بين توظيف التعاليم الإسلامية وسلوك العصابات.. كيف ينهب الحوثيون التجار باسم الزكاة؟

     
بران برس             عدد المشاهدات : 20 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
بين توظيف التعاليم الإسلامية وسلوك العصابات.. كيف ينهب الحوثيون التجار باسم الزكاة؟

بران برس

بران برس- وحدة التقارير:

مع حلول شهر رمضان المبارك، تستنفر جماعة الحوثي المصنفة عالميًا بقوائم الإرهاب قدراتها البشرية والدعائية لتنفيذ أوسع حملة مشتركة لجباية أموال الزكاة من التجار في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، أولت الجماعة اهتمامًا بالغًا بالواجبات الدينية والزكوية وحوّلتها إلى منافذ تعود عليها بأموال باهظة لرفد خزانتها المالية ودعم مجهودها الحربي ضد اليمنيين.

خلال السنوات الخمس الأخيرة، وسّعت عمليات جباية أموال الزكاة، وتستخدم الأدوات الجبرية لإرغام مالكيّ المحال التجارية والشركات على دفع المبالغ المفروضة عليهم خصوصًا في شهر رمضان، بما فيها من خلال المداهمات واقتحام المحال التجارية.

واشتكى كثير من التجار، خصوصًا صغار الباعة، من إجبارهم على دفع مبالغ مالية تفوق أحيانًا رؤوس أموالهم، وعادة ما تتضاعف هذه المبالغ سنويًا رغم ركود السوق جراء الأزمة الإنسانية والمعيشية التي تطحن المواطنين.

تهديد واعتقال

رياض الحمامي، مالك بقالة صغيرة، قال لـ“بران برس”، إن دخله اليومي لا يتجاوز 20 إلى 30 ألف ريال، ورأسماله لا يتعدى 400 ألف ريال، ومع ذلك تطالبه هيئة الزكاة الحوثية بدفع 70 ألف ريال.

استغرب “رياض”، في حديثه لـ“بران برس”، إصرار الحوثيين على فرض هذا المبلغ رغم أنه بالكاد يوفر إيجار المحل ومتطلبات معيشة عائلته.

وأضاف: حاولت التفاهم معهم لتخفيف المبلغ إلا أنني لم أجد منهم سوى التهديد بالسجن أو دفع مبالغ إضافية. مستغربًا إصرار الحوثيين على تسميتها زكاة رغم أنهم يفرضونها بالإكراه وبالمخالفة لكل تعاليم الإسلام ومقاصده.

من جانبه، قال أيمن الشرعبي، وهو أيضًا مالك بقالة، لـ“بران برس”، إن الحوثيين احتجزوه أكثر من مرّة، وأجبروه على دفع مبلغٍ يتجاوز رأس ماله. 

وأوضح أنه لم يكن رافضًا دفع الزكاة، بل كان يحاول تخفيض المبلغ 30% مما دفعه العام الماضي، كون رأسماله تراجع أكثر من النصف بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، وضعف القدرة الشرائية للمواطنين.

رغم محاولات أيمن، وتوسلاته إلا أن هيئة الزكاة التابعة لجماعة الحوثي ظل ترسل له مسلحيها طوال شهر رمضان ولم تراع وضعه وحالته، بل حاولت زيادة المبلغ بدلًا من تخفيضه. يقول: لم يفرجوا عني إلا بعد أن دفعت المبلغ الذي أرادوه.

وصف أيمن، هذه الممارسات بأنها مخالفة لأحكام الشرع الإسلامي الذي حدد الزكاة على التجارة بـ“ربع العشر” (2.5% من رأس المال المتداول)، بينما الجماعة تفرض علينا “العشر” (10%).

وانتقد سلوك موظفي هيئة الزكاة، وقال إنهم أشبه بعصابة لصوص وبلطجية، مضيفًا أنهم لا يكتفون بجمع مبالغ الزكاة، بل يطالبون برسوم إضافية غير قانونية ومنها: رسوم الحبس، وتكاليف الزيارات المتكررة للمحل.

اختلاس

تقارير حقوقية وصحفية كشفت عن انتهاكات جسيمة ارتكبتها جماعة الحوثي فيها يتعلق بجباية الزكاة، متحدثة عن قوانين ومعايير أقرتها بهدف اختلاس أموال التجار، وجعل القطاع التجاري رهن قوانينها “التعسفية”.

فيما تحدث التجار الذين تحدّث إليهم “بران برس”، عن إمعان الحوثيين في اضطهاد التجار مستغلين سيطرتهم على أجهزة الدولة الأمنية والقضائية، والتي يستغلّونها لابتزا التجار ونهبهم تحت مسميات مختلفة بما فيها الزكاة.

ووفقًا لتقديرات فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، فإن إيرادات جماعة الحوثي من أموال الزكاة تُقدَّر بحوالي 25 مليار ريال يمني سنوياً. موضحًا أن الجماعة فرضت ضريبة الخُمس (20%) في يونيو 2020 على العديد من الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك قطاعات المعادن والنفط والمياه وصيد الأسماك، مما يوفر لهم مصدرًا إضافيًا للإيرادات.

ابتزاز ونهب مسلح

تحدث العديد من التجار لـ“بران برس”، عن حملات ميدانية كثيفة تنفّذها الجماعة خلال شهر رمضان، للتشديد على التجار وإجبارهم على دفع “الزكاة”، وبلغ بها الأمر لتنفيذ اقتحامات مسلحة للمحال التجارية، واعتقال التجار الذين يعجزون عن الدفع، دون أي اعتبار للأوضاع الاقتصادية المتردية أو الأزمات التي يمر بها السوق.

(ص ب)، مالك سوبر ماركت في صنعاء، قال إن هيئة الزكاة الحوثية أرسلت موظفيها مدججين بالسلاح لاقتحام متجره وترويع الزبائن، وإجباره على دفع مبلغ كبير قدره مليون ريال باسم الزكاة، غير آبهة بالخسائر التي تكبدها مشروعه الناشئ. 

وأضاف في حديثه لـ“بران برس”، مفضلا عدم الإفصاح عن هويته لدواع أمنية، أن الهيئة الحوثية وصل بها “البطش” إلى مداهمة المحال التجارية واقتياد أي تاجر لا يدفع ما تريده إلى السجن حتى لو كان المشروع خسران أو غارق في ديون أو على وشك الافلاس.

وتابع أن الجماعة حوّلت رمضان إلى شهر الجبايات بقوة السلاح وأشكال البلطجة. مضيفًا: عندما نحاول نوضح لهم رأس المال الكلي يتجاهلون الأمر ويفرضون شروطهم تحت التهديد ما يجعل التاجر مخنوقًا ومجبراً على تنفيذ أوامر قهرية تعرضه بأي وقت للإفلاس.

وعبّر بجاش، عن امتعاضه مما أسماه “الابتزاز والنهب المستمر تارة باسم الدولة، وأخرى باسم الله”، مؤكدًا أن هذا النهج دفع بالعشرات من صغار التجار وأصحاب المشاريع إلى الإفلاس أو الهروب بحثاً عن بيئة آمنة.

هروب إلى الإغلاق

تحت ضغط الجبايات الحوثية المتواصل والذي يصفه التجار بأنه “لا يطاق”، اضطر العديد من التجار لإغلاق محلاتهم. وطبقًا لأقوالهم فإن الجبايات الدورية وإشعارات الإغلاق المتكررة جعلت الخسائر أكبر من أن تحتمل. 

هذا الوضع دفع الشاب عوض الزريقي، إلى إغلاق مشروعه التجاري البسيط الخاص ببيع العصائر، والذي كان يأمل من خلاله تأمين قوت يومه وسداد ديونه.

كان الزريقي، قد بدأ مشروعه الصغير بديون لأشخاص ساعدوه على الانطلاق، إلا أن فرحته لم تدم طويلًا، فقد هددت مداهمات هيئة الزكاة الحوثية مصدر رزقه الهش، مطالبة إياه بدفع مبالغ تفوق رأس ماله المتواضع. 

قال الزريقي لـ“بران برس”: مشروعي لم يكمل عامًا واحدًا، وأنا لا أملك رأس مال كافٍ، بل بدأت بالدين، مضيفاً أن الجماعة لم تعره أي اهتمام حينما حاول أن يوضح لها حقيقة وضعه المالي وإطلاعها على التقارير المالية.

ورغم كل هذا قال إن النتيجة كانت “التعامل الفجّ والإهانة، واقتادوني إلى الحجز”. 

بين تعاليم الإسلام وابتزاز العصابة

حول هذه الممارسات الحوثية، شدد أستاذ الفقه وأصوله في جامعة إقليم سبأ، عارف بحيبح، أنها لا تمت إلى الزكاة والإسلام بصلة، ووصفها بأنها “ابتزاز منظم مخالف للشريعة وأحكام الزكاة التي شرعها الله”. 

وأضاف الدكتور بحيبح، لـ“بران برس”، أن الزكاة عبادة مالية عظيمة، شرعت لحكمة إلهية، أولها تحقيق التكافل الاجتماعي وسد حاجة الفقراء والمساكين، ولها شروط وضوابط نص عليها الشرع الإسلامي وأبرزها النصاب، ومرور الحول، وهي ربع العشر (2.5%) من المال الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول”. 

وأكد أن “الزكاة لا تُفرض جزافاً ولا تُحدد بقوة السلاح، بل يتم إخراجها طواعية وبمقادير شرعية، أما فرض عشرات الأضعاف على التجار دون مراعاة لأوضاعهم الاقتصادية، أو مطالبتهم بدفع (10%) أو أكثر من رأس المال، فهو ليس من الإسلام، بل من الظلم والجباية المحرمة شرعاً”.

وكان القانون اليمني رقم (2) لسنة 1999 بشأن الزكاة قد نظم عملية تحصيلها، وحدد نسبة كل نوع من الأموال الخاضعة لها مع مراعاة أوضاع المكلفين. كما ألزم الجهات المختصة بتحصيلها دون تعسف أو إكراه، معتبرًا أي تجاوز أو فرض إتاوات إضافية جريمة قانونية يعاقب عليها القانون.

أداة قمع ونهب وتمويل الحرب

ما تعرض له “الزريقي” وغيره ليس حالة فردية بل جزء من أسلوب حوثي ممنهج يستهدف القطاع التجاري من المؤسسات الكبرى إلى المشاريع الصغيرة، وتبرز هيئة الزكاة الحوثية كأداة قمع ونهب لأموال اليمنيين.

حول هذا، قال المحلل الإقتصادي، وحيد الفودعي، لـ“بران برس”، إن الزكاة تحولت إلى وسيلة لفرض الإتاوات المالية على التجار، في إطار سياسة اقتصادية ممنهجة تهدف إلى تمويل العمليات العسكرية وتعزيز سيطرة الجماعة على مفاصل الاقتصاد المحلي.

وأضاف أن هذه الإجراءات ليست مجرد تنظيم لعملية تحصيل الزكاة، بل هي شكل من أشكال الجباية القسرية التي تزيد من أعباء التجار وتدفع الاقتصاد اليمني نحو مزيد من الركود.

وأشار إلى أن السياسات الحوثية المتعلقة بالزكاة تؤثر بشكل مباشر على النشاط التجاري في مناطق سيطرتهم، حيث يضطر التجار لدفع مبالغ كبيرة تفوق النسبة الشرعية، ما يؤدي إلى تراجع رؤوس الأموال وهروب المستثمرين إلى مناطق أكثر استقرارًا. 

وقال إن الجماعة تستغل هذه الموارد المالية في تمويل أنشطتها العسكرية بدلاً من دعم الفقراء والمحتاجين، ما يجعل الزكاة مجرد غطاء لنهب الأموال بطريقة منظمة. فوفقًا للتقديرات، فإن الحوثيين يجمعون مليارات الريالات سنويًا تحت مسمى الزكاة، في ظل غياب أي رقابة على أوجه صرفها، مما تزيد من معاناة القطاع التجاري.

وطبقًا للفودعي، فإن الحوثيين “يستخدمون الزكاة كأداة لإضفاء شرعية مزعومة على سلطتهم، حيث يحاولون تقديم أنفسهم كدولة ذات سيادة عبر فرض الضرائب والجبايات، رغم أن الواقع يعكس صورة مغايرة تمامًا، إذ يتم استخدام هذه الأموال في تمويل المجهود الحربي واستقطاب الولاءات داخل الجماعة”. 

وأكد هناك تشابه كبير بين أسلوب الحوثيين في فرض الجبايات وممارسات الجماعات المسلحة الأخرى، مثل داعش وحزب الله، حيث يتم تحويل الضرائب المفروضة على المدنيين إلى مصدر رئيس لتمويل العمليات العسكرية بدلًا من استخدامها في تنمية المجتمع. معتبرًا هذه السياسات تعكس ضعف التمويل الخارجي للجماعة.

الزكاة

الحوثيون والزكاة

زكاة الحوثيين والتجار


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

علي البخيتي: يبدو أن الذي يعكس الاحداثيات للقوات الأمريكية نفس الذي كان يعطيها لهؤلاء

كريتر سكاي | 887 قراءة 

نزوح هؤلاء من صنعاء الى عدن

كريتر سكاي | 711 قراءة 

عاجل : أول دولة تعلن رسمياً عيد الفطر الإثنين 1 شوال

وطن الغد | 711 قراءة 

بالأسماء.. الدول الإسلامية التي سوف يكون عيد الفطر يوم الأحد والدول التي سوف تعيد يوم الاثنين

المشهد اليمني | 606 قراءة 

قوات تشتبه في ‘‘راعية غنم’’ جنوبي اليمن وعد القبض عليها كانت المفاجأة

المشهد اليمني | 566 قراءة 

عاجل:عقب غارات مكثفة ومرعبة.. اول تحرك كبير في صنعاء

كريتر سكاي | 471 قراءة 

الطيران الأمريكي يستهدف محافظة مأرب في اليمن

المشهد الدولي | 435 قراءة 

الكشف عن سبب صادم لاعلان الزبيدي تشكيل مجلس شيوخ الجنوب العربي بقيادة السلاطين

جهينة يمن | 360 قراءة 

قيادي حو ثي : تم قصفنا بهذه القنابل للمرة الأولى!

كريتر سكاي | 320 قراءة 

أعنف ليلة شهدتها اليمن.. تفاصيل الغارات الأمريكية على عدد من المدن اليمنية

المشهد اليمني | 303 قراءة