الأمثال السقطرية تناولت أغلب الأغراض والموضوعات وتحدتث عن كثير من القضايا الجليلة والدقيقة فلا تكاد تجد موضوعا إلا وجدت عليه مثلا تتمثل به على موضوعه أو خلافا لموضوعه، ومن الموضوعات التي ناقشتها الأمثال التعامل مع المرأة، وقبل البدء في تحليل الأمثال التي تخص المرأة ينبغي أن نشير أن لغة الأمثال لغة راقية لا يتقنها إلا خواص الناس وحكماء الأزمان وعلماء الأرض والطبائع والأخلاق؛ ولذلك تظهر هذه الأمثال بلغة كثيفة البلاغة واسعة الدلالة مختصرة الألفاظ.
كما أن لغة هذه الأمثال تربوية تعليمية تشجع على قيم الرجولة والشجاعة والتميز ولذلك ظهر فيها مستويان في النظر إلى الإنسان أحدهما: مستوى عال ينبغي أن يتمثل درجات النضج والكمال وهذا المستوى يتمثل في الرجال، والمستوى الآخر: أقل منزلة لا قياس على تصرفاته يمثل نموذج أدنى من السابق ويتمثل في النساء.
وقيما يأتي نسوق ثلاثة أمثال سقطرية شهرية لم نجد غيرها ما يخص المرأة نحاول تحليلها وهي:
الأول: قولهم:(دي عمور شحار ليكن أل دي عمور مرهاتن)، فالمعنى هنا: إن ما قال به الرجال من الرأي هو ما يكون، لا ما قالت به النساء، وفضلا عن دلالة التعالي في هذا المثل فإن اللغة أيضا توحي بهذا التمايز النوعي بين الرجال والنساء فقد جاءت مفردة شحار أي: الرجال بصيغة المبالغة فعال بينما المفردة المتعلقة بالمرأة جاءت بصيغة التصغير مرهاتن.
هذا المثل يشي ظاهر قوله بالتقليل من شأن المرأة وتحفيز الرجل للتميز عنها حتى في الرأي ولكن لأننا؛ لا نعرف خليفة قول هذا المثل أو السبب فيه حكمنا على النص بظاهر قوله الذي يدعم الأخذ بقول الرجال وعدم الالتفات إلى رأي النساء، ولكن من يدري لعل قول هذا المثل حصل بعد نزاع بين فريقين ورأيين متضادين فكان لفريق الرجال الغلبة والرجحان بهذا القول وليس هو حكما معمما بالأخذ برأي الرجال وعدم الأخذ بمشورة النساء فذلك يخالف الشرع والواقع والعرف.
ومن المستبعد أن يتحامل المجتمع السقطري على المرأة كل هذا التحامل حتى لا يسمع لرأيها ولا يهتم به – وفي المقابل- فإنه من المؤكد أنهم ورثوا مجموعة من الأقوال والتصرفات العربية وتأثروا بها، فهناك مثل عربي يتردد في سقطرى قريب من دلالة المثل السابق وهو قولهم:(شاور المرأة وخالف عليها) ولكنه يقال في سقطرى من باب المزاح والترف الثقافي أو الإغاظة أحيانا وليس من قبيل الواقع العملي الذي يتعامل الناس به بينهم.
الثاني: قولهم: (أل يدومى شحار شوقهر تدومنش مرهاتن)، والمعنى: إنه لا ينام الرجال الأكفاء الصباح كما تنام النساء، واللغة المتعلقة بتسمية الرجال بشحار وتسمية النساء مرهاتن تتوافق في بنيتها مع لغة المثل السابق فقد جاءت المفردة التي تعني الرجال شحار بصيغة المبالغة فعال، وجاءت المفردة الدالة على النساء مرهاتن بالتصغير. ومما لا شك فيه أنه مثل تحفيزي للرجال يستخدم المرأة نموذجا دونيا للتسامى سلوك الرجال على النساء حتى في النوم.
والمطالع في مصادر الأدب العربي يجد أن هناك مقولة شهيرة عند العرب تتوافق مع فكرة المثل السابق وهي قولهم:(نؤوم الضحى) وتلك صفة من الصفات الدالة على الكسل وقلة الكسب والعمل وطلب الرزق وهي صفة غير مقبولة وغير حميدة في خلق الرجال فلو وصف رجلا بنؤوم الضحى ما استطاع أن يجد امرأة زوجا له.
وبالعودة إلى المثل السقطري وإنعام النظر فيه نجد أن الغاية منه تحفيز الرجال لا التقليل من شأن المرأة فالعادة التي درج عليها السقطريون منذ القدم أن النساء يقمن قبل الرجال من المضاجع ويجهزن الفطور ويرتبن مقتنيات الرجل للذهاب إلى عمله أو مواشيه أو زراعته، وتلك ثقافة عامة بينهن تحافظ عليها المرأة منذ أول يوم من زواجها، وقد كان الجيران يتأكدون من تبكيرها وإتقانها فإذا وجدوا الفطور جاهزا في ساعات الصباح ذاع صيتها وذكروها بخير وعلى العكس من ذلك لو وجدوها نائمة.
وعلى ذلك فإن الغرض من المثل ليس التقليل من شأن المرأة بل التربية والتدريب وتحفيز الرجل ليكون أعلى كفاءة من المرأة، وليكون قدوة للجد والعمل لا للنوم والكسل ولذلك تجد كثيرا من النساء يرددن هذا المثل ولا يشعرن بالعصبية بل الرجل في نظرهن أعلى مكانة وقيمة.
الثالث: قولهم:(تجوديحن طيه من تآئه وطيه من بعليتس)، والمعنى: تجوديحن: تأتي، طية: واحدة، تآئه: ضأنة، بعليتس: صاحبتها أو مالكتها وهي مفردة عربية مشتقة من البعل، ومن دلالات البعل الملكية، والمعنى العام لهذا المثل: إنه يأتي تصرف أحمق مرة من الضأنة وأخرى من صاحبتها. وهذا المثل قد يكون فيه بعض التهكم على المرأة ولكنه في الحقيقة واقعي فطري مركب في خليقة المرأة فلا تستقيم حياة المرأة بشكل كامل، فلا بد من أن تصدر منها بعض الحماقات، وقد أكد ذلك الرسول – صلى الله عليه وسلم- كما جاء في الحديث الصحيح:(إنهن ناقصات العقل والدين، وإنهن خلقن من ضلع أعوج).
المصدر صفحه (د. أحمد سالم العامري)
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news