تعتبر المياه المعدنية من أهم الموارد الطبيعية التي لا غنى عنها في الحياة. وتلعب دورًا أساسيًا في مختلف العمليات الحيوية. اكتسبت أهميتها من أهمية المعادن التي تحتويها، وحاجة جسم الإنسان لها.
فالمياه المعدنية تحتوي على أنواع كثيرة من المعادن التي تختلف باختلاف طبقات الصخور المحيطة بتلك المياه، مثل الجبال والينابيع ومناطق حفر الآبار.
بحسب إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، فإن المياه المعدنية تحتوي على ما لا يقل عن 250 جزءًا في المليون من المواد الصلبة الذائبة أو المعادن بالنسبة لكمية الماء.
لذا، مع تنامي الوعي المجتمعي بأهمية الصحة والرياضة واللياقة البدنية، تزايد الطلب على المياه المعدنية الصحية، وبالتالي أولت العديد من الدول أهمية كبيرة للاستثمار في هذا المورد الحيوي الهام، فشهدت صناعة المياه المعدنية نموًا كبيرًا حول العالم، وأصبحت أحد أهم عوامل تحقيق التنمية الاقتصادية.
في اليمن، يمكن القول بأن الاستثمار في قطاع المياه المعدنية، بدأ عام 1978م، وذلك بتأسيس شركة أروى لصناعة المياه المعدنية، أول وأكبر مصنع للمياه المعدنية “شملان”.
لقد نجحت شركة أروى بإدراتها الحكيمة وكوادرها المتخصصة، في توفير مصدر موثوق به للمياه عالية الجودة، إضافة إلى خلق فرص عمل في مجالات عديدة مثل الاستخراج والتعبئة والتوزيع والتسويق، وكان لها دور فاعل بالدفع بعجلة الاقتصاد الوطني.
كما سعت إلى تبني ممارسات مستدامة للحفاظ على البيئة، من خلال استخدام مواد قابلة لإعادة التدوير، وتقليل استهلاك الطاقة والمياه.
منذ أن ظهرت مياه “شملان”، بجودتها ونقاوتها، أصبحت هي الاسم الشائع للمياه المعدنية في اليمن. وحازت على شهادة الجودة العالمية (ISO 9001 :2015)، وشهادة سلامة الغذاء (ISO 22000 :2018)، وكذلك شهادة الصحة والسلامة المهنية (2018: 45001 ISO)، وغيرها من الشهائد العالمية.
الحاصل، لقد شهدت صناعة المياه المعدنية في اليمن نموًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية، بظهور العشرات من الشركات المتنافسة بصناعة المياه المعدنية في صنعاء وعدن وحضرموت والحديدة وإب وعمران وغيرها من المحافظات اليمنية. ولو أن التنافس ظل بعيدًا عن البحث والتطوير لتقديم منتجات مبتكرة، مثل المياه المعدنية المنكهة والمياه المعدنية الغنية بالفيتامينات.
إلا أن ذلك التنامي والتنافس المحموم، محفوف اليوم بمخاطر شتى، في ظل سلطة قائمة تحرص على فرض المزيد من الإتاوات، على مصانع المياه المعدنية، وتعمل على إدارة المئات من معامل تصنيع المياه المعدنية، التي اكتسحت السوق اليمنية بأسماء متشابهة ومتقاربة تؤكد أن المنتج واحد، فيما انحصر دور الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، وصحة البيئة، في مراقبة شكلية للمنتجات التجارية الأخرى والسلع المنتهية. ومعامل المياه تنمو وتتكاثر كالفطر، بلا أي ضوابط إدارية ورقابية تضمن تحقيق معايير الجودة والصحة، وهو ما يشكل اليوم تهديدًا كبيرًا لصناعة المياه المعدنية يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وصارمة.
بالمقابل، تشير التقارير إلى أن استنزاف المياه الجوفية في اليمن بلغ بمعدل ضعفي معدل تجديدها. وبأنه بحلول عام 2030، سيتم استنفاد أحواض المياه. وهذا ما يشكل تهديدًا كارثيًا ليس لصناعة المياه المعدنية فحسب، بل للحالة المائية بصورة. إضافة إلى تغير المناخ والنمو السكاني السريع والضغوط الإضافية على موارد المياه المحدودة في هذا البلد.
وعليه، لا بد اليوم من تضافر جهود القطاعين الخاص والحكومي، لمواجهة تلك التحديات، والحفاظ على الموارد المائية، وتنويع مصادرها، وإغلاق باب العشوائية في استخدامات المياه عمومًا، وإدارة موارده واستثماراته وفق آليات رقابية شفافة تضمن تحقيق الجودة والمزيد من التطوير والابتكار.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news