كلنا نحن الحالمين نقول إن الدولة التي حكمت جنوب اليمن من 67 إلى 90 من القرن الماضي كانت دولة اشتراكية حديثة بقيادات علمانية ديمقراطية مستنيرة، لكن المشكلة أن جميع قيادات الصف الأول في تلك الدولة، عندما يتحدثون أو يكتبون عن تلك المرحلة، يصرون على الاعتراف بأنها كانت دولة تحكمها الصراعات القبلية والمناطقية ومراكز القوى والنزوات الفردية والتسلطية.
وكلما حاولنا تجميل ذلك الماضي برومانسية سياسية على أمل أن يمثل قاعدة انطلاق لحاضر أكثر إشراقاً، تخبرنا مذكرات وحوارات أقطاب ذلك الماضي أنه كان ماضياً مظلماً وكئيباً، وأن إصدار أحكام الإعدام فيه كان أمراً أسهل من شرب الماء.
يتحدث قيادي في حوار متلفز بالغمز واللمز عن قيادي كبير، فيرد عليه المستهدف بكتاب ينسف التجربة برمتها ويجعل من نفسه مراقباً للأحداث وحملاً وديعاً وضعته الظروف بين مخالب ذئاب حزبية مسلحة بنوايا الغدر.
نراهن على أن الجنوب مختلف عن الشمال، فيصر الجنوب أمس واليوم على منافسة الشمال في عدد الشخصيات التي ترتدي ربطة العنق وهي تخفي تحتها ثياب البدوي المتربص بصاحبه.
نبحث عن المثال في تاريخنا القريب، ونعاير حاضرنا البائس بالسقف العالي للخطاب السياسي الذي وصل إليه شطر من جنوب اليمن والجزيرة العربية، لكن المثال يسقط بين السطور وفي الأفعال، ويصمم على البوح قائلاً إنه التطبيق السيئ بحذافيره للنظرية الجيدة.
بعد قليل سيقتحم صديق معتاد خانة التعليقات ليصرخ: ألم أخبرك أن الرأسمالية هي الحل؟ وسأرد عليه مقدماً هنا: اتضح يا صديقي أننا خدعنا وأننا لا نزال في طور ما قبل الدولة، ولم نشهد حتى الآن لا اشتراكية ولا رأسمالية ولا يحزنون!
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news