مرض السرطان يغزو مجتمعات محلية يمنية محرومة من وسائل الوقاية والعلاج

أصبح السرطان بأنواعه المتعددّة واحدا من الأمراض والأوبئة التي شهد انتشارها بين سكّان اليمن حالة من الانفجار خلال السنوات الأخيرة التي عاش فيها البلد حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني وحربا متواصلة انطلقت مع غزو جماعة الحوثي للعاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من البلاد قبل أكثر من عشر سنوات، وأثّرت كثيرا على أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية وأحدثت دمارا هائلا في بناه ونظمه ومن بينها نظامه الصحّي.

ومثّلت أرقام رسمية معلنة حديثا بشأن التزايد المهول في عدد حالات الإصابة بمرض السرطان في محافظة تعز بجنوب غرب اليمن نموذجا عن تدهور الأوضاع الصحية في عموم البلاد والتراجع الحاد في نظم الوقاية والعلاج، وانعدام ظروف الحياة الملائمة وفي مقدمتها البيئة السليمة والغذاء الصحي والمتكامل.

وكشف مسؤول يمني، الثلاثاء، عن ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان بما نسبته 34 في المئة في محافظة تعز وذلك خلال العام الماضي مقارنة بسابقه 2023.

وأفاد بذلك مسؤول الإعلام في مكتب وزارة الصحة بتعز تيسير السامعي في تصريحات لوكالة لأناضول بمناسبة اليوم العالمي للسرطان الموافق للرابع من فبرير من كل عام.

وقال السامعي إنه “خلال عام 2024 تم تسجيل 1626 حالة سرطان في تعز أكبر المحافظات اليمنية سكانا.” وأوضح أن “هذا الرقم يزيد بنسبة أربعة وثلاثين في المئة عن عدد حالات السرطان بالمحافظة خلال عام 2023 الذي تم فيه رصد 1211 حالة.”

وأشار إلى أن “تداعيات الحرب وتدهور الأوضاع الصحية والإنسانية لمعظم السكان من أبرز أسباب ارتفاع حالات السرطان في تعز واليمن بشكل عام.”

ودعا المسؤول اليمني “كل المانحين ورجال الأعمال والمجتمع إلى مواجهة خطر ازدياد هذا المرض ودعم القطاع الصحي الذي يواجه تحديات كبيرة.”

وحسب تقارير حكومية سابقة فإن تعز تعد أكبر محافظة في نسبة انتشار مرض السرطان فيما بقية المحافظات تعاني من المرض لكن بنسبة أقل.

ولا توجد إحصائية شاملة لإجمالي الحالات في عموم اليمن نتيجة انقسام السيطرة الجغرافية بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي، لكن وزير الصحة بالحكومة قاسم بحيبح أعلن نهاية ديسمبر الماضي أن مرض السرطان وصل “مستويات كبيرة في البلاد.”

وشدد بحيبح في بيان حينها “على أهمية التكامل بين المحافظات لإيجاد مراكز علاجية لمرضى السرطان وضرورة تعزيز الجوانب الوقائية لتقليل نسبة الإصابة بالمرض.”

ودمرت الحرب معظم القطاعات في اليمن ولاسيما القطاع الصحي وتسببت في إحدى أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم بحسب الأمم المتحدة.

وسجّل البلد خلال الأشهر الأخيرة عودة أمراض وأوبئة كانت في فترات سابقة في حكم المنقرضة داخل أراضيه بفعل جهود الوقاية والعلاج التي بذلتها الدولة على مدى عشريات من الزمن، كما سجّل ظهور أمراض أخرى مستجدّة وغير مألوفة بين السكان.

وكشفت منظمة أطباء بلا حدود في وقت، ولأول مرة، عن انتشار داء هجرة اليرقات الجلدي أنكلستوما بمحافظة الحديدة غربي البلاد.

ويأتي ذلك مع استمرار انتشار الأمراض في اليمن، بينها الكوليرا والحصبة وحمى الضنك والملاريا والتي تسببت خلال الأشهر الأخيرة في وفاة المئات من السكان.

ويُعوَّل كثيرا في اليمن على المساعدات الخارجية في توفير الغذاء والرعاية الصحية وبعض الخدمات الأخرى للسكان. لكنّ ذلك الأمر لم يعد متاحا مثلما كانت عليه الحال في سنوات سابقة وذلك بفعل تراجع حجم الأموال الممنوحة من المجتمع الدولي لمساعدة اليمنيين، وظهور مشاكل في عمل المنظمات الإنسانية الأممية والمستقلة في مناطق البلاد، ومن ضمنها الخلافات الحادّة بين الأمم المتحدة وجماعة الحوثي بسبب قيام الأخيرة باحتجاز العديد من موظفي تلك المنظمات بدعوى أنّهم جواسيس، ورفضها الإفراج عنهم رغم جهود المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ واستعانته بوساطات إقليمية.

وأثار قيام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا بإعادة وضع الجماعة على لائحة الإرهاب المزيد من المخاوف بشأن انسيابية وصول المساعدات إلى اليمن وسلاسة عمل المنظمات المشرفة على استخدامها وتوزيعها على السكان.