الثقافة.. تلك المهيمنة على قضايا السلام

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 42 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الثقافة.. تلك المهيمنة على قضايا السلام

إن السلام لا يترجم الإحساس بالهدوء الداخلي للفرد فقط ولكنه يترجم الإحساس بالهدوء في عائلة الفرد ومجتمعه وحكومته وعالمه، ولا يحقق السلام تواجد الحقوق والحريات فقط بل ويدفع لخلق التسامح والحب والخير والجمال في النفس والمجتمع، ولا يداعب السلام في حال تواجده النفس الإنسانية فقط ولكنه يداعب الحيوان والشجر ويحميها ويجعلها متاحة لأجيال كثيرة قادمة من رحم الغيب.

وعلى العكس فعدم تواجد السلام يدفع لطغيان أجواء العنف والسلبية والانتهاك، وعدم تواجده مع النفس يحقق عدم وجوده مع الآخر ليدفع بالعراك إلى الواجهة ويقدم النزاع على شاشات الأخبار ويخلق الحروب والنزاعات لأسباب تافهة أو بلا أسباب أو حتى بأسباب كان يمكن القفز عليها أو الاتفاق عليها بالحوار.

إن السلام مهم ولكن لا وجود لسلام دون ثقافة تدفع باتجاهه وتروج له وتحققه في المجمل، ولا بد من أن أشير إلى فقرة قمت بنحتها منذ زمن مضى في إحدى كتاباتي تقول “إن الثقافة هي أساس كل مشكلة وهي الحل الجذري لها في نفس الوقت”.

وليست السياسة وليس الاقتصاد، وحتى الأديان من تخلق المشاكل بين الأشخاص وأرواحهم وبين الأشخاص بعضهم ببعض وكذا بين المجتمعات على مستوى الداخل وبين المجتمعات والدول بعضها ببعض، بل هي الثقافة من تخلق كل هذه المشاكل، وليست السياسة ولا الاقتصاد وحتى الأديان من تملك الحل لمشاكل الأشخاص وأرواحهم والأفراد بعضهم ببعض وبين المجتمعات على مستوى الداخل وبين المجتمعات والدول بعضها ببعض ولكنها الثقافة من تملك الحل.

فالعنف ضد الأطفال لا يمكن حلة بدراسة للأمين العام للأمم المتحدة أو بمبادرة عالمية من أجل إنهاء كافة أشكال العنف ضد الطفل ولكن ثقافة التربية هي من تحمل الحل، وطغيان أشكال التربية العنيفة هو المشكلة، فأيمان الشعب أن العصا خرجت من الجنة وأن الضرب أهم أسلوب للتربية “ثقافة”، وماذا عن الطفل عندما يدخل في عراكا مستمرة يعتقد جميع من حوله أنه سينشأ رجلا… ليس إنسانا ولكن رجلا أليست هذه ثقافة؟، وهذه الثقافات المسيطرة أهم من كل دراسات الأمم المتحدة مجتمعة، واليس العمل على تفكيك هذه الثقافة وإعادة توجيهها نحو طرق وأساليب تربوية بعيدة عن العنف هو الحل.

والتمييز ضد المرأة والعنف الموجه ضدها واغتصابها وإجهاضها وتزويجها بشكل مبكر هو ثقافة معنونة بهيمنة ومركزية الرجل عبر التاريخ وأولويته وقوامته، وإن هذا التمييز موجود وبقوة تضاهى وتزيد بمراحل عن الاتفاقيات الدولية من نوعية الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والتوصية بشأن الحد الأدنى لسن الزواج وغيرها الكثير من الاتفاقيات والعهود والمواثيق، وأجزم أن الثقافة هي الأهم في معالجة هذا المشكل المتعلق بالمرأة ومحاولة الوصول إلى المساواة الكاملة مع الرجل.

ولنقس على ذلك اللاجئون والمهمشون والطبقات الاجتماعية التي تعتبرها المجتمعات أدنى أو المعوقون والمكفوفين وأصحاب المشاكل مع القانون من الرجال والنساء والأطفال وساكني الشارع والصفيح والقمامة، فنظرة التمييز الناتجة عن الفوارق الاجتماعية والدينية والعرقية هي في جوهرها ثقافية وحلها يتم عبر الثقافة من خلال التبشير بالمساواة والعدالة والإنصاف.

إن العنف “الجسدي والجنسي والنفسي” في أساسه ثقافي ترفده مفاهيم القوة والهيمنة والحل أيضا ثقافي عبر الترويج لقيم الحق والخير والجمال، ولخصوصية الموضوع الموجه إلى السلام فإن السلام كمفردة هو في أساسها نشاط ثقافي، فعند النظر إلى مسائل متعلقة بصراع الحضارات نجد أن الكثير من الترجمات العربية قامت بترجمة ما يسمى بصراع الحضارات باسم “صراع الثقافات” لأن الحضارة والثقافة تعنيان شيء واحدا.

إن الحضارة في العموم وكما أظن هي كل ما يتعلق بمجتمع ما كاللغة والطقوس الاجتماعية والدينية والسياسية مرورا بطرق الصيد والعمل والصناعة والعمارة وهذا ما تعنيه الثقافة أيضا في كل ما يحمله المجتمع من خصوصية في هذه المجالات تحديدا، وصراع الحضارات “الثقافات” ينتج عن الاختلاف في هذه المجالات، وعلى الرغم من أن صراع الحضارات الآن قد تم تحديده بالصراع مع الإسلام إلا أنه يمتد أيضا إلى كل المجالات المذكورة عبر هيمنة اللغة وأساليب العمارة على الكثير من الأشخاص في الكثير من الدول.

إن اللغة الإنجليزية مثلا أصبحت تنافس العديد من اللغات القومية في عقر دراها، وكذا أساليب العمارة التي أصبحت تجعل من تطابق المدن في طوكيو ودبي ونيويورك شيئا غريبا، ونفس الشيء على المستويات الاقتصادية والسياسية وهذا ما يجعل من الصراع هو المهيمن حتى الوصول إلى التشابه الكامل.

إن السلام وثقافة السلام ما تزال قابعة في ركن مظلم لا يراه أحد وإذا أستعمل فيتم استعماله كعلبة ماكياج لتجميل المشاريع الدولية والمحلية الخاصة به دون تحقيق نتائج مؤثرة.

إن تطوير المجتمعات في المجمل مهم جدا وحيوي لتصبح مجتمعات سلمية تعمل لأغراض التنمية والرفاة ولكن على مستوى التغيير فإن التغيير والتطوير لهذه المجتمعات يجب أن يكون لدفعها إلى الإيمان بالقيم العالمية كقيم الحق والخير والجمال والتنمية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان والحريات العامة وما عدا ذلك فليقم كل شعب بما بدالة من طقوس دينية واجتماعية وليكن حرا في كل اختياراته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وهذا ما لا تقوم الدول الكبرى به بل تريد للتغيير أن يكون كاملا مما يزيد من حدة الصراع ويقلل فرص السلام في التواجد على الساحة الشخصية والمجتمعية والحكومية والعالمية ككل.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

جماعة أنصار الله يعلنون عن بشارة خير للشعب في جنوب وشمال اليمن

المرصد برس | 1174 قراءة 

عاجل :توجيهات عسكرية طارئة من رئيس مجلس القيادة الرئاسي لوزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان وكافة وحدات الجيش ومصادر تكشف عن تطورات كبيرة في الساعات القادمة

جهينة يمن | 1010 قراءة 

عاجل:الحو ثيين يعلنون مغادرة قيادتهم صنعاء رسميا

كريتر سكاي | 838 قراءة 

لقاء يجمع أبرز قيادات الإنتقالي بالإمارات لهذا السبب

المرصد برس | 704 قراءة 

الكويت تُسقط جامعة صنعاء من قائمة الاعتماد الأكاديمي بسبب "التطييف والعسكرة"

حشد نت | 627 قراءة 

وزير في الشرعيه يطلق صرخة مدوية ويدعو لامر هام سيحدث اليوم

المرصد برس | 523 قراءة 

سيناريو لاسقاط النظام على غرار اسقاط نظام بشار الاسد

جهينة يمن | 513 قراءة 

ترامب يتخذ اول قرار عسكري ضد الحوثي

وطن الغد | 501 قراءة 

الحكومة اليمنية تشدد على ضرورة تسليم القيادات الحوثية المتواجدة في لبنان

حشد نت | 484 قراءة 

صنعاء تعلن صرف مرتبات موظفي إبتداء من هذا اليوم وعبر هذه الجهات

جهينة يمن | 465 قراءة