في تقرير حديث نشرته صحيفة “إكسبريس” البريطانية، اعتبر المقدم ستيوارت كروفورد أن من أسماهم “الحوثيين” في اليمن أصبحوا خارج السيطرة، مطالبًا الغرب باتخاذ إجراءات حاسمة ضدهم.
ورغم انتقاده لعدم فاعلية الرد الأمريكي، فقد قدم المقدم كروفورد ما يمكن أن يُعتبر اعترافًا بالفشل العسكري الأمريكي في مواجهة اليمنيين، لا سيما في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقد كان للمواقف العسكرية اليمنية في هذه المياه الاستراتيجية، التي تساند المقاومة الفلسطينية، دور بارز في إظهار قوة القوات المسلحة اليمنية ونجاحها في فرض وجودها العسكري على الساحة الدولية، بما يعكس تراجعًا واضحًا في تأثير القوة العسكرية الأمريكية في المنطقة.
ومنذ تصاعد الهجمات اليمنية في أكتوبر 2023، التي استهدفت السفن التجارية والبحرية في البحر الأحمر، أظهرت قوات الجيش اليمني بقيادة أنصار الله قدرتها على تنفيذ عمليات متقنة، بما في ذلك إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة. وقد أعرب المقدم كروفورد في تقريره عن قلقه المتزايد من الهجمات المستمرة التي تشنها القوات المسلحة اليمنية على السفن التجارية في المنطقة، وهو ما يثبت فشل التحالف الغربي في إيقاف هذه الهجمات. كما أشار إلى أن الرد العسكري الأمريكي كان “محدودًا” ولم يسهم في “تقليص تهديد الحوثيين، بل على العكس، ساعدهم على التكيف مع أساليب الرد الغربي”.
التحولات الاستراتيجية التي أظهرتها قوات الجيش اليمني في البحر الأحمر وخليج عدن تؤكد أنه قد أصبح قوة إقليمية لا يستهان بها، وأنه ليس مجرد “ميليشيا صغيرة كما كان يُنظر إليها سابقًا”. كما لفت إلى أن أنصار الله تمكنوا من تطوير قدراتهم العسكرية، متجاوزين التحديات التي فرضها التحالف العسكري بقيادة السعودية، وجعلوا من اليمن نقطة ارتكاز للمقاومة الفلسطينية، حيث كان لإعلانهم عن دعم القضية الفلسطينية من خلال الهجمات على إسرائيل دلالة كبيرة في رفع مستوى التهديد ضد المصالح الغربية في المنطقة.
المقدم كروفورد، في تقريره، أشار إلى أن سياسة “إدارة التصعيد” التي تتبعها الولايات المتحدة “قد شجعت الحوثيين على توسيع هجماتهم”، مشيرًا إلى أن “الدروس التي يتعلمها الحوثيون هي أنهم قادرون على إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على السفن الحربية الأمريكية والشحن العالمي، دون أن يعانوا من عواقب كافية”. هذا التعبير الغربي في صحيفة بريطانية يحمل بين طياته اعترافًا ضمنيًا بفشل الرد الأمريكي في تحجيم هذه القوة الصاعدة.
ومن ناحية أخرى، تواصل القوات المسلحة اليمنية، عملياتها العسكرية في البحر الأحمر، حيث حققت تقدمًا ملحوظًا في التأثير على التجارة البحرية العالمية، وفي الوقت نفسه تعزيز مواقفها في دعم قضايا المقاومة الفلسطينية. ووفقًا للقرارات العسكرية الصادرة من صنعاء فإن العمليات البحرية التي تنفذها القوات اليمنية تأتي في إطار الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة التهديدات الإسرائيلية المدعومة بدون سقف من القوى الغربية على رأسها الولايات المتحدة، في خطوة تكشف عن رغبة اليمن في الحفاظ على استقلاله العسكري والدفاع عن مصالحه الاستراتيجية في المياه الدولية.
بذلك، يظل اليمن قوة إقليمية فاعلة لا يمكن تجاهلها في الساحة العسكرية، ويعكس تصعيد صنعاء في البحر الأحمر تراجع الهيمنة الأمريكية في المنطقة. ويبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيجدون أنفسهم أمام تحدٍ كبير في مواجهتها لهذه الجبهة الجديدة التي تقودها القوات المسلحة اليمنية، والتي بدأت تحول مسار الصراع في المنطقة لصالح قوى المحور الفلسطيني المدافع عن حريته وأرضه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news