سابقة هي الأولى التي تحدث في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، إذ لم يسبق للمشرعين الأمريكيين في الحزبين الجمهوري والديموقراطي الاتفاق على أمر واحد، لكن حديث ترامب عن تهجير أبناء قطاع غزة قلب الأمور رأسا على عقب، فالنواب الديموقراطيين والجهوريين اعتبروا ان الاصغاء من قبل ترامب لمجرم الحرب نتنياهو وتطبيق خطته لتهجير الفلسطينيين، أمر جنوني لا يصدقه العقل، واعتبروا خطة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، جريمة حرب ونوع من أنواع التطهير العرقي، كما وصفوا ترامب بأنه فقد عقله تماما بالحديث عن احتلال غزة من قبل الجيش الأمريكي، ولم يكتفي اعضاء الكونجرس بمعارضة المشروع وانتقاده ، بل قام أحدهم بتقديم مشروع قانوني إلى الكونجرس لمسألة وعزل ترامب من منصبه.
أعضاء الكونجرس لم يكتفوا بمهاجمة ترامب والتهديد بعزله وطرده من البيت الأبيض، بل وجهوا انتقادات لاذعة وهجوما شرسا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يسوق لهذه الفكرة الجنونية والتي من شأنها أن تجعل أمريكا والشعب الأمريكي مكروها ومحتقرا من كل شعوب العالم، مشيرين إلى ان تحريض نتنياهو ومحاولته المستميتة لاقناع ترامب سيكون جنونيا ومدمرا ، لأن ذلك سيؤدي لموجة إرهاب عالمية، وربما تصبح حياة الأمريكيين معرضة للخطر في أي دولة يتواجدون فيها.
ومن جانبه شن الاعلام الأمريكي هجوم صاعق على إدارة ترامب، وتسألت العديد من وسائل الإعلام الأمريكية كيف لرئيس أقوى دولة في العالم أن يصغي لمجرم حرب صدرت بحقه مذكرة توقيف رسمية من قبل محكمة الجنائية الدولية، واشارت الى ان مجرم الحرب نتنياهو لا يجروء على السفر إلى أية دولة خشية القبض عليه، بينما يجد الأمن والأمان في أمريكا، بل ويستقبل استقبال الأبطال من قبل معتوه مثل ترامب، وحذر الإعلام الأمريكي من ان هذا الأمر سيقود أمريكا والشعب الأمريكي إلى الهاوية، وفي هذا السياق نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" وهي واحدة من أشهر الصحف الأمريكية، تقريرا أثار قلق كافة أطياف الشعب الأمريكي، وأكد تقرير الصحيفة إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول "السيطرة" على قطاع غزة، تسبب بصدمة هائلة لعدد كبير من المسؤولين في إدارته، بما في ذلك في البنتاغون والخارجية الأمريكية.
لكن الأمر الملفت للنظر والذي لم يتوقعه احد، وأصاب القادة الإسرائيليين بالرعب والهلع هو ان بعض أعضاء في الكونجرس الأمريكي الذين هم من أشد الموالين لإسرائيل، عارضوا بشدة تهجير الفلسطينيين، حتى إن أحدهم حذر نتنياهو من أن هذه الخطوة ستكون المسمار الأخير في نعش دولة إسرائيل، وستؤدي باليهود إلى هلوكست جديد سيقضي على اليهود في شتى أرجاء العالم، ولن يطيق أي إنسان على وجه الأرض رؤيتهم، مشيرا إلى ان ما فعلته إسرائيل في غزة طوال عام ونصف كان كارثيا ليس فقط على الفلسطينيين، بل هو تهديد وجودي لدولة إسرائيل.
فيما وجه عدد كبير من الناشطين ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الموالين للانقلابيين الحوثيين النداء لزعيم الجماعة " عبد الملك الحوثي " بحذف عبارة " الموت لأمريكا" وإزالتها من الصرخة الحوثية، وقال الناشط حسين الشامي، اتمنى من السيد عبد الملك الحوثي إزالة هذه العبارة حتى يفهم القادة والشعب الأمريكي ان عداوة اليمنيين وكافة الشعوب العربية والإسلامية والمسلمين لأمريكا سببه الولاء المطلق من قبل كل الإدارات الأمريكي للكيان الصهيوني المحتل والذي يمارس القتل بأبشع أنواعه ضد النساء والشيوخ والاطفال.
فقد تقدم السيناتور الديمقراطي آل غرين بمشروع مساءلة لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب متهما إياه بـ"التطهير العرقي في غزة"، واصفا تصريحات ترامب بشأن غزة بأنها "شنيعة"، وقال السيناتور: "التطهير العرقي ليس مزحة، خصوصا عندما يأتي من رئيس الولايات المتحدة أقوى شخص في العالم والذي لديه قدرة على تنفيذ ما يقوله، ويجب أن يخجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الوقوف هناك والسماح بهذه التصريحات، فقد كان التطهير العرقي عبر التاريخ جريمة ضد الإنسانية".
فيما كتب السيناتور بيرني ساندرز، عضو مجلس الشيوخ على "إكس": "مرشح السلام ترامب يريد إجبار مليوني فلسطيني على ترك منازلهم وتقديم أسلحة بمليار دولار آخر إلى نتنياهو، وأعد خطة لتحويل قطاع غزة الذي دُمِّر إلى ريفييرا للمليارديرات، وإذا كانت هذه هي سياسة السلام الخاصة به، فسأكره أن أرى سياسته الحربية".
وقال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولن، في تصريحات تلفزيونية لشبكة "سي إن بي سي"، إن إعلان ترامب "يعني ارتكاب التطهير العرقي بحق الفلسطينيين"، مضيفا أن الدول العربية مجتمعة أعلنت منذ أسابيع رفضها مقترح التهجير.
من جانبه، أكد عضو مجلس النواب جيك أوشينكلوس، في تصريحات لـ"سي أن أن"، أن "هذا الاقتراح متهور وغير معقول، وقد يفسد المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار". وقال: "قبل عقدين من الزمن قدم الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش وعوداً بشأن بناء الأمة الأميركية في بلدين خارجيين، وأدى ذلك إلى 20 عاماً من الحروب التي كلفتنا تريليوني دولار والآلاف من أرواح الجنود الأميركيين، والآن ترامب يقترح المفاهيم غير المسؤولة نفسها".
أما السيناتور كريس كونز، فوصف مقترح ترامب بأنه "جنون"، وقال: "ما قيل جنون، ولا أستطيع التفكير في مكان على وجه الأرض أقل ترحيباً ودون احتمالات تحقيق نتائج إيجابية سوى غزة.
فيما قال عضو مجلس النواب الديمقراطي جيك أوشينكلوس لقناة "نيوز نيشن" إن الاقتراح "متهور وغير معقول"، وأضاف أنه قد يفسد المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وأضاف "يتعين علينا أن ننظر إلى دوافع ترامب. وكما هو الحال دائما، عندما يقترح ترامب بندا سياسيا، فهناك صلة بالمحسوبية وخدمة الذات".
من جهتها، قالت عضو مجلس النواب الديمقراطية والفلسطينية الأمريكية رشيدة طليب: "الفلسطينيون لن يذهبوا إلى أي مكان. لا يستطيع هذا الرئيس إلا أن يبث هذا الهراء المتعصب بسبب الدعم الحزبي في الكونغرس لتمويل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. لقد حان الوقت لرفاقي في دعم حل الدولتين أن يعلوا صوتهم".
ولم تقتصر معارضة المقترح على الديمقراطيين، إذ عبر عدد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين عن رفضهم خطة السيطرة على القطاع.
وقال السيناتور الجمهوري راند بول على "إكس"، "لا ينبغي لنا أن نفكر في احتلال آخر من شأنه أن يدمر ثرواتنا ويسفك دماء جنودنا".
من جانبه، عبر السيناتور الجمهوري جوش هاولي، المعروف بانحيازه الشديد لإسرائيل، عن معارضته للفكرة، وقال في تصريحات للصحافيين في مبنى الكابيتول: "لا أعتقد أن إنفاق الكثير من أموال الولايات المتحدة في غزة هو الاستخدام الأمثل لمواردنا. أفضل أن يتم إنفاقها داخل البلاد أولا، لكن دعونا نرى ما سيحدث"، مضيفا أنه لا يعتقد أن إرسال قوات أميركية لغزة هو الحل المناسب. وكان جوش هاولي، طالب أكثر من مرة بفصل طلاب الجامعات الذين يتظاهرون من أجل الحقوق الفلسطينية، ودافع على مدار أكثر من عام عن العدوان الإسرائيلي على غزة.
أما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، فقد وصف الاقتراح في تصريحات للصحافيين بأنه "إشكالي" وقال: "سنرى ما يقوله أصدقاؤنا العرب عن هذا، أعتقد أن معظم سكان كارولاينا الجنوبية لن يكونوا متحمسين لإرسال الأميركيين للسيطرة على غزة، معتبرا أنه سيكون مكانا صعبا لتواجد القوات الأميركية.
فيما علق السيناتور توم تيليس على تصريحات ترامب، وفق صحيفة "بوليتكو" بأنه "ربما يكون هناك بعض التصرفات الغريبة أو شيء غير طبيعي في هذا الشخص".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news