المستشرقون واليمن: “جلازير” النمساوي الذي ارتدى ثوب “التشيع” لنهب آثار اليمن (الحلقة السادسة)

     
يمن ديلي نيوز             عدد المشاهدات : 33 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
المستشرقون واليمن: “جلازير” النمساوي الذي ارتدى ثوب “التشيع” لنهب آثار اليمن (الحلقة السادسة)

أعد الحلقة لـ”واي دي” محمد العياشي:

في إطار سلسلة حلقات رمضان الشهرية، يواصل موقع “يمن ديلي نيوز” استعراض أبرز المستشرقين الذين زاروا اليمن، مستعرضًا في هذه الحلقة أحد أبرز الشخصيات الاستشراقية، وهو المستشرق النمساوي “إدوارد جلازير” الذي عاش أواخر القرن التاسع عشر.

بين عامي 1882م و1894م، قام جلازير بأربع زيارات إلى اليمن، أهمها كانت تحت ثور التشيع حاملا إسم “حسين” لإظهار أنه مسلم شيعي، حتى يتسنى التسلق إلى قلوب حكام البلاد حينها من أتباع المذهب الزيدي المعرف بقربه من التشيع.

ومع أنه جاء بمهمة نهب آثار اليمن إلا أن عملياته الاستكشافية كان لها تأثيرا كبيرا في نقل تاريخ وآثار هذا البلد إلى العالم الغربي، رغم الجدل الذي صاحب رحلاته نتيجة لما تضمنته من سرقات للآثار.

من خلال دراساته للنقوش المسندية واهتمامه العميق بحضارة جنوب شبه الجزيرة العربية، استطاع جلازير جمع العديد من القطع الأثرية القيمة التي تُعرض اليوم في المتاحف الأوروبية الكبرى.

تعرفوا معنا في هذه الحلقة على قصة جلازير في اليمن، وكيف تمكن من الحصول على آثار يمنية مهمة أثرت المكتبات والمتاحف الأوروبية، وما زال تأثيره حاضرًا في عالم الآثار حتى اليوم.

يعد إدوارد جلازير، المستشرق النمساوي الشهير، من أبرز الشخصيات التي دخلت اليمن في أواخر القرن التاسع عشر.

فقد قام بأربع زيارات إلى البلاد بين عامي 1882م و1894م، بدعم مالي من الأكاديمية الفرنسية أولًا، ومن ثم الأكاديمية البروسية.

ورغم محاولاته المتكررة، لم يتمكن جلازير من دخول منطقة الجوف الغنية بالآثار القديمة، إلا أنه عاد من رحلاته بكميات هائلة من النقوش والتحف الأثرية التي تعود إلى حضارة جنوب شبه الجزيرة العربية، والتي تُعرض اليوم في المتاحف الأوروبية الكبرى.

في مقال نشره مركز “نشوان الحميري للدراسات والإعلام”، أفاد علي المحثوثي بأن جلازير، عالم الآثار النمساوي ورحالة، وصل إلى اليمن في عام 1882م، حيث درس القواعد النحوية للغتين: العربية والحميرية السبئية.

وكانت المنطقة التي نزل فيها جلازير تحت سيطرة الحكم التركي العثماني آنذاك، وهو ما أتاح له الفرصة لاستغلال علاقاته بالمسؤولين الأتراك والجيش التركي للوصول إلى المواقع التاريخية، بما في ذلك مدينة مأرب القديمة وسدها التاريخي.

وقد تكررت زياراته لليمن وجنوب شبه الجزيرة العربية أربع مرات، حيث كتب جلازير كتابًا من ثلاثة أجزاء عن رحلاته الآثارية.

ولأن الوضع القبلي كان حساسًا في تلك الفترة، تنكر جلازير في الأوساط القبلية كفقيه مسلم تحت اسم “حسين بن عبدالله البراقي”.

ومع تخصصه في الآثار، استعان بدليل محلي يعرف مناطق الآثار، وتمكن خلال رحلاته من سرقة 1032 قطعة أثرية بين عامي 1882م و1894م.

وبعد أن أنهى رحلاته وسرقاته، عرض جلازير مدخراته الآثارية على النخب في النمسا، لكن لم تجد تلك القطع تفاعلاً كبيرًا إلا بعد وفاته.

اليوم، تحفظ هذه القطع في الأكاديمية النمساوية للعلوم وبعض المتاحف الأوروبية الأخرى. وقد وثقت رسائل ودراسات أكاديمية عديدة رحلات جلازير وسرقاته.

يقول “عاصم بن قنان الميسري” في مقال نشر على الإنترنت إن جلازير كان واحدًا من مئات المستشرقين الذين دخلوا اليمن في تلك الحقبة. وقد اهتم جلازير بشكل خاص بقراءة النقوش المسندية، وترك أثراً بارزاً في اليمن حيث أمر بتزيين ضريح قبره في النمسا بخط المسند اليمني.

وإذا كانت هذه حالة واحدة من مئات الحالات التي ساهمت في إخراج آثار اليمن إلى الخارج، فإن هناك العديد من الحالات الأخرى التي لا نعلم عنها.

وثائق أوردها جلازير

أما في الوثائق التي تم العثور عليها، فقد ورد أن جلازير حصل على كتاب لتحويل المعادن إلى ذهب، وهو كتاب في الخيمياء يعتبر ذا أهمية كبيرة لدرجة أنه لو وُجد في يومنا هذا لكان قد بيع بملايين الدولارات.

وتوجد أيضًا وثيقة أخرى تتعلق بلوحين من الحجر يحتويان على نقوش مسندية و19 قطعة أثرية أخرى، بلغ مجموع ثمنها 450 ريال يمني.

وتكشف الوثائق الرسمية عن ممتلكات جلازير وجود أوراق مهمة بينه وبين الدكتور النمساوي إدوارد جلازير. وتاريخ الوثيقة يعود إلى يوم السبت السابع عشر من جمادي الأول عام 1211هـ.

يستعرض “يمن ديلي نيوز” في هذا الملخص مضمون بعض المراسلات ووثائق الشراء التي تمت بين بائعي آثار، والمستشرق النمساوي “جلازير”.

الوثيقة الأولى

في هذا الوثيقة وهي عبارة عن بيان بالأثار التي تم شرائها من الحاج أحمد سعد من قبل الدكتور فلاور. وتشمل هذه الأشياء لوحين حجارة، وسبعة عشر حبة صغيرة، وألواح ورؤوس وأشياء صغيرة أخرى.

تم إرسال بعض هذه الآثار مع شخص يدعى البيتي، وتم استلام بعضها في صنعاء. وتشمل الأشياء التي مع البيتي لوحين نحاسيين مكتوبين.

تم الاتفاق على أن يتم تسليم الأشياء المتبقية في عدن، وأن يكون الثمن الإجمالي للأشياء أربعة آلاف وخمسمائة ريال بالإضافة إلى ثمانين ريالاً أخرى.

ولم توضح الوثيقة نوع العملة إلا أن العملة التي كانت سائدة هي المارتريزا، حيث تشير الوثيقة أنه تم دفع مائتين وخمسين ريالاً في صنعاء، وسيتم تسليم المتبقي في عدن.

كما تم الاتفاق على أن يتم تسليم الثمانين ريالاً بعد وصول المشتري إلى أوروبا، أو في عدن إن أمكن. كما تم الاتفاق على أن تكلفة نقل الحمولة إلى عدن يتحملها المشتري، وأن الأشياء التي مع البيتي مقيدة في دفتر المشتري.

وتم توقيع الوثيقة من قبل شاهد الكاتب أحمد مصلح والدكتور الدكتور إدوار غلاز في 17 جمادى الأولى 1211.

الوثيقة الثانية

تتضمن الوثيقة رسالة من الحاج أحمد سعد إلى الدكتور إدوار غلاز في عدن، يطلب فيها الحاج أحمد تسديد ما تبقى من مستحقات مالية عليه، ويؤكد على ضرورة الوفاء بالوعد، مع الإشارة إلى أن هذه المطالبة هي الأخيرة.

الوثيقة الثالثة

يطلب المرسل، عبدالله بن أسعد، من السيد غلاور توفير كتاب متخصص في المعادن يشرح كيفية فصلها، مع التركيز على فصل الذهب باستخدام الكبريت، ويطلب أيضًا إجراء تجربة عملية لذلك، مشيرًا إلى وجود كتاب تركي يتناول نفس الموضوع، ويؤكد على استعداده لدفع تكاليف التجربة.

الوثيقة الرابعة:

تتضمن هذه الوثيقة رسالة توصية موجهة إلى قضاء كوكبان. يوصي فيها كاتب الرسالة بشخص عزيز عليه، ويطلب من قضاء كوكبان مساعدته في قضاء بعض شؤونه وتسهيل مطالبه. كما يؤكد كاتب الرسالة على أن هذا الشخص من محبي قضاء كوكبان ومن الذوات المعتبرين.

 

أما في ما يخص مدينة “تمنع” التي كانت عاصمة مملكة قتبان، فقد كان جلازير أول من حدد موقعها في وادي بيحان، وذلك في كتابه “الأحباش في جزيرة العرب وأفريقيا” الذي صدر في عام 1895م.

بعد ذلك، قامت البعثة الأمريكية بأعمال تنقيب في الموقع عام 1951م بموافقة شريف بيحان.

المستشرق النمساوي إدوارد جلاسر  (1855-1902) لوحده أخرج (767) قطعة أثرية من اليمن وباعها إلى مكتبة بافاريا والمكتبة البريطانية والمكتبة الوطنية النمساوية.

هذه الصورة للشيخ ناجي محسن بن طعيمان وأخوه الشيخ سعيد محسن بن طعيمان وعالم الآثار النمساوي إدوارد جلاسر، خلال رحلته إلى اليمن، زارها لأول مرة (1882-1884).

وهناك ثلاث زيارات أخرى (1885-1886، 1887-1888، 1892-1894). في اليمن، تخفى جلاسر كشخصية مسلمة يحمل إسم الفقيه حسين، حيث يظهر أن اختياره لإسم حسين هو إظهار أنه ينتمي للتيار الشيعي الذي يتقارب مع مذهب الزعامات الزيدية في اليمن.

 

في ختام هذه الحلقة، نكتشف أن رحلة المستشرق إدوارد جلازير إلى اليمن لم تكن مجرد سعي علمي، بل كانت محفوفة بالجدل والنقد، نظرًا للأساليب التي استخدمها في جمع الآثار ونهبها.

ورغم إسهاماته في دراسة تاريخ وحضارة اليمن، يبقى تأثيره السلبي في سرقة القطع الأثرية وانتهاك حقوق الشعوب التاريخية جزءًا من الصورة المعقدة التي تلاحق المستشرقين في تلك الحقبة.

إن هذه الحكاية تفتح بابًا للحديث عن المسؤولية الأكاديمية والأخلاقية التي يجب أن تتحلى بها البعثات العلمية، وتؤكد على ضرورة الحفاظ على التراث الثقافي للشعوب.

المراجع:

كتاب رحلات إدوارد إلى اليمن

مركز نشوان لدراسات والاعلام

مجلة علم المخطوطات

مقال بتصرف للمهتم بالاثار عاصم بن الميسري

 

تابعونا غدًا في حلقة جديدة من سلسلة “المستشرقون واليمن” نستعرض فيها مستشرق آخر زار هذا البلد الغني بماضيه المشرق وآثاره العظيمة.

مرتبط

الوسوم

نهب الآثار

أدوارد جلازير

المذهب الزيدي

المستشرقون واليمن

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : صدور قرار مفاجئ من مجلس القيادة الرئاسي بايقاف عدد من القيادات الهامة "اسماء "

جهينة يمن | 553 قراءة 

شاهد بالصور...عملية نوعية وضربة أمنية قوية للحوثيين بالساحل الغربي باتت حديث الإعلام العالمي

جهينة يمن | 445 قراءة 

اعلان حوثي مفاجئ بشأن الرئيس هادي !

جهينة يمن | 436 قراءة 

بينها اليمن... السعودية تعلن سبع دول عربية ضمن القائمة الحمراء

جهينة يمن | 433 قراءة 

الحو ثيين يعلنون فتح اهم الطرق بين الشمال والجنوب والخوف من هذا الامر

كريتر سكاي | 402 قراءة 

القبض على شاب ضرب فتاة ترتدي ملابس قصيرة في نهار رمضان.. صور

جهينة يمن | 347 قراءة 

السعودية تقدم عرضا جديدا للحوثيين لوقف الحرب في اليمن

المرصد برس | 339 قراءة 

وفاة وزير يمني سابق ومصادر تكشف مكان وفاته

بوابتي | 333 قراءة 

تعزيزات عسكرية جديدة للحوثيين: تصعيد خطير يلوح في الأفق

المرصد برس | 305 قراءة 

بدء تشغيل رحلات جوية تجارية لطيران حضرموت إلى مناطق الحكومة الشرعية

تهامة 24 | 240 قراءة