أعد الحلقة لـ”يمن ديلي نيوز” محمد العياشي:
يُعتبر روبرت برترام سرجنت (1915-1993) من أبرز المستشرقين الذين تعمقوا في دراسة الثقافة العربية والإسلامية، ومنها الثقافة اليمنية وخاصة ثقافة حضرموت.
وُلد في مدينة أدنبرة الاسكتلندية وتعلم في جامعتي إدنبرة وكامبردج، حيث حصل على درجة الماجستير في اللغات السامية من جامعة إدنبرة في عام 1936، ثم نال الدكتوراه من جامعة كامبردج في عام 1939.
بدأ سيرجنت مسيرته الأكاديمية كأستاذ للتاريخ الإسلامي، لكن اهتمامه العميق بالدراسات العربية والإسلامية قاده إلى زيارات بحثية إلى اليمن، حيث التقى بالعديد من الشخصيات المحلية ودرس المكونات الثقافية واللغوية للمنطقة.
كانت زيارة روبرت سرجنت الأولى إلى اليمن في عام 1940 عندما أرسلته مدرسة اللغات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن إلى عدن لدراسة اللهجات العربية الجنوبية.
خلال هذه الفترة، شغل أيضًا منصب ضابط في حرس حكومة محمية عدن أثناء الحرب العالمية الثانية. وبعد عودته إلى بريطانيا، تولى منصب رئيس تحرير “زاوية المستمع العربي” في الإذاعة البريطانية.
نقطة تحول
في عام 1947، عاد سرجنت إلى اليمن في زيارة ثانية استمرت سبعة أشهر.
خلال هذه الفترة، زار العديد من المناطق اليمنية، بما في ذلك حضرموت وتريم وسيئون والمكلا، حيث قام بجمع مواد ثقافية ولغوية شملت الشعر العامي والمخطوطات التاريخية.
هذه الزيارة كانت نقطة تحول في عمله البحثي، حيث كانت له العديد من الملاحظات والانطباعات عن التنوع الثقافي واللغوي في اليمن.
كما ركز سرجنت على دراسة الثقافة الشعبية في حضرموت، وساهم في تسليط الضوء على تاريخ المنطقة وأدبها الشعبي.
أعماله حول اليمن
أعماله حول اليمن تعد من المراجع الهامة في الدراسات العربية. من أبرز أعماله كتاب “نثر وشعر من حضرموت” الذي نُشر عام 1951، والذي يتناول الشعر العامي والأغاني الشعبية في حضرموت.
كما أطلق كتابه “خروج البرتغاليين من ساحل حضرموت” في عام 1963، الذي يعرض تاريخ الوجود البرتغالي في السواحل اليمنية.
علاوة على ذلك، تعاون مع الباحث رونالد ليوكوك في إصدار كتاب “صنعاء مدينة عربية إسلامية” في عام 1983، الذي يعرض تاريخ وعمارة مدينة صنعاء.
روبرت سرجنت كان أيضًا له دورا بارزا في الحياة الأكاديمية البريطانية حيث شغل منصب مدير معهد الشرق الأوسط من 1955 إلى 1964، وكان أستاذًا في كرسي سير توماس آدامز للغة العربية في جامعة كامبردج من 1970 إلى 1982.
علاوة على ذلك، كان عضوًا في مجمع اللغة العربية في 1986، مما يعكس تقديره العالي لدراسة اللغة العربية والإسلام.
الشعر الحضرمي
أبدى “سيرجنت” اهتماما بالشعر الحضرمي عبر كتابه “نثر وشعر من حضرموت”، الذي أعده في أربعينيات القرن الماضي، سعى إلى الكشف عن خصائص وملامح المجتمع الحضرمي من خلال دراسة الأدب النثري والشعري في تلك الفترة.
ركز سيرجنت بشكل خاص على الشعر العامي (الحميني) في حضرموت، مشيرًا إلى أهميته في التعبير عن الحياة اليومية والثقافة المحلية.
كما أشار إلى أن الشعر الحضرمي يعكس تجارب المجتمع وتقاليده، ويُظهر تأثيرات الصوفية في بعض الأحيان.
بالإضافة إلى ذلك، تطرق سيرجنت إلى الأنواع الأدبية السائدة في الجنوب الغربي لشبه الجزيرة العربية، مع التركيز على الشعر الديني ذي النزعة الصوفية. وقد أشار إلى أن هذا الشعر يعكس القيم الروحية للمجتمع اليمني وتأثره بالتصوف الإسلامي.
توفي سرجنت في 29 أبريل/نيسان 1993، وترك إرثًا علميًا ضخمًا، وبعد وفاته، قدمت أرملته مكتبته الشخصية التي تضم أكثر من 5000 مرجع في موضوعات الإسلام واليمن إلى جامعة إدنبرة.
لا يزال إرثه حيًا في الدراسات العربية ويستمر في إلهام الباحثين والمستشرقين المهتمين بدراسة ثقافات الجزيرة العربية.
تُعد أعمال روبرت سرجنت شهادة حية على تفانيه في دراسة اليمن وتوثيق ثقافتها، وهو ما جعل اسمه أحد الأسماء اللامعة في مجال الدراسات العربية والإسلامية.
المراجع:
– مقال نشرته مجلة الدرعية عام 1999.
– صفحة ويكيبيديا
– موقع “مكتبة نور”.
• نلتقي بكم غدًا مع مستشرق جديد لنكشف معًا المزيد من أسرار تاريخ وثقافة اليمن. فكونوا معنا.
سلسلة حلقات “المستشرقون واليمن”:
الحلقة الأولى: الألماني “نيبور” ورحلته إلى البلاد التي تحكمها التوازنات
الحلقة الثانية: “هاليفي” في رحلة استكشاف تاريخ اليمن تحت عباءة التسول
الحلقة الثالثة: رحلة البريطاني “برتون” إلى أرض النقوش والعادات الفريدة
الحلقة الرابعة: “ثيسيجر” الذي وجد أن السعادة الحقيقية في قلب الصحراء
الحلقة الخامسة: فيلبي “الحاج عبدالله” الذي ساهم في رسم ملامح الجزيرة العربية واليمن
الحلقة السادسة: “جلازير” النمساوي الذي ارتدى ثوب “التشيع” لنهب آثار اليمن
الحلقة السابعة: “مانزوني” في رحلة تكشف تطور صنعاء قبل عودة الإمامة إليها
الحلقة الثامنة: “فريا ستارك” في مهمة الاستكشاف والتجسس لصالح بريطانيا
الحلقة التاسعة: “جورج كولان” رحلة دبلوماسية واكتشاف اللهجات اليمنية
الحلقة العاشرة: الألماني “هولفريتز” في رحلة إلى اليمن من الباب الخلفي
الحلقة الحادية عشرة: الفرنسي “نيزان” والوجه المظلم للاحتلال البريطاني في عدن
الحلقة الثانية عشرة: “فيليبس” على رأس بعثة أمريكية إلى جوهرة الصحراء “مأرب
”
الحلقة الثالثة عشرة: رحلة ماكنتوش لتعلم “العربية” في البلد الأقرب للفصحى
الحلقة الرابعة عشرة: الألماني “بورخارت” الذي قاده شغفه باليمن إلى مقتله
الحلقة الخامسة عشرة: الألماني “هيرش” أول غربي يزور شبام حضرموت
مرتبط
الوسوم
المستشرقون واليمن
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news