وبعد أيام من اعتقال سالم البدوي اقتحم المطعم ثلاثة من البدو وراحوا يسألون عبده سعيد عن قاسم الأهبل فاخبرهم بأنه لايعرف شيئًا عنه من يوم الحادث وعندما ذهبوا للنادي يسألون عنه قيل لهم نفس الكلام الذي قاله لهم عبده سعيد. وبحسب تقاليد البدو كان على سالم البدوي بدلًا من أن يقتل زوجته أن يقوم بتسليمها لإخوتها ليقوموا بقتلها لكن لأنه بدوي متعلم قتلها بنفسه ولم يحترم التقاليد وعندما عرف اخوة البدوية بأن صهيرهم سالم قتل اختهم زعلوا منه وحضروا من البلاد ليقتلوه كونه أخلَّ بالتقاليد والأعراف وقتل اختهم بدلاً من أن يسلمها لهم ليقتلوها لكنهم بعد وصولهم إلى عدن وبعد أن عرفوا بأن البوليس اعتقل صهيرهم وقاتل أختهم قرروا قتل قاسم الأهبل.
ومع أن تقاليدهم وأعرافهم لاتسمح لهم بقتل من ارتكب الفاحشة مع اختهم كونها متزوجة ومعها زوج إلا أنهم نكاية بصهيرهم الذي قتل أختهم كان عليهم ان يهينوه ويذلوه امام أفراد القبيلة ويقتلوا الرجل الذي نكح زوجته وانتهك عرضه وتركه حرًا ولم يقتله.
وكل يوم كان البدو يمرون على مطعم عبده سعيد ويسألون عن قاسم الأهبل ويذهبون إلى النادي ويظلون هناك في الناصية يراقبون الداخلين والخارجين ويثيرون الرعب. وعندما راح يوسف عبد الرب يطلب من الهيئة الإدارية للنادي بحماية قاسم الأهبل من البدو.
رد عليه عبده صالح وقال له:
– “تشتينا يايوسف نحمي واحد زاني”.
قال له يوسف عبد الرب:
– “قاسم ابن قريتنا ياعبده صالح ومايجوز نسيبه للبدو يقتلوه”.
وحدث يومها انقسام في النادي بين أبناء القرية بعضهم يقول بأن من واجبهم حمايته من البدو المتربصين به والبعض الآخر يقول بأنه لايجب حمايته طالما أنه اقترف جريمة الزنا وقال التاجر عبده نعمان:
– والله أن البدو بايحرقوا محلاتنا لوعرفوا أننا نحمي هذا الزاني اونفكر بحمايته”.
وأما أولئك الذين كانوا زعلانين منه فراحوا يطالبون الهيئة الإدارية للنادي أن تصدر بيانا تؤكد فيه بأن قاسم الاهبل ليس من “قرية العكابر”وتنكر عضويته في النادي وقال هؤلاء بأن قاسم الأهبل منذ مجيئه إلى عدن وهو يُدخِل النادي ويُدخِل ابناء قريته في مآزق ومشاكل ويسبب لهم الكثير من الإحراجات وانه باقترافه جريمة الزنا أساء الى سمعتهم حتى أنهم صاروا يشعرون بالذنب كونهم تساهلوا معه ولم يعيدوه للقرية.
وكان اختفاء قاسم الاهبل وتردد البدو على النادي ووقوفهم في الناصية يراقبون الداخلين والخارجين من النادي قد جعلهم في حالة توتر دائم وفي حالة نفسية سيئة وكان يخامرهم شعور بأن البدو لن يغادروا من أمام النادي ولن يعودوا إلى بلادهم إلا بعد أن يقتلوا قاسم الأهبل وقال بعضهم بأن قاسم الأهبل بعد أن اقترف جريمة الزنا خاف من أن يقبضوا عليه وفر للقرية وبعد أن أكد القادمون من القرية بأنه لاوجود له في القرية تأكد لهم بأن البدو قتلوه وراحوا في مقيل النادي يترحمون عليه ويقرأون الفاتحة على روحه لكن رجل الدين عبده صالح راح يعترض على ترحمهم عليه وقال لهم: هذا زاني يستحق اللعن.
وراح يلعنه ويصليه بلعناته.
ثم مالبثوا أن نسوه تمامًا وبعد مرور أكثر من شهرين على اختفاءه حضر ذات خميس مقيل النادي وتفاجأ الجميع بحضوره واكثرما فاجأهم هو أن قاسم الأهبل حضر وهو في أجمل حالاته وبكامل نظافته واناقته ومعنوياته وكان يلبس بنطلونًا بدلًا من الفوطة وقميصًا مكويًا ونظارة شمسية وكان القات الذي معه من النوع الجيد والفاخر الذي يشتريه التجار وكبار الموظفين في الشركات وعندما سألوه أين اختفى وأين كان كل هذه المدة؟.
قال لهم بأنه تزوج.
وكان أن راحوا يضحكون ويسخرون منه ويقولون له:
– تزوجت ياقاسم والا زنيت ؟.
ثم راحوا يخوِّفونه ويقولون له:
– “البدو يدوِّروا بعدك ياقاسم يشتو يقتلوك”.
قال لهم قاسم وهومستغرب: “لمو يشتو يقتلونا مو عملتوا من جريمة!!”.
وذكّروه بالبدوية زوجة البدوي واخبروه بأن زوجها قتلها وتألم قاسم عليها وعندما أخبروه بأن أخوتها يبحثون عنه ليقتلوه ويثأروا لأختهم أخرج مسدسًا كان يخفيه وقال لهم:
– “والله لو واحد منهم يقرب مني لا اقتله”.
وذهل الموجودون ولم يصدقوا عيونهم حين أبصروا المسدس في يده وحين سألوه عمن أعطاه المسدس أخبرهم بأن زوجته النصرانية هي التي اعطته له ليدافع به عن نفسه.
ومع أنهم لم يصدقوا أنه تزوج نصرانية إلا أنهم وقد أبصروا المسدس في يده توجسوا خوفًا منه وقالوا إما ان المخابرات البريطانية استقطبته أو انه التحق بعصابة من العصابات.
ويومها كلفوا أحمد البُورِِي بمراقبته واقتفاء أثره وفي السابعة مساء حين خرج قاسم الأهبل من مقيل النادي خرج أحمد البوري بعده وراح يتتبعه ويقتفي اثره وعندما استأجر قاسم الاهبل تاكسي من محطة التاكسي أستاجر أحمد البوري تاكسي وطلب من السائق أن يتعقب التاكسي الذي استأجره قاسم الاهبل. وفي مقيل اليوم التالي أخبرهم البوري بأن قاسم الاهبل يقيم في فيللا من دورين بمنطقة خور مكسر.
وعندما قال لهم ذلك استغربوا وسألوه إن كان متأكدًا من معلوماته فاقسم لهم بأنه أبصره بعينيه وهو يدلف إلى الفيللا.
وكان حي خور مكسر حي راق يسكنه ضباط بريطانيون وطيارون مدنيون وعسكريون ورجال مخابرات وعندما عرفوا بأن قاسم الأهبل يقيم في منطقة خور مكسر طلبوا من أحمد البوري أن يستمر في مراقبته ويأتيهم بأخباره أولاً بأول.
وفي مقيل الاثنين قال لهم بأنه أيصره صباح الأحد يخرج من نفس الفيللا مع امرأة انجليزية في خريف عمرها وقال لهم:
– قاسم تنصّر ودخل في دين المرأة النصرانية
وعندما سألوه كيف عرف أنه تنصِّر ودخل في دين النصرانية ؟.
قال لهم بأنه بعد خروجهما بالسيارة من الفيللا في خور مكسر استاجر تاكسي وظل بعدهما وبعد وصولهما التواهي أبصرهما يدخلان كنيسة القديس فرنسيس في “راس مربط”.
ولحظتها امتقعت وجوههم من الرعب وصاح عبده صالح قائلاً وبكل صوته:
– “من بدل دينه فاقتلوه”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news