يعمل الجيش الإسرائيلي على ضم مدينة رفح (جنوب قطاع غزة) والأحياء المحيطة بها، والتي تشكل خمس مساحة القطاع، إلى المنطقة العازلة التي ينشئها على طول الحدود، ما يعني عملياً محو رفح ومحيطها من خارطة القطاع، التي تعيد إسرائيل تشكيلها، وفقاً لتقرير أوردته صحيفة «هآرتس» العبرية.
وكانت المنطقة الواقعة بين محور صلاح الدين (فيلادلفي) جنوباً وطريق موراغ شمالاً، موطناً لنحو 200 ألف فلسطيني قبل الحرب، إلا أنها تركت شبه مهجورة في الأسابيع الأخيرة بعد الدمار الواسع الذي لحق بها جراء القصف الإسرائيلي.
وذكرت «هآرتس» أنه وعقب انتهاء وقف إطلاق النار، دعا الجيش المدنيين المتبقين إلى الإخلاء والانتقال إلى منطقة مخصصة على طول الساحل حول خان يونس ومنطقة المواصي.
وقالت الصحيفة، إن الجيش يسعى إلى تكرار الأساليب التي استخدمها في شمال غزة، في جنوب القطاع. وأضافت: إن توسيع المنطقة العازلة إلى هذا الحد يحمل تداعيات كبيرة، فهي لا تغطي مساحة شاسعة فحسب (حوالي 75 كيلومتراً مربعاً) أو ما يقرب من خمس مساحة القطاع، بل إن فصلها سيحول غزة فعلياً إلى جيب داخل الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، ما يعزلها عن الحدود المصرية.
ووفقاً للصحيفة، لا يقتصر نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة على الامتداد بين طريق موراغ ومحور فيلادلفي، ففي الأسابيع الأخيرة بدأ الجنود في اتخاذ مواقع على طول محيط المنطقة، فيما يبدو أنها خطوة تمهيدية.
وقال قائد إسرائيلي شارك في القتال لأكثر من 240 يوماً في غزة، وشارك في عمليات هدم المباني على طول المنطقة العازلة وطريق «نتساريم»: «لم يبقَ شيء لم يدمر في المنطقة العازلة». وأضاف: «المنطقة بأكملها غير صالحة للسكن.. لا داعي لإرسال هذا العدد الكبير من الجنود إلى هذه الأماكن». وأعرب هو وجنود آخرون عن إحباطهم الشديد من خطة استئناف القتال في هذه المناطق.
وصرح جندي من لواء احتياطي يخدم حالياً في غزة: «لا أصدق أنه بعد عام ونصف العام عدنا إلى نقطة البداية.. يرسلوننا لتدمير ما دمر بالفعل، دون أن يعرف أحد كم سيستغرق ذلك، أو الهدف الفعلي، أو مستوى النجاح العملياتي اللازم للقوات لإتمام المهمة».
غارات
في الأثناء، قالت السلطات الصحية في غزة أمس، إن غارة جوية إسرائيلية قتلت 35 فلسطينياً على الأقل بينهم أطفال في منزل بحي الشجاعية في مدينة غزة. وذكر مسعفون أن العشرات أصيبواً أيضاً في الهجوم الذي استهدف مبنى سكنياً متعدد الطوابق في الحي الواقع شرق المدينة. وأضافوا أنهم يعتقدون أن هناك مفقودين ومحاصرين تحت الأنقاض، وأن الضربة تسببت في إلحاق أضرار بنحو 20 من المنازل المجاورة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه استهدف مسلحاً كبيراً في حركة حماس مسؤولاً عن التخطيط للهجمات وتنفيذها انطلاقاً من حي الشجاعية، لكنه لم يكشف عن هويته. وقالت السلطات الصحية المحلية إن عشرة فلسطينيين قتلوا في هجمات إسرائيلية منفصلة في مناطق أخرى من القطاع.
بؤس إنساني
ويبقى الوضع الإنساني الأشد تأثراً في غزة، حيث القصف والقتل والتهجير والتجويع والتعطيش. وبعد ستة أسابيع من قطع إسرائيل جميع الإمدادات عن سكان القطاع، نفدت تقريباً جميع المواد الغذائية التي تم تخزينها خلال الهدنة في بداية العام. وتوقفت عمليات توزيع وجبات الطوارئ وأُغلقت المخابز وباتت الأسواق خاوية.
وتقول وكالات إغاثة كانت تقدم وجبات الطوارئ إنها ستضطر إلى التوقف خلال أيام ما لم تتمكن من إدخال المزيد من الأغذية.
وقالت جولييت توما من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن «كل الإمدادات الأساسية على وشك النفاد». ومضت قائلة «هذا يعني أن الرضع والأطفال ينامون جائعين. بدون هذه الإمدادات الأساسية، تقترب غزة كل يوم من الجوع الشديد للغاية».
وقال جافين كيليهر المدير المسؤول في المجلس النرويجي للاجئين عن توصيل المساعدات في غزة «توقف توزيع الغذاء بالكامل تقريباً، وتم تحويل المخزونات المتبقية من أجل أن يستمر توزيع الوجبات الساخنة لبضعة أيام أخرى، لكن هذا سيتوقف قريباً أيضاً».
وتقول منظمة أطباء بلا حدود الخيرية إن هناك أطفالاً ونساء حوامل يعانون من سوء تغذية حاد، وإن الأمهات المرضعات أنفسهن جائعات جداً لدرجة أنهن لا يستطعن إرضاع أطفالهن
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news