في ظاهرة تكاد تكون كوميدية، أكدت الأمطار الخفيفة التي هطلت على العاصمة عدن مؤخرًا أن المشاريع المعلنة للبنية التحتية والطرقات تم تنفيذها في عالم افتراضي، حيث تُظهر صور الطائرات المُسيرة (الدرون) وصفحات "المطبلين" على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من الواقع نفسه.
وكتب الصحفي فتحي بن لزرق على صفحته الشخصية على الفيسبوك معلقًا على هذا المشهد الساخر، "رشة مطر بسيطة في عدن أظهرت أن مشاريع الطرقات والبنى التحتية يتم الاهتمام بتنفيذها بطائرات تصوير الدرون وصفحات المطبلين أكثر من تنفيذها على أرض الواقع كمشاريع حقيقية يمكن لها أن تصمد لشهور فقط وليس لسنوات!"
تبدو التعليقات التي تفيض بالتحليلات الفنية والتبجيل للمشاريع المقترحة وكأنها وضعت في إطارٍ من الخيال. فعندما تمطر السماء، يتضح أن ما تم إنجازه من مشاريع لا يعدو كونه مجرد أرقام على الورق وصور ترويجية، بينما تبقى الطرقات المتهالكة تحت وطأة الأمطار، تُعبر عن واقع مختلف تمامًا.
الشوارع التي كانت تُنظَر إليها كـ"تحف فنية" من قبل مؤيدي المشاريع، أصبحت اليوم تجارب كارثية تُختبر من قبل السيارات التي تُجبر على السباحة في برك المياه المتراكمة. في حين أن الدعاية المفرطة تُظهر إنجازات ضخمة، فإن الوضع الحقيقي هو أن هذه المشاريع غالبًا ما تتلاشى مع أول هطول للأمطار، لتُظهر أنها لم تُصمَّم لتحمل التحديات اليومية، ناهيك عن الكوارث الطبيعية.
مواطنون في العاصمة عدن عبّروا عن استيائهم من حال الشوارع، مشيرين إلى أن الفارق بين ما يُعلن عنه وما يحدث على الأرض هو كالفرق بين الحلم والواقع. حيث قال أحدهم: "أصبحنا ننتظر المطر لنرى إلى أي مدى ستظهر عيوب الطرقات!"
يبدو أن الكثير من المشاريع لا تُعاني فقط من قلة الصيانة، بل تعاني من غياب الرؤية الحقيقية، مع استمرارية التسويق لمشاريع أُسست على سراب. ومع استمرار الاستهزاء بالأوضاع، يبقى السؤال: إلى متى ستظل هذه المشاريع تُروج في الفضاء الإلكتروني بينما الشوارع تتآكل تحت أقدام المواطنين؟
ختامًا، إن كان هناك درس يمكن استخلاصه من هذه الأمطار، فهو أن العمل الحقيقي يجب أن يبدأ من الأرض، وليس من صفحات التواصل الاجتماعي، حيث تكفي رشة مطر واحدة لإظهار الحقيقة المُرة: مشاريع لا تصمد حتى أمام نسمات الهواء، فكيف لها أن تصمد أمام سيل من المطر؟
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news