الموت في صنعاء لا يأتي بالمواعيد، لكنه يعرف الطريق جيدًا

     
البلاد الآن             عدد المشاهدات : 140 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الموت في صنعاء لا يأتي بالمواعيد، لكنه يعرف الطريق جيدًا

‏ بقلم: سام الغُباري

‏دروب صنعاء المُحتلّة المزدحمة تختنق، بالضجيج المعتاد، وبأنفاسٍ تتقطع تحت وطأة المرض. في الأزقة التي تعرف كيف تحفظ أسرار سكانها، يختبئ الموت بلا اسم، بلا ملامح واضحة، يزور الأجساد واحدًا تلو الآخر، يختارهم بعناية، يترك فيهم أثرًا قبل أن يغادر.

‏في البدء، الحرارة تشتعل كجمرٍ في العروق، لا تترك للجلدِ مفرًا سوى أن يعلن استسلامه بالعرق البارد. الرئة تضيق، تتقلص، تتسع كأنها تحاول الهروب من سجنها داخل القفص الصدري، الهواء يصبحُ رفاهية، والشهيق رحلة محفوفة بالخطر. ثم تتوالى الضربات، الكلى تتوقف عن غربلة الحياة، الكبدُ يعلن العصيان، الجسد يتحول إلى معركة خاسرة، والعيون تفيض بالأسئلة التي لا تُجاب.

‏في المستشفيات، يقف الأطباء بلا يقين، بأيدٍ ترتجفُ فوق الملفات، بأعين تراقب الأرقام وهي تتهاوى على شاشات الأجهزة. ما الذي يجري؟ كيف تسلل هذا العدو الخفي بين الأزقة، والبيوت تُغلق نوافذها خوفًا من ريح لا تُرى؟ الأعراض متشابهة، التشخيصات تتزاحم، كل احتمال يفتح بابًا نحو هاوية أعمق:

‏العدوى تتصرف مثل قاتل متسلسل، تفتكُ بالرئة أولًا، ثم تقود الضحية إلى فشل كلوّي، تعطيل في وظائف الكبد، جسدٌ يُعلن سقوطه قطعةً بعد أخرى. يشير بعضهم إلى تعفن الدم، وآخرون يذكرون متلازمة الضائقة التنفسية، والبعض يهمس بأسماء أمراض لم تعد مألوفة في ذاكرة هذه المدينة. هل هو فيروس هانتا؟ هل هي الملاريا في ثوب جديد؟ الأسئلة تتراكم بلا أجوبة، والمرض يمضي في طريقه، غير مبال بكل هذا الجدل.

‏في الطرقات، في الأسواق التي خفتت ضوضاؤها، في البيوت التي تتجنبُ عدّ الغائبين، يُفتح باب الصمتِ على مصراعيه. الميليشيا الإرهابية في صنعاء المُحتلّة لا تُعلّق، البيانات لا تُصدر، والمدينة تغرقُ في بحرِ الشائعات. البعضُ يهمسُ عن سلاح بيولوجي استخدمته ⁧‫#إيران‬⁩ في حاضرة اليمن المكلومة، آخرون يتحدثون عن لعنة قديمة استيقظت، لكن الحقيقة تبقى هناك، مُعلقة بين جدران المستشفيات، في عيون المرضى الذين يرمقون الحياة وهي تفلتُ من بين أصابعهم كحفنة رمل.

‏في الليل، حين تهدأ الشوارع من ضجيج الأسئلة، ترتفعُ الأدعية من النوافذ، الأمهاتُ يضعن أيديهن فوق جباه أبنائهن بحثًا عن حرارة غريبة، الأطباء يفتحون ملفات جديدة، ويغلقون أخرى إلى الأبد.

‏لا أحد يعرف متى يتوقفُ هذا النزيف، لا أحد يملكُ خارطة للخلاص، لكن الجميع يدرك أن المدينة التي نجت من القذائف، ومن الحروب، ومن الطعنات المتوالية، تواجه الآن عدوًا لا يحتاج إلى سلاح، ولا يهتف بأي شعار، ولا يطلب شيئًا سوى أن يستمر.

‏.. لك الله يا يمن

‏.. وإلى لقاء يتجدد.

‏• كاتب وصحافي من اليمن المُحتّل

تعليقات الفيس بوك

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

والد الشاب عامر باحاج يروي تفاصيل مروعة عن اعد. ام نجله امامه بشبوة

كريتر سكاي | 1089 قراءة 

بعد غياب طويل.. علي سالم البيض يعود إلى عدن وسط جدل حول الوحدة اليمنية

المرصد برس | 848 قراءة 

اول شخصية حكومية كبيرة تلتقي الزبيدي في قصر معاشيق وتبارك له وتهنيه بانقلابه على الدولة (الاسم والصورة)

المشهد الدولي | 816 قراءة 

مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية يصدر بيان هام بخصوص الزبيدي وهذا ماجاء فيه

المشهد الدولي | 797 قراءة 

اليمن.. قيادات بارزة في ألوية درع الوطن تؤكد استعدادها للانضمام الكامل للقوات الجنوبية

عدن حرة | 625 قراءة 

عاجل:تقديم هذا الامر لباحاج عقب الجريمة المروعة في شبوة

كريتر سكاي | 578 قراءة 

شيخ قبلي يوجه دعوة للحشد ضد قبيلة آل لسود و يلعن قبائل شبوة اذا صمتت على حادثة اعدام باحاج .. فيديو

يمن فويس | 490 قراءة 

أحمد علي عبدالله صالح يكسر الصمت ويطلق نداء هام لكل القوى السياسية في اليمن

نيوز لاين | 403 قراءة 

اشتباكات مسلحة بين قبيلتي "آل لسود" و"آل باحاج" في شبوة إثر إعدام ميداني

بوابتي | 392 قراءة 

خارطة طريق وطنية من الجنوب.. تحرير الشمال وتعزيز الشرعية الواقعية

نيوز يمن | 333 قراءة