دفع ضريبة تأمين المناطق
عدن- أسفرت اشتباكات جرت الخميس في محافظة شبوة بين قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وعناصر من تنظيم القاعدة عن مقتل جنديين جنوبيين لترتفع بذلك حصيلة القتلى والجرحى في صفوف قوات المجلس إلى أكثر من تسعة أفراد في ظرف أسبوع واحد.
ويأتي ذلك انعكاسا للتركيز الاستثنائي من قبل التنظيم على قوات المجلس المطالب بتأسيس دولة الجنوب المستقلة، الأمر الذي كثيرا ما أثار الشبهات بشأن تحوّل القاعدة في اليمن إلى خدمة أجندات سياسية بعيدة عن أجندتها العقائدية الدينية التي تريد فرضها على الدولة والمجتمع.
وتثير العودة الملحوظة لعمليات تنظيم القاعدة إلى مناطق نفوذ الانتقالي الجنوبي المخاوف من قيام جهات مضادة للمجلس بالتلاعب بالتنظيم وتوظيفه في مقارعة النزوع الاستقلالية للجنوبيين.
وقالت القوات المسلحة الجنوبية في بيان إنّ “اشتباكات اندلعت بين قوات الانتقالي وعناصر تابعة لتنظيم القاعدة إثر هجوم شنه الأخير في وادي عومران شرقي مديرية مودية.”
ثابت حسين: العمليات التي يقوم بها تنظيم القاعدة لا تتم إلا في مواجهة القوات الجنوبية
وأوضح البيان أن قوات الانتقالي تصدت للهجوم وتمكنت من إحباطه ما أسفر عن مقتل جنديين، مشيرا إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف عناصر القاعدة وفرار عدد منهم.
وكانت محافظة أبين المجاورة لشبوة قد شهدت الجمعة الماضية هجوما مماثلا شنّه تنظيم القاعدة وأسفر عن مقتل وإصابة أكثر من سبعة عناصر من قوات المجلس الانتقالي.
وتمثّل الهجوم في نصب كمين لرتل عسكري في منطقة أمصرة عند مدخل وادي عومران بمديرية مودية وتفجير عبوة ناسفة استهدفت إحدى المدرعات العسكرية التابعة للقوات الجنوبية، قبل أن تندلع اشتباكات أوقعت قتلى ومصابين من الطرفين.
وأتاحت حالة عدم الاستقرار في اليمن موطئ قدم بالبلاد للجماعات المتطرفة وبينها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي تعتبره واشنطن أخطر أذرع التنظيم الأمّ لكنّ وتيرة هجماته تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة، بفعل جهود التصدي له والتي شاركت فيها القوات الجنوبية بفاعلية كبيرة.
وعلى مدى السنوات التسع الماضية لعبت تلك القوات دورا محوريا في مواجهة التنظيم وطرده من المناطق التي احتلها، ثم ملاحقه فلوله ومنعها من إعادة تنظيم صفوفها وذلك من خلال عمليات أمنية واسعة النطاق كثيرا ما أسفرت عن قتل العديد من عناصر التنظيم ومصادرة أسلحة ومعدات تابعة لهم.
وكان التنظيم قد تمكن سنة 2015 من السيطرة على مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت شرقي اليمن كما سيطر على مدينة زنجبار مركز محافظة أبين ومدينة جعار القريبة منها لكنه تلقى سلسلة من الهزائم على يد النخب العسكرية الجنوبية والأحزمة الأمنية.
لكن جهات سياسية وأمنية تقول إنّ خللا طرأ على جهود مقارعة القاعدة يتمثّل في قيام حزب التجمّع اليمني للإصلاح الفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين والمشارك في تشكيل الشرعية اليمنية في استيعاب الكثير من عناصر التنظيم ضمن قواته بهدف توظيف خبراتهم القتالية وأيضا تعبئتهم المسبقة ضد خصوم الحزب وعلى رأسهم الانتقالي الجنوبي.
وتقول ذات الجهات إنّ تنظيم القاعدة ينسّق أيضا هجماته على جنوب اليمن مع جماعة الحوثي المهتمة بزعزعة الاستقرار في تلك المناطق، ويحصل منها على أسلحة ومعدات لم يكن يمتلكها من قبل ومن بينها طائرات مسيرة صغيرة الحجم.
وفي أغسطس الماضي استهدف التنظيم بتفجير انتحاري ثكنة للقوات الجنوبية في مديرية مودية بمحافظة أبين مخلفا ستة عشر قتيلا وثمانية عشر جريحا.
◄ القوات المسلحة الجنوبية لعبت دورا محوريا في مواجهة التنظيم وطرده من المناطق التي احتلها
ولم يتردّد المجلس الانتقالي الجنوبي في ربط ذلك الهجوم بالأوضاع السياسية القائمة وما يميّزها من توتّرات. وقالت القوات التابعة للمجلس في بيان لمتحدّثها الرسمي محمد النقيب إنّ عملية تنظيم القاعدة جاءت “نتاجا لتصعيد سياسي وخطاب تحريضي إرهابي، يستهدف قواتنا المسلحة الجنوبية والمجلس الانتقالي الجنوبي إضافة إلى التحشيد والتعبئة المغلوطة والمغرضة التي يحركها المال السياسي لتمويل الإرهاب في الجنوب وتغذيها وسائل الإعلام والدعاية المعادية الرامية إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتمرير المشاريع المشبوهة التي تستهدف قضية شعب الجنوب وكسر إرادته.”
وكان المجلس الانتقالي الجنوبي قد كثّف خلال السنوات الماضية من هجماته على عناصر القاعدة في أبين محقّقا انتصارات على التنظيم الذي اضطر إلى الانسحاب من أغلب مناطق المحافظة.
وأطلقت قوات المجلس في أغسطس 2022 عملية سهام الشرق التي تم تنفيذها على مراحل وكبّدت تنظيم القاعدة خسائر كبيرة وفككت معسكرات كان أقامها في عدد من المديريات.
وكثيرا ما وجّهت جهات مقرّبة من المجلس اتهامات لحزب الإصلاح بالتطرف وممارسة الإرهاب وربط صلات مع جماعاته لاسيما تنظيم القاعدة.
ولمّح الخبير العسكري ثابت حسين في تصريحات سابقة إلى وجود توجّهات سياسية معيّنة تحكم عمليات تنظيم القاعدة في جنوب اليمن قائلا “لم نسمع أن التنظيم يقوم بعمليات سوى استهداف القيادات والوحدات الجنوبية وهذا ما يجب دراسته جيدا.”
وأضاف متحدّثا لوكالة سبوتنيك الروسية “العمليات التي يقوم بها تنظيم القاعدة لا تتم إلا في مواجهة القوات الجنوبية وهذا هو بيت القصيد الذي يؤكد أن التنظيم يصطف مع القوى التي حاربت الجنوب منذ حرب 1994 ومازالت حتى الآن.”
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news