شيبوب.. والرؤية من الشبابيك!!

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 49 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
شيبوب.. والرؤية من الشبابيك!!

مع نهاية سبعينيات القرن الماضي، كان أسلوب الغناء العربي الكلاسيكي يعيش أزمة عميقة بعد أن رحلت أركانه العتيدة (أم كلثوم ، عبدالحليم)، وخلال هذه الفتره برزت محاولات جادة لأحياء نسخ كلثومية (ورده الجزائرية وعزيزة جلال) أو حليميه (علي الحجاز، هاني شاكر) . إلا أن هذه المحاولات لم تكن كافية لتجديد شباب الغناء العربي الكلاسيكي بعد أن بلغ ذروة مجدة في الخمسينيات والستينيات.

في هذه اللحظة كان ثمة نخبه موسيقية شابة تحاول إعادة ابتكار الموسيقى العربية من خلال مزج الشرق بالغرب، وكان روادها هاني شنوده ويحيى خليل، اللذان أسسا فرق موسيقية عزفت ألحان مختلفة، وقد كانت تجارب هذه الفرق بمثابة الارهاصات التي سبقت الثورة العربية المعاصرة في الموسيقى.

إن حالة الخمول التي أصابت الأغنية الطربية الكلاسيكية من جهة، والحراك الموسيقي للفرق الشبابية من جهة ثانية، ورغبة الشارع في الاستماع إلى أشكال لحنية جديدة من جهة ثالثة، كل هذا شكل البيئة المثلى لولادة الأغنية العربية التي نعرفها اليوم.

وقد كان قائد هذه الثورة شاب أسمر نوبي، جاء من خلفية يسارية وحظي بثقافة موسيقية واسعة جمعت بين التراث الشعبي والطرب الشرقي والتحديث المتسارع في الغرب، وفي بداية الثمانينات قرر الشاب محمد منيزطر أن يخلق تجربته الخاصة وأن لا يكون عندليب أسمر جديد. فترك السلم السباعي التقليدي للموسيقى الكلاسيكية، واستعان بالسلم النوبي الخماسي لكي يصنع لحن أسرع ايقاعًا. لقد عاد منير خطوة للخلف كي ينطلق خطوات للأمام.

وقد اكتملت أركان تجربة منير الثورية حينما وقع اختياره على قصيدة شبابيك للشاعر مجدي نجيب، وهي قصيدة تحكي عن معتقل قرر أن ينسى عتمة السجن وأن يشاهد العالم من شباك زنزانته.. لأن “الدنيا كلها شبابيك”.

ومن هذه الشبابيك خرجت أيضًا الأغنية العربية من أشكالها القديمة وولد شكل غنائي جديد استمر معنا إلى اليوم. لقد ولد “البوب العربي المعاصر”، الذي استمر بالتطور إلى أن بلغ ذروة نضوجه مع مطلع الألفية الجديدة، وتحديدًا بأغنية “تملي معاك”.

أما في اليمن ومنذ الثمانيات وحتى الألفية الثالثة، فقد كان المشهد الفني يمضي برتابة أكبر تصل حد التخلف؛  لقد ناضل أغلب فنانو اليمن لإحياء التراث بصورته التقليدية وابتكار تنويعات لحنية من داخله، في حين سعت نخبة رائدة إلى محاولة تطريب الغناء التراثي والشعبي وتحويله إلى موسيقى كلاسيكية (أبو بكر ، أحمد قاسم).

والعجيب ان الشارع اليمني لم يكن يشعر بأي حاجة إلى التجديد، لقد عاش اليمنيون حالة فصام: اكتفوا بالاستماع إلى فنهم الأصيل باعتباره متحف تاريخي لا يجوز المساس به، وانفتحوا على الاستماع على أغاني البوب العربي الجديد لكن دون الرغبة في محاكاتها.

إلا أن هذا الرضا والجمود بدأ بالتزعزع قليلًا مع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فقد اسهمت ثورة الانترنت في دفع الأجيال الجديدة للتجريب كهواة، وبالطبع بدأنا نسمع نوعًا من التجديد البسيط والطفولي الذي ظهر من خلال الفرق الموسيقية في زفات الأعراس ودخول “الأورج” وكذلك بمحاولات الشباب اليمني لغناء الراب.

كل هذا كان مجرد تعبير عن احتياج شديد لثورة فنيه؛ ومثلما هو الحال في مصر جاء شاب أسمر ليحاول الاضطلاع بهذه المهمة، لقد فعل هاني الشيباني “شيبوب” تمامًا مثلما فعل منير، عاد خطوة للخلف كي يتقدم خطوات للامام، فكانت ثورة “أنا عودت عيني على رؤياك”، لقد كانت هذه الأغنية هي نقطة التحول في شكل الموسيقى اليمنية، ومثلت استئنافًا لمحاولات التجديد الطربي للأباء، عبر ادخال توزيع موسيقي جديد بأسلوب البوب المعاصر.

لقد قرر شيبوب أن يتشجع وأن ينظر من الشبابيك، لم يكتفي بالغناء داخل الزنزانة حتى وأن كان ذلك سوف يجتذب التصفيق المضمون الذي يناله مطربين كبار، لقد حاول أن يكون نفسه أن يكون تجربته ولا يكتفي بكونه مغني سهرات وأعراس.

بالطبع ما كان لشيبوب أن يفعل هذا لولا سعة اطلاعه الموسيقي، خلال أسبوعين في القاهرة اسعفني الحظ للاقتراب من هذا الشاب، ولم أجده يمتنع عن الاستماع لأي لون فني غربي شرقي أفريقي يمني خليجي مصري، كل انواع الموسيقى الطرب البوب الروك الجاز الراب الراي المهرجنات. لذا فهو لا يخجل ولا يخاف من التجريب والتجديد.

في إحدى نقاشاتنا حاولت أن أستعرض له ثقافتي كي يقبلني كصديق، فأخبرته أنه بحاجة إلى أغنية “هت” بتوزيع طارق مدكور.. نظر إلي شيبوب بفرح لأني فكرت بهذه الطريقة، ثم تحسر وقال والله حاولت أطرق بابه بشتى الطرق، ولو ثمة جهة تمول مشروع تجديد للفن اليمني بوسعنا أن نعمل الكثير.

أخبرني شيبوب أنه حتى حاول التواصل والتعاون مع فرقة شارموفرز، وأخبرني كيف انه يفكر في تطوير أغنية يمنية تراثية بأسلوب التراب؛ حينها قلت له يا شيبوب أنت مطالب تنجز لنا ما قام به منيز وعمر دياب وحماقي وويجز ، قدرك أن تصنع معجزة وليس فقط ثورة!.

ولقد جاءت أغنية “فعلة” لتثبت لي باطمئنان شديد أن ما بدأه شيبوب لم يكن مجرد دعوة طموحة، بل هو مشروع فني حي ينمو ويتطور، و هو مشروع سوف يحاكيه كافة أفراد الجيل الجديد من الفنانين اليمنين عاجلًا أم أجلًا.. أما حراس التناحة وقاطنو الزنزانة فلن يرضيهم أي أحد يحاول النظر من الشبابيك.. ناهيك عمن يحاول كسر باب السجن!!.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل:الاعلان عن عملية عسكرية

كريتر سكاي | 789 قراءة 

ابرزها المواجهة الشاملة .. محلل سياسي يكشف ثلاثة سيناريوهات قادمة في اليمن

صوت العاصمة | 576 قراءة 

بينها ضرب مطارات وموانئ الشرعية وهدم المعبد فوق الجميع...الحوثيون محاصرون بثلاثة سيناريوهات

جهينة يمن | 477 قراءة 

شاهد صورة نادرة للرئيس اليمني الراحل علي صالح و إلى جانبه قيادات سياسية بارزة

يمن فويس | 418 قراءة 

مسؤول رفيع في المجلس الانتقالي الجنوبي يقدم استقالته .. لهذا السبب!

صوت العاصمة | 367 قراءة 

شاهد بالفيديو...الحوثيون يحشدون المواطنين لتشييع قتلى بجامع الحشوش.. وعندما وصلوا كانت المفاجأة

جهينة يمن | 330 قراءة 

كشف معلومات حساسة عن نجل شقيق عبدالملك الحوثي البعيد عن الأنظار ”محمد حميد بدر الدين”

المشهد اليمني | 289 قراءة 

الفنانة الكبيرة ليلى علوي:اعلم بان اليمنيين قاموا بتسمية سيارة فخمة باسمي وهذه حقيقة زيارتي الى اليمن

كريتر سكاي | 277 قراءة 

الكميم يكشف: الحوثيون يدفنون قادتهم كـ"خرفان مذبوحة".. أبرز 6 قيادات في النعوش وهذه أسماءهم

نافذة اليمن | 245 قراءة 

شاهد اول صورة لتشييع المراة التي قتلها زوجها بسبب كسوة العيد بعدن والكشف عن هويتها

جهينة يمن | 226 قراءة