أخبار وتقارير
(الأول) متابعة خاصة:
أدى تصعيد القتال بين إسرائيل وحزب الله خلال الشهرين الماضيين إلى لفت الأنظار عن الأوضاع في قطاع غزة رغم استمرار الحرب ومعاناة السكان فيه.
غير أن ترسيخ وقف إطلاق النار في لبنان من شأنه أن يعيد الاهتمام الدولي إلى تطورات الحرب في غزة بما قد يؤدي إلى إنهائها.
وليست هناك توقعات بنجاح إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقف الحرب على غزة، بل توجه الأنظار إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي يتسلم مهامه رسميا في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وكان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء، بعد وساطة أمريكية وفرنسية حثيثة ولكن دون أي افق لإنهاء الحرب في غزة.
مجمل هذه التطورات تترك الحرب على غزة أمام سيناريوهات:
السيناريو الأول
أدت عدة تطورات بما فيها الانتخابات الرئاسية الأمريكية والعملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان إلى لفت الأنظار عن التطورات في غزة.
إذ احتلت العملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان التي بدأت مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الأولوية لدى المجتمع الدولي بما وضع جانبا الحرب على غزة رغم استمرارها وبعنف.
وقد يكون من شأن وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله إعادة الاهتمام الدولي بغزة والضغط للتوصل إلى اتفاق على غرار ما جرى في لبنان.
وثمة رأي دولي بأنه لم يعد هناك مبرر لاستمرار الحرب في غزة بعد القضاء على قادة "حماس" والجزء الأكبر من القدرات العسكرية للحركة فضلا عن تدمير مقارها.
وينظر إلى الوضع الإنساني المأساوي في غزة، لا سيما مع حلول الشتاء، بأنه يستدعي تدخلا عاجلا لوقف الحرب.
السيناريو الثاني
الحرب في غزة مثل الحرب في لبنان والدليل على ذلك التصويت السلس في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينت" لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.
وقد تمت المصادقة على الاتفاق بأغلبية 10 وزراء مقابل معارضة وزير واحد وهو وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.
غير أن بن غفير وكذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي أيّد الاتفاق، يعارضان وقف إطلاق النار في غزة ويهددان بإسقاط الحكومة في حال قبول أي اتفاق هناك.
وأهدافهما من الحرب تتعدى القضاء على قدرات "حماس" إلى ما هو أوسع وهو ما عبر عنه سموتريتش قبل أيام بحديثه عن إعادة احتلال غزة والاستيطان فيها وخفض عدد سكانها إلى النصف خلال العامين القادمين من خلال "الهجرة الطوعية".
ولا تجد إسرائيل ضغطا أمريكيا حقيقيا لوقف الحرب بعد أن استخدمت واشنطن قبل أيام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وفق تقارير إسرائيلية.
وبالخلاص من جبهة لبنان، فإن الجيش الإسرائيلي قد يصعد من عملياته في غزة وبخاصة شمالي القطاع.
ويقول محللون إسرائيليون إنه طالما بقي نتنياهو تحت تهديد بن غفير وسموتريتش فإن الحرب مرجحة للاستمرار إلى ما لا نهاية حتى سقوط الحكومة الحالية.
السيناريو الثالث
مع الخسائر البشرية الكبيرة التي يتعمدها الاحتلال ضمن عدوانه على غزة، ثم توسيع ذلك إلى لبنان، مضافًا لذلك الدمار الكبير في كليهما تعود للسطح نقاشات حول جدوى المقاومة بشكلها الحالي، ويتجاوز البعض ذلك إلى الجزم بنتيجة المعركة ومآلاتها في دعوة ضمنية للاستسلام، وهو ما يكذبه التاريخ والواقع والتحليل، ثمة مغالطتان منهجيتان في الطرح المذكور:
أولهما أن الخسائر البشرية على أهميتها ليست المعيار الوحيد ولا الرئيس لتقييم نتائج أي حرب. يصح ذلك في الحروب التقليدية بين الدول، فكيف بالمواجهة بين الاحتلال وحركات المقاومة المحكومة أصلًا باختلال موازين القوى؟، إذ لو كانت الخسائر هي الفيصل، لما انتصرت مقاومة ولا انسحب احتلال في التاريخ، ولا كان ثمة منطق أو جدوى لأي مقاومة.
والثانية أنه سعي لتقييم نتائج الحرب وتداعياتها قبل أن تضع أوزارها، فرغم ما يقرب من أربعة عشر شهرًا من العدوان المستمر والمجازر المتتالية في غزة، ثم لبنان، ما زالت المقاومة – المحاصَرة ضعيفة الإمكانات ابتداءً – حاضرة وقوية وفاعلة، وتكبِّدُ الاحتلال خسائر كبيرة نسبيًا رغم ما تعرضت له من ضربات وخسائر على المستويَين البشري والتسليحي. بل إن منطقة جباليا كبّدته خلال ما يقرب من شهرين ضمن حملة الحصار والتجويع والتدمير زهاء 30 جنديًا من مختلف الرتب، رغم أنه يحاصرها ويهاجمها للمرة الثالثة.
يقول لنا التاريخ بوضوح إنه يستحيل القضاء على مقاومة الاحتلال كفكرة، ويكاد يستحيل القضاء عليها كجسد وإطار وعنوان، لا سيما شكل المقاومة الحالي في فلسطين، أي تلك النابتة من قلب الشعب والحاصلة على ثقته واحتضانه.
لقد فوّت الكيان الإسرائيلي عن عمد وتصور، فرصًا لاحت مسبقًا لوقف الحرب وادعاء النصر فيها، مثل اغتيال رئيسَي المكتب السياسي لحركة حماس، هنية ثم السنوار، ويبدو أنه متجه لحرب طويلة الأمد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news