منذ بداية نوفمبر، يعاني البنك المركزي في عدن من شلل كامل في وظائفه المالية، نتيجة تأخر السعودية عن تقديم دفعة جديدة من الوديعة التي كانت مخصصة لدعم الوضع المالي لمناطق سيطرة حكومة التحالف السعودي جنوب وشرق اليمن. ووفقًا لتسريبات حصل عليها “المساء برس”، فإن البنك بدأ في تهريب الأموال إلى الخارج، مما يثير الشكوك حول تحركات من مركزي عدن تمهد لإعلان الإفلاس بشكل غير مباشر، ويُعد ذلك مؤشرًا على أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
رفض سعودي لتوسلات العليمي وتمويل محدود غير كافٍ
رغم محاولات رئيس المجلس القيادي الرئاسي رشاد العليمي للحصول على تمويل إضافي من السعودية للعام 2025، إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل. وأشارت مصادر اقتصادية تحدثت لـ”المساء برس” إلى أن ما تبقى من الوديعة السعودية لن يغطي المصروفات الحكومية لشهري نوفمبر وديسمبر، مما يزيد من حدة الأزمة المالية. ويبدو أن هذا العجز المالي يهدد بشكل مباشر قدرة حكومة التحالف على دفع الرواتب وتسيير أعمالها الأساسية.
شلل اقتصادي يعكس فشل الإدارة النقدية
وتشير المعلومات التي حصل عليها “المساء برس” إلى أن البنك المركزي في عدن فقد قدرته على إدارة السياسة النقدية بسبب نفاد احتياطاته الأجنبية. وفي هذا الصدد أكد الصحفي رشيد الحداد أن البنك لم يعد قادرًا على تنفيذ مزادات بيع الدولار منذ أواخر أكتوبر، ما يعكس نفاد الاحتياطات أو تراجعها إلى مستويات حرجة. مؤكداً أن دور مركزي عدن يقتصر حاليًا على إصدار أذون الخزانة والسندات الحكومية، بالإضافة إلى محاولة جذب التمويلات عبر الصكوك الإسلامية، وهي خطوات وصفها الخبراء بأنها غير كافية لإنقاذ الوضع.
شروط سعودية صارمة وموقف دولي متحفظ
وحسب الحداد فقد أوقفت السعودية آخر دفعة من المنحة السابقة، المقدرة بـ200 مليون دولار واشترطت تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية صارمة، ما يضع حكومة التحالف أمام خيارات صعبة. كما أشار الحداد إلى أن ذلك يأتي في وقت لم تقدم فيه الجهات الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبعض دول الخليج كالكويت وقطر والولايات المتحدة، أي دعم مالي جديد، مما يعكس تراجع الثقة في قدرة حكومة التحالف على إدارة الوضع الاقتصادي.
دعوات لإعادة البنك المركزي إلى صنعاء
وأشار الحداد في تصريحه لـ”المساء برس” بالقول إنه و”في ظل الانهيار المالي في عدن، تتزايد الضغوط الدولية لإعادة البنك المركزي إلى صنعاء كخطوة نحو توحيد المؤسسات المالية والنقدية في اليمن”. ويُعتقد أن هذه الخطوة قد تكون مخرجًا للأزمة الحالية، لكنها تواجه رفضًا من حكومة التحالف، التي تخشى فقدان السيطرة على مواردها المالية المحدودة.
الانهيار المستمر لأسعار الصرف وتأثيره على المعيشة
شهدت أسعار الصرف في عدن تدهورًا حادًا، حيث بلغ سعر الدولار الأمريكي 2077 ريالًا يمنيًا، والريال السعودي 542 ريالًا. ويأتي هذا التدهور وسط شائعات عن عجز وزارة المالية عن دفع رواتب الموظفين، في وقت تعتمد فيه معظم الإيرادات المحلية على عمليات تهريب الأموال إلى الخارج عبر شبكات مصرفية. هذه العوامل زادت من معاناة المواطنين، مما دفع الشارع الجنوبي إلى حالة من الغليان.
وحسب الحداد فإن استمرار انهيار سعر الصرف في جنوب اليمن لن يتوقف عند حد 2100 ريال للدولار الواحد أو حتى عند 2200 ريال، إذا استمرت أزمة نفاد العملات الأجنبية، مؤكداً أن هذا الوضع سيلقي بضلاله على المواطن اليمني في المحافظات الجنوبية والشرقية الخاضعة لسيطرة التحالف وهو ما يعني أننا قد نشهد قريباً ثورة شعبية تطيح كلياً بالحكومة التابعة للتحالف السعودي الإماراتي والمجلس القيادي الرئاسي المشكل سعودياً.
فساد الإدارة المالية وغياب الدعم الدولي
وكشفت مصادر اقتصادية يمنية أن الإيرادات المحلية للمحافظات الجنوبية تُحول إلى حسابات خاصة بالبنوك والصرافين ويتم تهريبها إلى الخارج. وأضافت أن غياب الدعم الدولي يجعل حكومة التحالف بعدن غير قادرة على تعويض هذا العجز، مما يزيد من تعقيد الوضع. هذه الممارسات تُظهر مدى عمق الفساد داخل الإدارة المالية لحكومة التحالف.
مستقبل غامض وسخط شعبي متزايد
تدهور الوضع الاقتصادي في عدن يُنذر بثورة شعبية قد تُطيح بالحكومة الحالية في الجنوب. ومع تصاعد الغضب الشعبي بسبب الفساد والعجز عن دفع الرواتب، تبدو حكومة التحالف أمام خيارين: إما تحقيق إصلاحات جذرية بدعم دولي والقبول بعودة وظائف البنك المركزي إلى صنعاء وتوحيد السياسة النقدية والمالية أو مواجهة انهيار شامل قد يعيد تشكيل الخارطة السياسية والاقتصادية للجنوب.
التطورات المتلاحقة تشير إلى أن الأزمة قد تصل إلى نقطة اللاعودة إذا لم تُتخذ خطوات عاجلة لمعالجتها، ما يجعل الوضع في عدن نموذجًا للأزمات المتراكمة في مناطق اليمن الجنوبية والشرقية والتي تهدد استقراره الاقتصادي والاجتماعي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news