، وأقاوم، مثلها، الرياح العاتية من الجهل، من الفساد، من الميلشيا، من كل ما يريدنا أن ننسى من نكون. واليوم، حين رأيت أحد فروعها الضخمة يتهاوى، دمعت عيني ليس فقط على ما فقدناه من جسد الشجرة، بل على ما فقدناه من معاني.

نعم ،كيف سُمح لهذا الرمز أن ينهار؟ أين سلطات تعز؟ أين وزارة الزراعة؟ أين أولئك المتشدقون بالهوية والحفاظ على التراث؟ شجرة عمرها مئات السنين تنهار دون صيانة، دون تقدير، دون أن تُعامل كما تُعامل الآثار الوجدانية المقدسة!

على إن ما جرى ليس صدفة طبيعية، بل جريمة ضد الذاكرة، ضد البيئة، ضد تعز ذاتها.

نعم، نحن نعيش زمنا تنهار فيه الأشجار كما تنهار القيم. تنهار السيقان كما تنهار الدولة. تنهار الأغصان كما ينهار الحياء. شجرة الغريب لم تسقط اليوم وحدها، بل سقط معها ما تبقى من وهم أننا نعيش في دولة مسؤولة، أو في مجتمع يدرك قيمة الرموز. والمرعب أن من يتصدرون المشهد لا يحزنون على الشجرة، بل قد يفرحون بصورتهم إلى جوار جذعها الساقط، ليروجوا لذات العبث الذي أسقطها.

اليوم نحن مدعوون للحزن، لكن أيضا للغضب. غضب واعٍ، ليس غوغائيا، بل يطالب بالتحقيق، بالمحاسبة، بوضع استراتيجية لحماية ما تبقى من شجر اليمن، من ذاكرته، من تاريخه الحي. يجب أن تُعامل شجرة الغريب كما تُعامل دار الحجر، أو معابد مأرب، أو جدران زبيد. هي ليست مجرد نبات، بل وطن صغير على هيئة ظل.

ولئن كانت الأشجار تُبكى، فإن شجرة الغريب تستحق حدادا عاما في قلوب كل من لا يزال يؤمن أن الوطن يبدأ من جذر، ومن أغصان لا تُهمل، ومن ظل لا يُباع.

ألا يا شجرة الغريب، سامحينا، فقد خذلناك نحن، لا المطر.!


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مصدر يكشف عن تفاصيل القصف الصاروخي الذي استهدف سوق "فروة" بصنعاء

حشد نت | 893 قراءة 

عاجل:استهداف منزل قيادي في عدن واندلاع اشتباكات

جهينة يمن | 815 قراءة 

قبل ساعات من تنفيذ حكم الإعدام في والدهم .. اطفال بالضالع يقومون بهذا الأمر

كريتر سكاي | 701 قراءة 

غارات أمريكية مرعبة وغير مسبوقة تستهدف صنعاء والاهالي ينزحون الى محافظات اخرى

بوابتي | 677 قراءة 

“تصعيد عسكري في اليمن.. تصريحات بن عزيز تشعل التوقعات!”

المرصد برس | 620 قراءة 

تفاصيل الغارات العنيفة التي هزت العاصمة صنعاء فجر اليوم وتجاهلتها مليشيا الحوثي

المشهد اليمني | 617 قراءة 

الرياض تجمع مكونات الشرعية: معركة وشيكة أم رسائل سلام وفرز للمواقف؟

الموقع بوست | 525 قراءة 

قيادي منشق عن الحو ثيين يوجه رسالة هامة إليهم

كريتر سكاي | 502 قراءة 

مقتل طالب جامعي برصاص القوات السعودية أُثناء محاولته الوصول إلى المملكة

موقع الجنوب اليمني | 449 قراءة 

شاهد اول صورة لحظة تنفيذ الا عدام بالضالع

كريتر سكاي | 442 قراءة