الجنوب اليمني: متابعات
أن تكون جزءا من المجلس الرئاسي والحكومة، وفي الوقت ذاته، تسعى لتدمير هذا الكيان السياسي الذي تنتمي إليه فهذه من الغرائب؛ أبرز مثال لهذه الحالة هو المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من السعودية والإمارات.
هذا المجلس لا ينفك عن محاولة تدمير السيادة اليمنية، ونزع صفة القانونية عن المجلس الرئاسي، والحكومة الشرعية.
مؤخرا أصدر فريق الخبراء المعني باليمن، والتابع لمجلس الأمن، تقريرا تناول فيه جوانب عدة حول الوضع في اليمن، وأحد هذه الجوانب هو العلاقة الغريبة التي تربط المجلس الانتقالي بالحكومة الشرعية.
التقرير كشف في مضمونه عن خلافات عميقة تعصف بين المجلس الرئاسي والحكومة من جهة وبين المجلس الانتقالي من جهة أخرى، مشيرا إلى رفض الانتقالي دمج قواته ضمن قوات موحدة كما كان مفترضا بالاستناد إلى اتفاق نقل السلطة، وتشكيل لجنة أمنية وعسكرية معنية بهذا الأمر.
الذهاب نحو الانفصال
يقول الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور عبدالوهاب العوج: “تقرير فريق الخبراء انعكس على مفهوم لماذا تأسس مجلس القيادة الرئاسي وما الغرض منه ؟”.
وأضاف: “نلاحظ أن الإخوة في المجلس الانتقالي يذهبون إلى الانفصال بجنوب الوطن عن شماله، وقد ساعدت الآليات التي قام بها الحوثي من الانسحابات بعد هزائمه في مناطق محررة من محافظات عدن والضالع ولحج وغيرها إلى الانسحاب إلى ما يُعرف بالحدود الشطرية السابقة؛ ما قبل قيام الوحدة في 22 مايو 1990”.
وتابع: “السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يحدث الآن؟ وما انعكاساته؟”، مشيرا إلى أن “انعكاساته كبيرة جدا على تحرير اليمن من جماعة الحوثي، وأن توجد داخل اليمن شوكة تهدد أمن المنطقة وأمن الخليج العربي، وعلى وجه الخصوص أمن المملكة العربية السعودية”.
وأردف: “لماذا لا يحدث الاتفاق أولا بين الإمارات والسعودية، حتى يستطيع الإخوة المتشاكسون في مجلس القيادة الرئاسي الانضباط والاندماج والانصهار حتى تتحرر اليمن من بقايا الكهنوت من هذه السلالة، التي أتت لتعيدنا إلى عهد الإمامة الظالمة”.
وزاد: “المناطق المحررة حررها أبناء اليمن بالكامل دون تحديد مناطق شارك فيها كل أبناء الوطن، من صعدة ومن حجة ومن تعز وحضرموت والمهرة ولحج والضالع وأبين، ومن كل اليمن”.
وقال: “حررت تلك المناطق ولازال هناك أمل بأن يلتحم هذا المجلس ليحسّن أوضاعه؛ لأنه أمام عدو يريد استهلاك اليمنيين، ويريد اقتطاع المناطق جزءا، ولن ينجو منه إخواننا في المجس الانتقالي، إذا تمكن من شمال الوطن”.
وأضاف: “جماعة الحوثي هي الآن تركز على مأرب وتعز، لكن في الحقيقة هي تطمح للسيطرة على كل الجغرافيا اليمنية، وستنطلق منها ضد سلطنه عُمان وضد المملكة العربية السعودية، في قادم السنين إذا تمكنت من السيطرة على الداخل اليمني”.
أهداف واضحة
يقول المحامي والناشط السياسي صالح النود: “ما تطرق إليه فريق الخبراء هو تأكيد لما كان واضحا وجليا منذ فترة طويلة، وحتى إن البعض ذهب مباشرة – بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي- إلى الاستنتاج بأن هذا المشروع هو مشروع فاشل، لا يمكن أن يحقق أيا من الأهداف التي تم تحديدها لهذا المجلس”.
وأضاف: “الإشكالية أننا اليوم ربما الكل يكذب على الآخر، والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي كان واضحا ربما منذ البداية بأننا في مرحلة انتقالية، والمرحلة الانتقالية هذه يجب أن يكون خلالها بوادر لحلول حقيقية للقضية الجنوبية” وتابع: “لذلك أعتقد بأن المجلس الانتقالي الجنوبي كان يراقب تطورات المشهد ولم يفرط بالكثير”.
وأوضح: “تطرق التقرير إلى موضوع دمج القوات، والمجلس الانتقالي كان حذرا من أن يذهب نحو خطوات مثل هذه الخطوات، التي هي كبيرة، فيما يعني قد ينعكس سلبيا على وضع المجلس الانتقالي الجنوبي، وأيضا وضع القضية الجنوبية في المشهد”.
وأردف: “المجلس الانتقالي الجنوبي كان واضحا بأن هدفه ما زال هو فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب، وهذا المطلب الشعبي الذي يفاوض المجلس الانتقالي من أجله، وكان واضحا في ذلك الأمر” وزاد: “أنا استغرب أن هناك من كان يعتقد بأن المجلس الانتقالي الجنوبي سيسلم بكل ما تحقق في الجنوب، وذلك الإنجاز الذي حققه أبناء الجنوب”.
وقال: “في معركة تحرير الجنوب من الحوثي كان الانقسام واضحا شمالا وجنوبا، وهذا أيضا عزز من الأزمة التي كانت أساسا قائمة، أزمة الوحدة التي كانت بجاجة إلى حل، لكن ما حدث في حرب 2015 عزز رغبة الجنوبيين في فك الارتباط، والضغط الشعبي على المجلس الانتقالي الجنوبي أن لا يتنازل”.
وبيّن: “المجلس الانتقالي الجنوبي دخل في هذه الاتفاقيات، وكان مثل ما كان عليه واجبات، أيضا كانت على الأطراف الأخرى واجبات والتزامات نحو هذا الاتفاق”.
وتابع: “المجلس الانتقالي الجنوبي رأى أن الأطراف الأخرى بدأت تظهر تآمرا على القضية الجنوبية، ولذلك الثقة انعدمت منذ وقت مبكر بين أطراف مجلس القيادة الرئاسي”.
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news