يتعهد مسؤولو البنتاغون بأن المواجهة المتجددة مع الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن لن تتحول إلى حربٍ لا نهاية لها، لكن الأمور تزداد تعقيدًا بالفعل.
حيث تتعهد إدارة ترامب بملاحقة المقاتلين الحوثيين حتى يوقفوا هجماتهم على الشحن التجاري في البحر الأحمر.
ومع ذلك، إلا إن حملتها الجوية التي بدأت قبل أيام فقط تصطدم بقيود سياسية وصناعية أمريكية، بما في ذلك المخزون المحدود من الأسلحة الدقيقة، والأزمة الإقليمية المتفاقمة، وجماعة مسلحة غير مستعدة للتراجع، حتى في مواجهة قوة عسكرية عظمى.
وقال المتحدث باسم البنتاغون (شون بارنيل)، للصحفيين: "بإمكان الحوثيين تحديد متى سينتهي هذا، وحتى ذلك الحين، ستظل الحملة مستمرة بلا هوادة، و جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".
منذ يوم السبت، استهدفت الطائرات والسفن الحربية الأمريكية أكثر من 30 موقعًا في اليمن، شملت قادة حوثيين ومنشآت تخزين صواريخ، في ما وصفه الرئيس (دونالد ترامب) بأنه "جهد ساحق" سيستمر "حتى نحقق هدفنا".
كما حذر ترامب من أن كل "طلقة يطلقها الحوثيون" ستُعتبر هجومًا من إيران وستواجه "بعواقب وخيمة".
وقد نجا الحوثيون بالفعل من عشرات الضربات الجوية والصاروخية التي نفذتها إدارة بايدن. وبينما يصرّ البيت الأبيض على أن هذا الوضع سيتغير تحت قيادة ترامب، يتعين على المسؤولين الأمريكيين أيضًا التعامل مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، بما في ذلك احتمال تجدّد القتال بين إسرائيل وحماس في غزة. فقد شنّت إسرائيل، الثلاثاء، أكبر هجوم لها على القطاع منذ وقف إطلاق النار في يناير/ كانون الثاني، رغم أن حماس لم ترد بعد.
وقال (بلال صعب)، المسؤول الدفاعي السابق في إدارة ترامب الأولى: "لو تُرك الأمر للحوثيين، فإنهم سيقاتلون حتى آخر فرد في حركتهم، و لن يبالون بشيء، بل يرحبون بالمواجهة مع الولايات المتحدة".
أي حملة أمريكية مستمرة ضد الحوثيين ستختلف عن حملة القصف في عهد بايدن، سواء من حيث النطاق أو الكثافة.
ففي ضرباتها خلال عامي 2023 و2024، نسّقت إدارة بايدن عملياتها مع فرنسا وبريطانيا ضمن تحالف أوسع. أما إدارة ترامب، فلا يبدو أنها مهتمة بإعادة تشكيل هذا الفريق.
قالت (دانا سترول)، المسؤولة الأولى عن شؤون الشرق الأوسط في البنتاغون خلال إدارة بايدن: "العنصر المهم والمفقود هذه المرة هو الطابع متعدد الجنسيات."
و في الوقت الذي تمضي فيه بعثة أمنية بحرية تابعة للاتحاد الأوروبي بقيادة إيطاليا في البحر الأحمر، وتواصل المهمة الأوسع التي تقودها الولايات المتحدة والمعروفة باسم "حارس الازدهار" مرافقة السفن التجارية، فإن الحملة الجوية الجديدة تنفذها واشنطن بشكل منفرد.
وقد سلطت وزارة الدفاع الأمريكية يوم الثلاثاء الضوء على هذا التحرك الأحادي، حيث أجرى وزير الدفاع (بيت هيغسيث) مكالمة مع وزير الدفاع القطري الشيخ (سعود آل ثاني)، وفقًا للبنتاغون، "لمناقشة العمليات الأمريكية للقضاء على التهديد الحوثي للتجارة الأمريكية واستعادة حرية الملاحة الأمريكية."
كما قد تؤدي هذه الحملة الجوية إلى إرهاق مخزون الأسلحة الأمريكي، الذي يعاني بالفعل من ضغوط ناجمة عن ثلاث سنوات من شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، والجهود السابقة ضد الحوثيين، وتزويد إسرائيل بالصواريخ لعملياتها في غزة، فضلاً عن الدفاعات ضد الهجمات الإيرانية.
و قالت سترول: "نحن نعلم أن قطاع الصناعات الدفاعية لا يواكب معدل الإنفاق، سواء من قبل الجيش الأمريكي أو لدعم حلفائه وشركائه مثل أوكرانيا وإسرائيل."
ففي خلال حملة القصف الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن عام 2024، أطلقت الولايات المتحدة أكثر من 800 صاروخ، بما في ذلك 135 صاروخ "توماهوك" للهجمات البرية، والتي تصل تكلفة الواحد منها إلى 2 مليون دولار، بالإضافة إلى 155 صاروخًا من الطراز القياسي أُطلقت من السفن الحربية الأمريكية، بتكلفة تتراوح بين 2 و4 ملايين دولار لكل صاروخ.
وأكد شون بارنيل، المتحدث باسم البنتاغون، أن "هذه الحملة ليست هجومًا مفتوح النهاية، ولا تهدف إلى تغيير النظام."
لكن مسؤولين وضباط عسكريين سابقين حذروا من أن الضربات هذه المرة ستكون أكثر تدميرًا. وقال الجنرال المتقاعد (كينيث ماكنزي)، الذي قاد القيادة المركزية الأمريكية تحت إدارة ترامب ثم بايدن من 2019 حتى 2022: "الإدارة السابقة كانت تخشى التصعيد، ولذلك فرضت على نفسها قيودًا على كل ما كان ينبغي عليها فعله." وأضاف: "الأهداف هذه المرة أوسع وأعمق مما اختارت إدارة بايدن ضربه."
وفي حين أن استمرار المهمة على المدى الطويل قد يرهق البنتاغون ويحول انتباهه بعيدًا عن ردع الصين، أشار ماكنزي إلى أن ذلك سيضمن أيضًا حرية الملاحة عبر أحد أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم.
و قال: "هناك مخاطرة، لكنني أعتقد أن المخاطرة الأكبر تكمن في عدم اتخاذ أي إجراء."
قد يؤدي تغيير بروتوكولات الاشتباك أيضًا إلى إطالة أمد القتال. فترامب، على عكس بايدن، يمنح القادة العسكريين في المنطقة حرية تحديد توقيت وأماكن تنفيذ الضربات، بدلاً من أن يكون القرار بيد الرئيس نفسه.
وقال نائب الأدميرال (كارل توماس)، رئيس الاستخبارات في البحرية الأمريكية، يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة وجهت "ضربة هجومية قوية" للجماعة المتمركزة في اليمن. وأضاف: "سنرى إلى أي مدى يريدون المضي في المواجهة."
كما أن دور إيران ومدى سيطرتها على الحوثيين سيكونان عاملين حاسمين في تحديد مدة استمرار القتال.
وقال بلال صعب، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية: "الجمهور المستهدف هنا هو إيران."
وأضاف: "يبقى السؤال، هل تملك إيران بالفعل ذلك النفوذ على الحوثيين إلى درجة تمكنها من مطالبتهم بتهدئة الأوضاع؟"
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news