يمن إيكو | قصة خبرية:
قبل ثلاثين عاماً، كان إخراج الماء من جوف الجبل مجرد فكرة في رأس المزارع اليمني عبد الله صالح الحمدني، من أبناء قرية شيهج بجبل لعلي، مديرية المفلحي يافع، محافظة لحج الواقعة في نطاق سلطات الحكومة اليمنية.
وعلى مشاهد معاناة سكان منطقته، في جلب المياه بشكل يومي من مسافات بعيدة على ظهور الحمير وكاهل الأطفال والنساء، وفي ظل غياب اهتمام الجهات الرسمية بتوفير مياه الشرب النقية للمواطنين، ألحت عليه الفكرة- المقرونة بالمثل الشعبي العميق في تاريخ حضارات اليمن الزراعية: “خيط الماء ولا خيط الذهب”- لتصير حلماً تحويله إلى واقع يتطلب سنوات من العمل الجاد.
وبعد 19 عاماً من ميلاد الفكرة، شمر المزارع الحمدني عن ساعديه وبإمكاناته التقليدية (معاول ومناجل بدائية)، ينحت في الجبل دون كلل أو ملل، ولم يلتفت لقطار الزمن إلا حين وجد بغيته من الماء الزلال، ليدرك أنه قضى 11 سنة من عمره في نحت الجبل حتى نجح في الوصول إلى الماء.
في حديثه لـ«المشاهد نت»، حكا قصته من الفكرة حتى الحقيقة الماثلة للعيان، مؤكداً أن فكرة حفر بئر في جوف الجبل بدأت تراوده منذ عام 1994 أي قبل ثلاثين عاماً.
وأوضح الحمدني أن شحة المياه في مسقط رأسه، ومعاناة أسرته كغيرها من أسر المنطقة، كلها عوامل عززت الإصرار لديه بضرورة البدء في حفر البئر في جبل لعلي بيافع، ورغم صلابة الصخور وقوة تماسكها إلا أنه ظل متفائلاً بوجود الماء في جوف الجبل، حتى تحول التفاؤل إلى يقين، ما دفعه بقوة لمواصلة العمل منذ العام 2013م.
وبيّن الحمدني أنه استطاع تحقيق حلمه خلال 11 عامًا من الحفر المتواصل، باستخدام أدوات ومعاول بدائية، موضحاً أنه حفر بعمق نحو 70 مترًا، ثم واصل النحت بطريقة أفقية لنحو 30 متراً تقريبًا.
وشبّه المزارع الحمدني مكان الحفر بـ”سردابٍ وسط ظلمات بعضها فوق بعض”، في إشارة إلى صعوبة ووعورة الموقع، لكنه أكد أنه رغم ذلك وصل إلى عين الماء وخيطها الطبيعي، مشيراً إلى أن منسوب الماء زاد بكمية كبيرة، وبأكثر مما كان عليه سابقًا؛ نتيجة غزارة الأمطار هذا العام.
وتابع مبتهجاً بما أنجزه قائلاً: معجبٌ بما أنجزته، وأشعر بالزهو بعد تحقيق حلم طال انتظاره، وصرتُ وجيراني نشرب من ماء البئر ونروي المحاصيل الزراعية.
المزارع الحمدني وعبر موقع «المشاهد نت» ناشد الجهات المعنية في الحكومة اليمنية والمنظمات المهتمة بالزراعة توفير الإمكانيات اللازمة للاستفادة القصوى من مياه البئر، غير أن مناشدته كغيرها من مناشدات المواطنين لن تلقى أي تجاوب من الحكومة اليمنية التي عجزت عن الحفاظ على استمرار خدمات منظومة الطاقة والمياه في نطاق سلطاتها.
يشار إلى أن الدراسات المسحية الموصولة بمصادر مياه الشرب في اليمن تؤكد أن 70% من سكان الريف اليمني لا يحصلون على مياه مأمونة ونظيفة، فيما ذكرت الأمم المتحدة أن 15.5 مليون يمني -أي نصف السكان- لا يحصلون على مياه كافية ونظيفة، مشيرة إلى أن التغيرات المناخية أدتَّ إلى تفاقم الجفاف واستنزاف الموارد المائية باليمن، بحسب تقارير أممية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news