في ظل الجهود الدولية المكثفة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، جاءت مصادقة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الأحد، على توسيع العملية البرية في جنوب لبنان لتقوض التفاؤل الذي بدأ البعض في بنائه بشأن قرب توقف العمليات العسكرية.
ومع تراجع هذا التفاؤل إثر مصادقة هاليفي على القرار العسكري، عاد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، ليكشف الاثنين عن "بعض التقدم" في المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار.
وأوضح ساعر في مؤتمر صحفي عقده في القدس أن إسرائيل تعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة لتحقيق هذا الهدف، مشيراً إلى أن قوة حزب الله تضاءلت بشكل كبير بعد تدمير معظم قدراته الصاروخية. لكنه أكد في الوقت نفسه أن الحرب مع التنظيم لم تنته بعد، مما ترك اللبنانيين في حالة من الحيرة بشأن مصيرهم.
ويثير قرار توسيع العملية البرية الإسرائيلية في جنوب لبنان تساؤلات عدة بشأن دوافعه وأبعاده. فهل يأتي هذا التصعيد كجزء من استراتيجية إسرائيلية للضغط على حزب الله لإجباره على قبول شروط معينة، أم أنه يعكس تطوراً خطيراً في مسار الصراع قد ينذر بانفجار أكبر في المنطقة؟ كما تبرز تساؤلات حول مدى فعالية الجهود الدولية في الوصول إلى وقف لإطلاق النار وسط هذه التناقضات.
ورقة ضغط أم واقع ميداني؟
يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد المتقاعد نزار عبد القادر، أن "قرار توسيع العمليات العسكرية ليس بيد رئيس أركان الجيش، بل في يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والكابينت الإسرائيلي، أي المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، وهو وسيلة ضغط لتحقيق أهداف سياسية إسرائيلية".
ويشرح عبد القادر في حديث لموقع "الحرة" أن "توسيع العمليات على الأرض يعدّ طريقة فعّالة تهدف إلى إخضاع حزب الله لقبول الشروط الإسرائيلية التي تتعدى نص وروح القرار الدولي 1701، بحيث يقبل على الأقل بالشروط الأساسية التي ترغب بها إسرائيل، إن لم يكن بكل شروطها. وأعتقد أن أهم شرط تريده إسرائيل هو حرية تحركها العسكري في حال شعرت بتجاوزات من حزب الله لما تم الاتفاق عليه".
كذلك يرى الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد المتقاعد أكرم سريوي، أن قرار توسيع العملية البرية " ورقة ضغط على حزب الله لإجباره على قبول الشروط إسرائيلية"، مشيراً إلى أن "إسرائيل تفاوض تحت ضغط النار، إذ تعتمد على نهج توجيه ضربات قاسية بهدف الإيلام والانتقام، وتحقيق أقصى قدر من الدمار قبل الوصول إلى أي اتفاق لوقف إطلاق النار" ومع ذلك، يؤكد أن "المعطيات على الأرض لا تشير إلى استعدادات حقيقية لتوسيع هذه العملية".
ويشدد سريوي في حديث لموقع "الحرة" على أن "الوضع الميداني لا يخدم الموقف الإسرائيلي، إذ لم تنجح القوات الإسرائيلية في تحقيق أي تقدم ملحوظ رغم مرور حوالي 50 يوماً من القتال البري، حيث فشلت في السيطرة على قرى حدودية مثل عيتا الشعب، مارون الراس، كفركلا، والخيام".
ويشير إلى أن "حزب الله تمكّن من استهداف العمق الإسرائيلي بالصواريخ والطائرات المسيرة، حيث يستهدف يومياً مواقع جديدة بأسلحة مختلفة، كما أنه يمتلك بنك أهداف كبير، وذلك في سياق حرب وصفها وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، بأنها تدار دون بوصلة، ومن الضروري تحديث أهدافها، فيما وصفها جنود وضباط إسرائيليون بالصعبة والمعقدة بسبب طبيعة الجنوب اللبناني الجغرافية، التي تتميز بتضاريسها الوعرة، مما يجعل المواجهة البرية أصعب مقارنة بقطاع غزة".
وفي المقابل، يعتبر الباحث في "معهد الشرق الأوسط" بواشنطن، حسن منيمنة، أن قرار توسيع العملية البرية على جنوب لبنان "نتيجة طبيعية للتطورات الميدانية"، ويشير في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "ذلك يأتي استجابة للمقاومة التي تواجهها القوات الإسرائيلية في القرى الحدودية، مما أدى حتى الآن إلى توغلات إسرائيلية محدودة تليها انسحابات. وبالتالي، فإن تصريحات هاليفي تأتي في سياق عسكري بحت وليست مجرد مناورات كلامية".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، يسرائيل كاتس، كشف خلال مراسم تنصيبه، الأحد، أن أهداف إسرائيل الحالية "واضحة جداً"، ومن بينها "إحباط العدوان الإيراني في كافة أذرعه: لبنان وغزة واليمن والعراق وسوريا، ومنع إقامة جبهة شرقية في الضفة الغربية".
واعتبر كاتس أن اغتيال حسن نصر الله يمثل "جوهرة التاج" للعمليات الإسرائيلية التي "قضت على حزب الله"، والمهمّة الآن "تحقيق ثمار هذا الانتصار من خلال تغيير الواقع الأمني في الشمال".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news