حين شيعتك الدنيا، لم تكن جنازة فقط… بل كان وداع الأحرار، وكان كل من عرفك يحمل في عينيه تقديرًا لا يُشترى، وسلامًا لروح لا تُنسى.
قابلت الحياة كطير لا يقبل القيد، كحُر لا يعرف الانحناء، كإنسان آمن أن الكلمة الحق لا تُشترى ولا تُقايض.
كنت صلبًا، شامخًا، لا تساوم، لا تضعف، لا تبيع ولا تهون.
في زمن باع فيه الكثير أنفسهم بثمنٍ بخس، حافظت على مبدأك، ودفعت ثمنه، ودخلت السجون مرفوع الرأس، حرّ الإرادة.
كنت نجمًا من نجوم اليمن ، في أيامها الوضيئة، من الذين أسّسوا للحلم والنور.
رحلت، ولكنك لم تغب. فكل من أحبك ما زال يرى فيك الجمال الذي لا يموت، والموقف الذي لا يُنسى.
كنتَ الملهم دومًا، بل كنت الوطن حين ضاق الوطن، والسند حين انكسر السند.
الغرباء أحبوك قبل الأقرباء، لأنك لم تكن تُحب أن تُسند، بل كنت تذوب في سند كل من لجأ إليك.
منحنيات الأرض اليمنية تعرف خطاك، تعرف قامتك، وتعرف ظلك حين مرَّ فوقها، مهيبًا، نادرًا، مغمورًا بالحب والتقدير.
لم تكن عابرًا… كنت علامة، كنت أثرًا، كنت هيئة لا تتكرر، تنضح بالكرامة والحرية.
علمت، فارتقى من تعلّم منك.
وقفت، فاستقامت بك المواقف.
ورحلت، لكنك تركت وراءك أفقًا لا يغيب، وسيرةً لا تُنسى، وقلوبًا تحفظك في دعائها كل يوم.
وفي هذا اليوم، ذكرى رحيلك، لا نرثيك، بل نُحييك.
لا نبكيك، بل نقرأ في حضورك الغائب معنى الرجولة، وسرّ النبل، وكنه الحبّ الحقيقي.
وفي كل ذكرى، نُحدّثك بالعاطفة، ونقرأ على روحك الفاتحة، ونستودعك في سلام الرحمن.
سلام عليك يا أبي، يوم وُلدت حرًا، ويوم وقفت حرًا، ويوم رحلت حرًا.
سلامٌ عليك، وسلام عليك، وسلامٌ على كل أثرٍ لك باقٍ بيننا.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news