(عدن توداي)
مقال لـ : علي منصور مقراط
تلقيت ليلة البارحة رسالة عبر الواتساب من مراسل صحيفة القدس العربي الزميل أحمد الاغبري والذي أخبرني أن الزميل العزيز الصحفي ريام مخشف أعطاه رقمي . طبعا حملت الرسالة مجموعة من الأسئلة الهامة والعميقة تركزت عن الأوضاع التي وصلت إليها محافظة أبين بعد سلسلة من تراجيديا الأحداث المأساوية التي تعرضت لها منذ عقود من الزمن منذ أحداث 13 يناير 1986م ومرورا بأحداث صيف 94م والى حرب الإرهاب منذ العام 2000م ومجزرة المعجلة وصولاً الى سيطرة تنظيم القاعدة على مدن ومناطق المحافظة ومواجهات عامي 2010و2013م والى 2015و2016 وآخرها صراع اغسطس العام 2019م ومابعدها 2020م في رمال الصحراء شقرة والى اليوم مازالت تنزف في حملة سهام الشرق في وادي عومران شرق مودية وغيرها وايضا وزاد قضية اختطاف العقيد علي عشال الجعدني واختفاءه عن الأرض منذ منتصف العام الماضي.
اعتقد ان أسئلة صحيفة القدس العربي التي وجهت لي شخصياً حملت في بعضها اجابات لكن الثابت أن محافظة أبين ليس اي محافظة بل تمثل العمق الاستراتيجي لهذا البلد الجريح . تتوسط محافظات جنوبية وشمالية ولها وضعها وخصوصيتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والوطنية التاريخية ،
لم تشير الأسئلة إلى أحداث 26 يونيو 78م التي اغتيل فيها الزعيم الجنوبي سالم ربيع علي سالمين ورفاقه جاعم صالح وعلي لعور وجميعهم ينتمون إلى هذه المحافظة وهي بداية الثمن الباهظ التي تدفعه أبين والى اليوم .. صحيح أن احداث يناير 86م الدامي يعد أكبر مأساة كارثية تعرضت لها أبين ودولة الجنوب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا وأدت إلى تشريد جميع المسؤولين الذين ينتمون إلى محافظة أبين وعلى رأسهم طيب الذكر الرئيس علي ناصر محمد حفظه الله ورعاه واطال عمره ومحمد علي احمد والرئيس السابق عبدربه منصور هادي وعبدالله البطاني وأحمد الحسني ومحمد ناصر احمد واخرين أجزم أن الجميع نزح إلى الشمال بما فيهم الجنود وبالمثل في هذه الأحداث دفعت محافظة شبوة الثمن . ومن تبقى تم محاكمتهم وأعدم معظمهم لم يتبقى غير الدكتور محمد حيدرة مسدوس والدكتور محمد عوض السعدي من أبين ظهروا في صف المنتصر المهزوم آنذاك واعطيت لهم مناصب هامشية ،
أرى أن مسلسل استهداف أبين لانها كما أشرت محافظة استراتيجية هامة . ليس بعمقها الاستراتيجي بل برز منها رجال دولة وزعماء سياسيين ومناضلين وطنيين ولا يمكن نسيان من ذكرت منهم ثلاثة رؤساء لم يحدث في التاريخ المعاصر أن ثلاث شخصيات من محافظة يمنية تداولوا كرسي رئاسة الجمهورية الا من محافظة أبين وايضا لاتنسى فقيد الوطن الراحل محمد علي هيثم رئيس الوزراء وعضو مجلس الرئاسة رحمة الله عليه.
الاحداث والصراعات في عهد الوحدة اليمنية طوال 35 عاما أيضا استهدفت أبين والى الان عند إعلان الوحدة اشترط مسؤولي الجنوب خروج الرئيس علي ناصر محمد ورفاقه من محل إقامتهم في صنعاء . وجاءت حرب صيف 94م الظالمة التي اجتاح فيها الشمال الجنوب. لم تسلم أبين من الصراع وان كان رموزها وليس جميعهم وقفوا مع الرئيس الراحل صالح. لكن على الأرجح تنفسوا الصعداء مؤقتا ومن حسن الحظ وصول عبدربه منصور هادي إلى رئاسة الجمهورية ليضيف إلى تاريخ المحافظة المتميزة في إنتاج الرؤساء والزعماء. لكن بالمقابل تم الانتقام من أبين أرضاً وانساناً وتم حشد لها قوات من معسكرات النظام السابق ليلتموا مع عناصر تنظيم القاعدة وتمكنوا في مسلسل درامي دامي لم يسبق له مثيل من تنفيذ عمليات اغتيالات لشخصيات وضباط وقيادات من أبين إضافة إلى تفجير مباني الدولة والحكومة في المديريات وعاصمة المحافظة زنجبار وجعار وغيرها من المحافظات. لكن السيناريو الرهيب والمرعب اتجه إلى محافظة أبين توج باجتياح مدنها وعاصمتها والسيطرة عليها كاملا باستثناء مديرية لودر التي صمد وتصدى لهم أبناؤها هذا المشهد المرعب ارغم السكان عامة في العاصمة زنجبار وجعار وغيرها إلى مغادرة منازلهم والنزوح إلى عدن ومحافظات لحج وحضرموت وغيرها تاركين ديارهم والى وضع مأساوي يندى له جبين الانسانية وتحولت أبين إلى مسرح لصراع وتصفية حسابات محلية وإقليمية ودولية لأن فيها ارهابيين مطلوبين دوليا من أمريكا
حسناً .. دمرت أبين وذبحت من الوريد الى الوريد وتحولها إلى ساحة حرب ضد تنظيم القاعدة نيابة عن المجتمع الدولي الذي يحارب الإرهاب . لكن رغم ذلك وانتهاء حرب القاعدة وتحريرها في العام 2012م بقيادة محافظها آنذاك الشيخ جمال العاقل واستشهاد قائد معركة السهم الذهبي اللواء البطل سالم قطن في عمل ارهابي غادر بعد انتهاء مسرحية حرب الإرهاب لم يقدم المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أية تعويضات لضحايا وإعادة الإعمار بما في ذلك مجزرة منطقة المعجلة التابعة لمديرية المحفد بابين الذين قصفهم الطيران الأمريكي في إبادة جماعية لعشرات المواطنين بينهم أسر نساء وأطفال ورجال مدنيين ..لم يتوقف استهداف أبين ورموزها بل استمر بعد العام 2015م بعد تحرير عدن والمحافظات الجنوبية من مليشيات الحوثي تم الإعداد لصراع داخلي جنوبي .. جنوبي . لكن الذي رسم المخطط الجديد من الخارج . تفجرت احداث اغسطس 2019م كان المهندس احمد الميسري نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية حينها ويدير اعمال حكومة الشرعية في عدن وهو من أبرز الرموز الوطنية الحرة من أبين إلى جانب الرئيس عبدربه منصور هادي المقيم في الرياض . تفجرت الأحداث الداخلية هدفها خروج الميسري الذي ينتمي إلى أبين فهزمت قوات الحرس الرئاسي والشرعية واجتاحت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي معسكراتها انتقلت هذه الوحدات إلى محافظة أبين ومعظم مقاتيلها ينتمون إلى أبين وتم ملاحقتهم وصولاً إلى شبوة ، وفي العام 2020م عادت ألوية الشرعية للملمة جنودها وتمركزت في شقرة والعرقوب وغيرها فتم اعداد سيناريو خارجي أخر ، وفي رمال صحراء شقرة والشيخ سالم والطرية ووادى سلاء دارت حرب دامية دون سبب أو هدف وطني .. حتى اقتنع الإخوة الأعداء بأنه لاجدوى من نزيف الدم. فتدخل مندوبين من الأشقاء في التحالف العربي واوقفوا إطلاق النار بعد سفك دماء بريئة ..
اليوم الواقع في هذه المحافظة المنكوبة مزري رغم جهود ومحاولات وسعي السلطة المحلية بقيادة المحافظ اللواء ابوبكر حسين لاعادة انتشالها من تحت ركام الحروب والاستهداف الممنهج . لكن مازالت هناك حرب استنزاف في وادي عومران شرق مدينة مودية منذ ثلاث سنوات لم تأتي بنتيجة للقضاء على عناصر تنظيم القاعدة ، هناك أيضا مخططات في إشعال كثير من الفتن بالمحافظة لتدمير ما تبقى من نسيجها الاجتماعي
الحصيلة في المشهد الراهن أن محافظة أبين شبه مقصية من الوجود والحضور السياسي والسلطوي في القرار . أبرز رموزها الاحرار الفاعلة وصاحبة القرار والثقل والوزن المؤثر في المنفى . ولايوجد من يمثلها ويطرح معاناتها بقوة أكان في الشرعية أو سلطة الأمر الواقع المجلس الانتقالي الجنوبي بعد الإطاحة بالرئيس الشرعي السابق المشير عبدربه منصور هادي وأحمد الميسري . بالمقابل تحاول الشرعية والانتقالي ادخال بعض من ينتمون إلى محافظة أبين لكن تعمدوا أن يفرضون اسماء لايستطيعون حتى الكلام في الاجتماعات لطرح واقع أبين المنكوبة..
هناك بعض من يحاولون التسلق أيضا على حساب انتماؤهم للمحافظة لكنهم شخصيات هزيلة تبحث عن مصالح شخصية دنيئة .
اختتم الكلام أن كان يوجع البعض أن محافظة أبين والوطن عامة بأمس الحاجة إلى رموز حقيقية قوية على سبيل المثال أحمد الميسري ومحمد علي أحمد ومحمد ناصر أحمد وغيرهم من رجالات الدولة الذين يخدمون البلد في هذا الظرف العصيب ويعيدون الاعتبار لمحافظة ابين أن كان هناك توجه شجاع واحد للقبول بالاخر وعقلاء يشعرون بالتوازن وان لامخرج إلا بمشاركة النخب الأكثر حضورا وتاثيرا
إلى هنا وحفظ الله ابين وابناؤها والسلام ختام
مقالات ذات صلة
قيادي انتقالي: استهداف قوات العمالقة في شبوة كشف أحد أهم اسرار فشل الجيش الوطني في مواجهة الحوثي
مناقشة ترتيبات موسم الحج لهذا العام بين وزير الاوقاف ورئيس هيئة النقل البري
شارك هذا الموضوع:
Tweet
المزيد
Telegram
معجب بهذه:
إعجاب
تحميل...
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news