أعد الحلقة لـ”يمن ديلي نيوز” محمد العياشي:
كريستيان روبن هو عالم آثار فرنسي، وُلد في 12 مايو 1943، أسس المركز الفرنسي للأبحاث في صنعاء وترك بصمة كبيرة في دراسة تاريخ اليمن القديم من خلال اكتشافاته للنقوش الأثرية.
درس في معهد الدراسات السياسية بباريس وحصل على دكتوراه في الدراسات العربية.
يُعد روبن أحد الأعضاء البارزين في أكاديمية النقوش والرسائل الجميلة، وهو المدير الفخري للمركز القومي للأبحاث العلمية في فرنسا.
أسس أيضًا المركز الفرنسي للأبحاث في صنعاء، اليمن، حيث عمل لمدة عشر سنوات (1978-1989) كمدير للبعثة الأثرية الفرنسية.
كما تولى مسؤولية العديد من البعثات الأثرية والمشاريع البحثية في مختلف مناطق شبه الجزيرة العربية.
له العديد من المؤلفات والدراسات حول تاريخ اليمن القديم، فضلاً عن رسمه لخريطتين أثريتين، إحداهما لليمن القديم، والأخرى لوادي الجوف.
مائة قطعة أثرية
أجرى كريستيان روبن لقاءً خاصاً مع الجريدة الكويتية في شهر فبراير 2023م ، حيث كان في زيارة سريعة تهدف إلى دراسة حوالي 100 قطعة أثرية تتعلق بتاريخ شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، معظمها من اليمن.
هذه القطع ستكون محور كتاب مشترك مع عالمة إيطالية مختصة بالفنون، تُدعى سابينا أنطوني، وأخرى يمنية هي ليلى علي عقيلي المتخصصة في الجواهر.
تخصص روبن كعالم آثار في دراسة شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، حيث قاده هذا التخصص إلى اليمن عام 1972، في فترة الحرب الأهلية.
ومنذ ذلك الحين، بدأ رحلاته المتكررة إلى نجران التي يزورها سنويًا، حيث يراها منطقة قبلية هامة في التاريخ القديم، خصوصًا في ظل انتشار الإسماعيلية وسط قبيلة يام، وكذلك في منطقة همدان التي فيها قليل من الزيديين.
وفي تلك المرحلة، كانت الروابط القبلية أقوى من الانتماء الديني.
عمل روبن في اليمن كمدير للبعثة الأثرية الفرنسية بين 1978 و1989، كما تولى مسؤولية المركز الفرنسي للأبحاث والآثار الذي انتقل قبل سنتين إلى الكويت لتغطية عدة دول خليجية.
تولى عدة بعثات للتنقيب عن الآثار في مناطق مثل قتبان وتيغراي ونجران، وله إسهامات عديدة في دراسة النقوش والكتابات، فضلاً عن دراسات حول اليهود والمسيحيين في شبه الجزيرة العربية في القرنين الخامس والسادس الميلاديين.
أبرهة الحبشي والتاريخ الأثري
في حديثه عن “أبرهة الحبشي”، أكد روبن أن الشخصية كانت معروفة تاريخيًا، ولكن المصادر المتداولة كانت تقليدية.
ومع اكتشاف النقوش الجديدة، تغيرت الكثير من الروايات.
وقال: “القصة كما هي بالنقوش النمساوية تقول إن أبرهة أخذ العرش بالقوة ضد النجاشي والرومانيين، وبعد 15 سنة من الحروب والمواجهات انتهت إلى عقد مؤتمر جمع فيه قادة من الفرس والحبشة ووفود عربية مثل منذر ملك الحيرة والحارث بن جبلة ملك غسان.”
وأوضح روبن أن أبرهة كان ملكًا من ملوك “حمير” واعتُبر قائدًا عسكريًا لمملكة أكسوم قبل أن يصبح ملكًا على “حمير”، مشيرًا إلى أن جنوده كانوا في معظمهم من العرب، وليس من الحبشة.
وذكر أن الحملة التي قادها أبرهة ضد مكة لم تكن هجومًا من “الحبشيين”، بل كان معظم الجنود من قبائل عربية.
وأضاف روبن أنه في عام 2008، زار موقع مريغان في السعودية، حيث اكتشف نقشًا جديداً يوضح أن أبرهة نجح في توسيع سيطرته على مناطق كبيرة في شمال الجزيرة العربية، لافتًا إلى أن النقوش المكتشفة تشير إلى نجاحه العسكري.
اليهودية والمسيحية في جزيرة العرب
سُئل “روبن” عن دور اليهود والمسيحيين في جزيرة العرب، فأجاب بأن ملوك مملكة “حمير” في القرن الرابع الميلادي، تحديداً بين 380 و530م، كانوا يهوداً، وقد سيطروا على معظم مناطق شبه الجزيرة العربية.
وأضاف: اليمن كان موحداً تحت حكم مملكة “حمير” في نهاية القرن الثالث الميلادي، وشنت هذه المملكة العديد من الهجمات على المناطق المجاورة في القرن الرابع الميلادي.
إسهاماته في دراسة تاريخ المنطقة
روبن لا يزال يعد من أبرز العلماء الذين أسهموا في فهم تاريخ شبه الجزيرة العربية القديم.
في محاضرة ألقاها في دار الآثار الإسلامية ضمن الموسم الثقافي الـ20، تحدث عن تطور الكتابة العربية في نجران وأكد أن الدراسات الميدانية الكثيرة وأعمال الحفائر الأثرية كشفت عن نصوص مهمة تتعلق بتجارة اليمن القديمة مع دول بعيدة.
وقال إن هذه الاكتشافات تساعد على تقديم رؤى جديدة عن تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام، لا سيما فيما يتعلق بحكم أبرهة الحبشي.
كما أكد في كتابه عن طرق التجارة القديمة أن الأبجدية السبئية التي ظهرت في إثيوبيا تمثل تطورًا مستقلاً للكتابة العربية.
وأضاف أن هذا التطور يعكس تأثير اليمن القديم على مناطق أخرى في القرن الأفريقي، وخاصة في مملكة أكسوم.
اليمن بلد خال من الوثنية
في مقالة له عام 2015 بعنوان “حِميَر وأكسوم والعربية الصحراوية في أواخر العصور القديمة”، ذكر روبن أنه “انتهت الوثنية والشرك في اليمن منذ 320م”.
وأكد أنه لم يُعثر على أي نقش يدعو لعبادة الأوثان بعد هذا التاريخ.
وأضاف أنه في اليمن القديم، بين القرنين الرابع والخامس الميلاديين، كان الدين اليهودي والمسيحي هو السائد.
ماتوصل إليه “كريستيان” يتناقض مع كثير من التاريخ المنقول خاصة فيما يخص “أبرهة الحبشي” حيث يشير إلى أن أبحاثه توصلت إلى أنه ملك حميري وليس حبشي.
كما حاول إثبات أن سكان اليمن كانوا يدينون باليهودية والمسيحية ولم تكن في اليمن عبادة الأوثان كما كان الحال عليه وسط الجزيرة العربية.
مراجع ثانوية:
– صحيفة الجريدة الكويتية
– الموسوعة الحرة
سلسلة حلقات “المستشرقون واليمن”:
الحلقة الأولى: الألماني “نيبور” ورحلته إلى البلاد التي تحكمها التوازنات
الحلقة الثانية: “هاليفي” في رحلة استكشاف تاريخ اليمن تحت عباءة التسول
الحلقة الثالثة: رحلة البريطاني “برتون” إلى أرض النقوش والعادات الفريدة
الحلقة الرابعة: “ثيسيجر” الذي وجد أن السعادة الحقيقية في قلب الصحراء
الحلقة الخامسة: فيلبي “الحاج عبدالله” الذي ساهم في رسم ملامح الجزيرة العربية واليمن
الحلقة السادسة: “جلازير” النمساوي الذي ارتدى ثوب “التشيع” لنهب آثار اليمن
الحلقة السابعة: “مانزوني” في رحلة تكشف تطور صنعاء قبل عودة الإمامة إليها
الحلقة الثامنة: “فريا ستارك” في مهمة الاستكشاف والتجسس لصالح بريطانيا
الحلقة التاسعة: “جورج كولان” رحلة دبلوماسية واكتشاف اللهجات اليمنية
الحلقة العاشرة: الألماني “هولفريتز” في رحلة إلى اليمن من الباب الخلفي
الحلقة الحادية عشرة: الفرنسي “نيزان” والوجه المظلم للاحتلال البريطاني في عدن
الحلقة الثانية عشرة: “فيليبس” على رأس بعثة أمريكية إلى جوهرة الصحراء “مأرب
”
الحلقة الثالثة عشرة: رحلة ماكنتوش لتعلم “العربية” في البلد الأقرب للفصحى
الحلقة الرابعة عشرة: الألماني “بورخارت” الذي قاده شغفه باليمن إلى مقتله
الحلقة الخامسة عشرة: الألماني “هيرش” أول غربي يزور شبام حضرموت
الحلقة السادسة عشرة: “روبرت سرجنت” في مهمة دراسة الثقافة اليمنية
الحلقة لسابعة عشرة: جورج وايمان بري “جاسوس” بريطاني بعباءة مستكشف
الحلقة الثامنة عشر: رحلة الفرنسي “جان جاك بيربي” في البلاد المعزولة
الحلقة التاسعة عشرة: الألماني “سيتزن”: اكتشف اليمن ولم تُكتشف وفاته الغامضة في تعز
الحلقة العشرون: “لانجر”: مهمة علمية انتهت بترحيل 22 نقشاً حميرياً إلى فيينا
الحلقة الحادية والعشرون:“فارتيما”.. أقدم قصة تجسس لصالح البرتغال في اليمن
الحلقة الثانية والعشرون: القنصل الفرنسي “أرنو” الذي أصبح باحث آثار في مأرب
الحلقة الثالثة والعشرون: “انجرامز” ومهمة تثبيت أقدام بريطانيا في حضرموت
مرتبط
الوسوم
المستشرقون واليمن
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news