عدن توداي
كتب / محمد المسيحي
في زمنٍ انقلبت فيه الموازين، وأصبحت القيم تُهان باسم المصالح، يتصدر المشهد من لا يستحق، ويُقصى أصحاب المبادئ، وكأننا أمام واقع عبثي لا يعترف إلا بالمتملقين والفاسدين، أصبح الشرفاء غرباء في أوطانهم، يُحاربون لأنهم فقط اختاروا أن يكونوا صوت المظلومين، فيما الفاسدون يزدادون علواً في الأرض، يعبثون بمقدرات الشعوب دون حسيب أو رقيب.
اليوم، في المناطق المحررة، حيث كان الأمل يحدو الجميع بأن يكون المستقبل أكثر إشراقاً، وجد المواطن نفسه في مواجهة أخرى، لكنها ليست مع العدو، بل مع نخبه السياسية التي أخلّت بوعودها، وانغمست في صراعاتها الضيقة، متجاهلة هموم الناس ومعاناتهم اليومية.
المواطن البسيط لم يعد يطلب المستحيل، بل أبسط حقوقه الأساسية، من كهرباء وماء وصحة وتعليم، لكنه في كل مرة يُجابَه بالتجاهل والتخوين والقمع، وكأن صوته جريمة، وكأن المطالبة بالعيش الكريم باتت تهمة تستحق العقاب!
لعل أخطر ما يواجه المجتمعات اليوم ليس فقط الفساد، بل تطبيع الفساد، حتى صار جزءاً من الحياة اليومية، يُبرَّر ويُشرعن بذرائع شتى، بدءاً من الظروف الاستثنائية، وحتى “الضرورة السياسية”؛ وبينما تتضخم ثروات الفاسدين، يزداد الفقراء فقراً، ويغرق المواطن في دوامة الوعود الزائفة التي لا تجد طريقها إلى الواقع.
مقالات ذات صلة
تحية للمشاركين في المؤتمر الدولي لمكافحة السرطان
منبر الصحافة… المقال الصحفي العمودي(21).. كتب / انور سيول
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف يستمر هؤلاء في مواقعهم رغم افتضاح أمرهم؟ الجواب ببساطة يكمن في شبكة المصالح التي تحمي بعضها بعضاً، في منظومة متكاملة حيث لا يُحاسب السارق إلا إذا تجرأ على سرقة “خطأً” من كبار اللصوص!
في هذا المشهد القاتم، يظل الأمل معقوداً على من لم يبعوا ضمائرهم، على الشرفاء الذين لا يزالون يقاتلون من أجل وطن يتسع للجميع، وطن تُحترم فيه كرامة الإنسان، ويُحارب فيه الفساد لا أن يُكافأ ، هؤلاء هم صمام الأمان، وهم من سيكتبون مستقبلاً مشرقاً إن وجدوا من يستمع إليهم، لا من يقمعهم أو يُقصيهم.
لا تفرحوا كثيراً بمن ينافقكم اليوم، فإنه أول من سينقلب عليكم غداً حين تتغير المصالح، لا تراهنوا على السفهاء، فهم وقود الفساد وأدوات الخراب بناء الدول لا يكون بالصمت ولا بالقمع، بل بالعدالة والإنصاف واحترام إرادة الشعوب.
فمتى تستيقظ النخب السياسية من سباتها؟ متى تدرك أن صوت المواطن ليس مجرد “ضوضاء”، بل جرس إنذار لا ينبغي تجاهله؟
التاريخ لا يرحم، والذاكرة لا تنسى، ومن يظن أن الفساد يحميه، فليقرأ جيداً كيف انتهى الطغاة والمفسدون على مر العصور ! .
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news