في تطور صادم يعكس التحولات الخطيرة في المشهد الأمني باليمن، كشف مركز مختص بتتبع الجريمة المنظمة وغسل الأموال، عن علاقة سرية آخذة في التنامي بين جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة، تتجاوز حدود العداء التقليدي إلى تنسيق استخباراتي معقد، تجري إدارته في الظل وبعيدًا عن أعين الرأي العام.
من العداء الظاهري إلى التفاهمات الأمنية
بحسب التحقيقات، لم يعد التوتر الخطابي بين الجماعتين سوى ستار يموّه علاقة شراكة استراتيجية على الأرض، حيث يتقاسم الطرفان الأدوار، ويوجهان عناصرهما لخدمة أهداف تتقاطع في كثير من الجبهات.
فبعد سلسلة من اللقاءات غير الرسمية، تولّى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي - تحت إشراف مباشر من أحد القيادات البارزة - مهمة إعادة تأهيل عدد من عناصر القاعدة المعتقلين وإعادة توظيفهم في مهام استخباراتية نوعية.
أذرع مزدوجة: سلاح مشترك ومهام متعددة
عناصر القاعدة الذين خضعوا لبرامج طائفية وتدريب قتالي خاص، جرى توزيعهم في مناطق عدة أبرزها محافظتي أبين وشبوة، حيث نفذوا عمليات استهداف ضد قوات ومواقع حكومية بالتنسيق مع مشرفين حوثيين، اللافت أن هذه العناصر باتت تملك تقنيات متطورة من عبوات ناسفة وطائرات مسيرة، وهو تطور يثير التساؤلات حول مصادر التمويل والدعم.
مناطق سيطرة تتحول إلى ملاجئ
أظهر التقرير أن المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين تحولت إلى ملاذات آمنة لعناصر القاعدة، حيث يتم توفير وثائق رسمية مزورة لهم، بينها بطاقات شخصية وجوازات سفر، ما يتيح تنقلًا آمنًا داخل اليمن وخارجه، في مشهد يُنذر بتحول البلاد إلى مركز لتصدير الإرهاب العابر للحدود.
ضربات منسقة: استهداف الجبهة الداخلية
لم تتوقف هذه الشراكة عند حد الدعم اللوجستي، بل شملت أيضًا تنسيقًا مباشرًا في تنفيذ اغتيالات دقيقة لقيادات عسكرية وسياسية في المناطق المحررة، وتشير المعلومات المتداولة إلى أن خلايا نائمة مرتبطة بالقاعدة نفذت عمليات نوعية بتغطية استخباراتية حوثية، ما يعني أن الجبهة الداخلية أصبحت عرضة للاختراق من قبل جهات متعددة الأوجه.
التمويه الإعلامي والتناقض الميداني
في الوقت الذي تحرص فيه جماعة الحوثي على تصدير خطاب عدائي تجاه الجماعات المتطرفة، تعمل في الخلفية على استخدام هذه العناصر كأدوات في صراع النفوذ، حيث يمنحها هذا التحالف قدرة على ضرب خصومها دون تحمل كلفة المواجهة المباشرة.
تحذيرات دولية ومخاوف إقليمية
مركز الرصد الدولي الذي أعد التقرير حذّر من أن استمرار هذا التحالف سيضاعف من حدة التوتر في المنطقة، مؤكدًا أن خطره لا يقتصر على الداخل اليمني، بل يمتد إلى الإقليم ككل، بما يحمله من تهديد حقيقي للأمن والسلم الدوليين.
وطالب المركز المجتمع الدولي بضرورة تبني تحركات عملية تتجاوز الإدانة اللفظية، والعمل على تفكيك شبكات التخادم التي تُغذي الإرهاب وتؤسس لمزيد من الفوضى.
واقع يعيد تشكيل الخارطة الأمنية
ما كشفه التقرير يفرض إعادة النظر في طبيعة الصراع داخل اليمن، فالمعادلات لم تعد كما كانت، وخيوط اللعبة باتت متشابكة إلى الحد الذي يصعب فيه التفريق بين العدو والحليف.
وبينما تُرفع شعارات الحرب على الإرهاب، تتشكل على الأرض تحالفات تتقاطع مصالحها في غرف مغلقة، وتتقاسم الوطن خلف ستار العداء الظاهري.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news