أعد التقرير لـ”واي دي” إسحاق الحميري:
شهدت محافظة مأرب (شمال شرقي اليمن) مؤخرًا حشودًا قبلية لافتة، قدمت بكامل سلاحها دعمًا للجيش اليمني والحكومة المعترف بها دوليًا، بهدف استعادة صنعاء والمحافظات اليمنية من سيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابيًا، وفق ما يصرح به القائمون على هذه التحركات.
الصور الملتقطة لهذه الحشود أظهرت حماسةً قبليةً بارزة خلال الاستعراضات المسلحة، ما أعاد إلى الواجهة الخارطة القبلية التاريخية لليمن، التي تتوزع بين حمير، حاشد، مذحج، وما تفرع عنها في اليمن والجزيرة العربية.
يؤكد مشائخ قبليون في حديثهم لـ”واي دي” أن هذه الحشود تحمل رسائل ذات أبعاد سياسية وتاريخية وعسكرية، إضافة إلى كونها تعبيرًا عن رغبة القبيلة اليمنية في الخلاص من سيطرة الحوثيين واستعدادها لمواصلة دورها التاريخي في دعم الدولة.
وأشار المشائخ إلى أن القبيلة اليمنية كانت ولا تزال رافدًا أساسيًا للدولة، حيث شكلت على مدى العصور دعامة لاستقرارها، وهو ما يتجلى اليوم بوضوح من خلال هذه التحركات الشعبية الواسعة.
ليست عابرة
يرى الشيخ “محمد محسن الطويل بن حزيم” نائب رئيس مؤتمر مأرب الجامع أن الحشود القبلية في محافظة مأرب ليست مجرد تجمعات عابرة، بل هي رسالة واضحة بأن القبائل مستعدة للدفاع عن الدولة اليمنية، وحماية سيادتها واستقرارها، والتصدي للمخططات التخريبية التي تستهدف البلاد.
وأضاف في حديث خاص مع “واي دي”: مظاهر الحشود القبلية في مأرب تؤكد جهوزيتها للدفاع عن الدولة اليمنية وسيادتها، وتعبر عن رغبة القبائل في الحفاظ على الاستقرار والأمن في البلاد، ومواجهة الإرهاب الحوثي ورفض سياساته التخريبية.
وأشار “بن حزيم” إلى أن “أهمية الدعم القبلي للمعركة الوطنية تتجلى في عدة أمور، أولاً: تضامن القبائل اليمنية في تعزيز الوحدة لمواجهة التحديات والأزمات، ويضيف قوة هامة إلى القوة العسكرية الوطنية حيث تتميز القبائل اليمنية بقوة عسكرية وخبرة قتالية”.
وأضاف: “إن الدعم القبلي للمعركة الوطنية له تأثير سياسي كبير، حيث يعبر عن دعم القبائل للقضية الوطنية، ويعزز الشرعية السياسية، ويساهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار، ويعبر عن التزام القبائل بذلك، كما يعزز الروح الوطنية للجندي المقاتل ويبعث الأمل والمعنويات التي تزيد من معنويات الأبطال المرابطين”.
وفي المقابل، قال الشيخ “بن حزيم” إن “الحشود القبلية في محافظة مأرب لها تأثير كبير في نفوس السكان والمواطنين في مناطق سيطرة الحوثي، حيث يرون في هذه الحشود فرصة لتحقيق التغيير والخروج من تحت سيطرة الجماعة، وفكهم من قرصنة الحكم البغيض الذي جاثم عليهم”.
وأشار إلى أن الحشود القبلية بمحافظة مأرب تبعث الأمل في نفوس المواطنين الخاضعين للحوثيين، حيث يرون في هذه الحشود فرصة لتحقيق الاستقرار والأمن في البلاد، وتخلصهم مما يعانون من إذلال وعدم حرية وأخذ جبايات منهم.
ووجه رئيس ملتقى مأرب الجامع الشيخ “محمد محسن الطويل بن حزيم” رسالة في حديثه عبر “واي دي” للمواطنين في مناطق الحوثيين، والحكومة اليمنية والقيادة السياسية ممثلة برئيس مجلس القيادة الرئاسي “رشاد العليمي” والجيش اليمني، بأن القبائل اليمنية على أهبة الاستعداد والجهوزية لتطهير أرض الوطن من الانقلاب الحوثي.
وشدد على أن “قبائل مأرب على أحر من الجمر في الجهوزية والاستعداد، وفي انتظار توجيهات القيادة السياسية بالتحرك لتحرير مناطق مأرب وتطهير ما تبقى من محافظات الجمهورية تحت سيطرة المليشيات الانقلابية الحوثية المدعومة من إيران”.
وتابع: “نؤكد للقيادة السياسية والتحالف العربي أن المجتمع القبلي في مأرب لديه قناعة تامة لرفد الجيش الوطني لتحرير البلاد، ونحن على موعد مع النصر بإذن الله”.
القبيلة أساس الدولة
وفي السياق، يرى وكيل أول محافظة البيضاء الشيخ “خالد أحمد عبدربه العواضي” أن “دور الحشود القبلية في مأرب التي لا زالت تتوالى يدل على الرغبة العارمة والشديدة لقبائل اليمن والمجتمع اليمني في تحرير عاصمتهم وتحرير مدينتهم من سيطرة الميليشيا الحوثية”.
ونوه وكيل محافظة البيضاء إلى أن “اليمن لن ينعم بالرخاء والاستقرار إلا باستعادة دولة يمنية قوية، وباستعادة جيش وطني قوي يحمي البلاد ودستوره وشعبه”.
وعن أهمية الدعم القبلي للمعركة، قال الشيخ “العواضي”: “إن القبائل اليمنية هي عمود المجتمع اليمني، لأن التركيبة اليمنية هي تركيبة قبلية في الأساس منذ آلاف السنين، ولا توجد شريحة مدنية إلا في مدينة عدن، حيث كان قديمًا يأتيها الوافدون من شتى الدول كونها ميناءً تجاريًا”.
وأضاف لـ”واي دي”: “إن الدعم القبلي أساسي وضروري، لأن الدولة اليمنية منذ حمير ومعين وسبأ قامت على الدعم القبلي، وحتى الدولة الحديثة الجمهورية في الشمال والجنوب قامت بمشاركة القبائل ومساندة الثوار الذين حافظوا على الوحدة اليمنية، خاصة أنهم يملكون العصبية القبلية”.
وتابع: “إن ميزة القبائل اليمنية هي أنها لا تعارض الدولة، ولو أرادت القبائل أن تقود التحرير من ذاتها لن تستطيع، لأن قبائل اليمن تعودت على أن تكون في ظل دولة وقيادة سياسية وعسكرية، وهي ترى في وجود الدولة استقرارًا لها من التنازع فيما بينها”.
وعن تفاعل المجتمع اليمني في مناطق سيطرة جماعة الحوثي مع الحشود القبلية في مأرب بين الشيخ “خالد العواضي” أنه عندما شاركت القبائل في معارك البيضاء، لم يجدوا قبيلة واحدة في صفوف الحوثيين تواجه الشرعية.
وأشار الشيخ العواضي إلى أن جماعة الحوثي “تعتمد في مناطق سيطرتها على سياسة الترهيب والإكراه في قيادة القبائل، أما القناعة الداخلية فهي غير موجودة، وأن القبائل في مناطق سيطرة الجماعة ليست مقتنعة بوجودهم وحربهم العبثية على اليمنيين”.
وتابع: “في محافظة مأرب هناك ثلاثة ملايين يقاتلون بلا مرتبات وفي حالة اقتصادية مزرية، ومع ذلك الناس مقتنعة بأنهم يقاتلون بإصرار من أجل قضيتهم. بينما في مناطق الحوثيين، فإن القبائل لا تخشى من التفاعل معهم عندما نتحرك لتحرير الوطن”.
وأردف: “لا وجود لحكومة وجيش في مناطق الحوثي، ولا نعترف بها، فهذه عصابة متمردة انقلبت على الدولة واستولت على المعسكرات، وهي الآن تسلب اليمنيين حقوقهم بقوة السلاح”.
وقال: “الرسالة الوحيدة التي نوجهها للحوثي هي: إما أن يستسلموا أو ينضموا تحت مظلة الشرعية، ونخضع جميعًا للإجماع الوطني المتفق عليه في مؤتمر الحوار الوطني”.
وفي المقابل، وجه وكيل محافظة البيضاء الشيخ العواضي رسالة لقيادة الحكومة الشرعية وقيادة الجيش اليمني “بأن القبائل تستحثهم على سرعة تحرير البلاد والخلاص من الميليشيات الحوثية، لأنه طال الأمد، والآن أكثر من عشر سنوات لم يتحقق شيء. فالحوثي اجتاح في 2015، والآن نحن في 2025”.
وأضاف: “لم نكن نتوقع أن تُعطى هذه المدة للحوثي، مما يدل على أن هناك تخاذلاً من الداخل، ونحن جميعًا مستعدون أن نودع أرواحنا في سبيل قضيتنا”.
معركة وجودية
ومن جانبه، قال الشيخ “محمد الجماعي” إن “دلالة الحشود القبلية التي ضمت معظم قبائل اليمن بمحافظة مأرب تمثل رسالة قوية على مستوى الداخل والخارج، فهي تأكيد على وحدة الصف القبلي خلف القضية الوطنية، ورفض محاولات تفكيك الهوية اليمنية لصالح مشاريع دخيلة”.
وأضاف: “إن هذه الحشود تعكس إدراك القبائل بأن المعركة ليست مجرد صراع سياسي، بل معركة وجودية للحفاظ على الجمهورية والكرامة اليمنية”.
وعن أهمية الدعم القبلي للمعركة الوطنية، قال الشيخ “الجماعي” إن الدعم القبلي كان عبر التاريخ هو صمام الأمان في المحطات الفاصلة من تاريخ اليمن، واليوم تلعب القبائل دورًا محوريًا في دعم الجيش والمقاومة، سواء من خلال رفد الجبهات بالمقاتلين أو تقديم الإسناد اللوجستي والمادي.
وعن تفاعل المجتمع في المحافظات الخاضعة للحوثيين مع هذه الحشود القبلية، قال الجماعي: “إن هناك تفاعلًا إيجابيًا كبيرًا في أوساط المجتمع بالمناطق الخاضعة للحوثيين، حيث يرى المواطنون في هذه الحشود أملًا جديدًا لكسر قبضة الميليشيا واستعادة اليمن من مشروعها الطائفي”.
ولفت إلى أن الكثير من أبناء تلك المناطق يترقبون الفرصة للالتحاق بالجبهات ضد الحوثي، خاصة بعد أن أدركوا زيف شعاراته وكوارث سياساته.
وعن رسالته الموجهة للحكومة والجيش الوطني واليمنيين في مناطق الحوثي، دعا الشيخ “الجماعي” إلى استغلال هذه اللحظة التاريخية بمزيد من الدعم واتخاذ قرارات حاسمة لتعزيز الوحدة الوطنية وحشد كل الطاقات لتحرير اليمن، فالتراخي ليس خيارًا في هذه المرحلة.
وناشد المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين بعدم الاستسلام والخوف من الميليشيات الحوثية مؤكدًا أن القبائل اليمنية والجيش اليمني إلى جانبهم، “ولن يطول زمن الظلم مهما بدا قويًا”.
استشعار خطورة الموقف
أما رئيس اللجنة التحضيرية لقبائل مذحج وحمير الشيخ “عبد القوي العمري” فقال إن “دلالة الحشود القبلية التي ضمت معظم قبائل اليمن هي أن القبائل استشعرت خطورة الموقف والتماهي المستمر مع ميليشيا الحوثي من قبل بعض الأجنحة الإقليمية والدولية، ومحاولة إهمال الملف اليمني سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا”.
وأضاف: “إن القبائل اليمنية استشعرت مسؤوليتها، وقررت أن تخوض غمار المعركة بدايةً بالتحشيد والترتيب لصفوفها تحسبًا لأي احتمالات طارئة في المستقبل القريب”.
وشدد العمري على أن “القبائل اليمنية لا يمكن أن تقبل أن يظل الوضع بهذه الحالة، تردٍ سيء للوضع الاقتصادي، جمود في الملف السياسي، فترة هدنة لا حرب ولا سلم، وهذه تعتبر من أخطر المراحل في حياة الشعوب”.
وأشار إلى أن قبائل مذحج وحمير والقبايل الأخرى احتشدت بأعداد كبيرة وجمعت رايتها تحت راية القبيلة لأول مرة في تاريخها، لأن القبيلي يريد أن يعود إلى أرضه، وإلى بيته، ولن يسمح للتلاعب السياسي أو الحسابات الإقليمية والدولية أن تستمر على حساب كرامة الشعب اليمني وقبائله.
وفيما يتعلق بأهمية الدعم القبلي للمعركة الوطنية، ذكر الشيخ “عبد القوي العمري” أن الدعم القبلي كان حاضرًا منذ اللحظة الأولى التي واجه فيها الحوثي أبناء الشعب اليمني وقبائله، وكانت القبائل من أول لحظة قرر الحوثي أن يدمر المجتمع.
وأضاف: “إن قبائل اليمن استشعرت اليوم أن الدعم الذي قدمته للمعركة في أول مرحلة يجب أن يكون هو لغة الحسم في آخر مرحلة من أجل أن يتخلص اليمنيون من هذا الوضع السيء الذي يعيشونه، وله أهمية بالغة، وهي السهم الأخير الذي سينطلق في صدر السلالة”.
وفي المقابل، قال رئيس اللجنة التحضيرية لقبائل مذحج وحمير “عبد القوي العمري”: “إن المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين استقبلت الخبر بكل رحابة صدر، وارتفعت معنويات الناس من خلال التواصل الذي تم، ومنحت القبيلة في الداخل الإحساس بأن الأمور لا زالت بخير”.
وأشار إلى أنه تم التواصل مع القبائل في مناطق الحوثيين، وأظهر نتيجة للوضع الأمني الحساس، ورفع معنويات القبائل في مأرب، بأن “الداخل هم أكثر اهتمامًا وأقدر على القيام بأدوارهم إلا أنهم منتظرون اللحظة الحاسمة التي يتحرك فيها الجيش والقبائل للحظة الخلاص من هذه العصابة”.
وأكد العمري أن القبائل في مناطق الحوثي على استعداد تام ولا زالوا مترابطين، وأسلحتهم على أكتافهم وقدراتهم لا زالت كبيرة وعالية، وهم منتظرون ما الذي سيقرره إخوانهم في المحافظات التي تسيطر عليها الشرعية للقيام بأي دور تطلبه منهم.
واستدرك حديثه بالقول: “إلا أننا لا نرغب في هذه اللحظة أن تدخل القبائل في الداخل في معارك مع الحوثي دون أن يجدوا نصيرًا أو من يسندهم ويعينهم أو حتى يقدم لهم ما يقومون به، حتى لا يصبحوا فريسة أو عرضة لارتزاق الحوثيين”.
وخاطب الشيخ العمري في حديثه مع “واي دي” الحكومة اليمنية بالقول: “القبيلة اليمنية هي قاعدتكم الاجتماعية وعليكم أن تستندوا عليها، وأن لا تفرطوا فيها، وأن تحاوروا من منطلق قوة وأن لا تحاولوا من منطلق ضعف لأنكم تعتمدون على مجتمع بأكمله، لأن المجتمع هو القبيلة والقبيلة هي المجتمع”.
واختتم الشيخ “عبد القوي العمري” حديثه لـ “واي دي”، مؤكدًا “وقوف قبائل مذحج وحمير إلى جانب الجيش اليمني، مساندين لمعركته مع السلالة جنبًا إلى جنب، وسنقدم التضحيات وسنقوم بما هو علينا من واجب حتى تسقط الجماعة الإرهابية”.
مرتبط
الوسوم
قبائل اليمن
مأرب
مذحج
همدان
حمير
حاشد
سبأ
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news