تقرير/ صدّيق الطيار:
لسنوات طويلة ظل شبح الجفاف يحكم الخناق على معظم قرى ومناطق مديرية طور الباحة، إحدى مديريات محافظة لحج (جنوبي البلاد)، ومعه كان الأهالي في حالة استنفار قصوى لا هم لهم سوى البحث عن مياه صالحة للشرب تطفي لهيب عطشهم.
نسجت موجة العطش التي استوطنت قرى طور الباحة لعقود من الزمن فصولاً من مشاهد القلق والهلع لدى الأهالي، حيث كانت أزمة المياه الخانقة هي الهاجس الذي يقض مضاجعهم ويعكر صفو حياتهم..
قوافل الحمير وأرتال السيارات وأفواج النساء والأطفال - ذهاباً وإياباً - منذ بزوغ الفجر وحتى غروب الشمس، في رحلة المتاعب للبحث عن الماء، هو المشهد المأساوي الذي كان سائداً والسمة الرئيسية للكثير من قرى طور الباحة.
عكست أزمة المياه في طور الباحة نفسها على مجمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والصحية والثقافية والأمنية في قرى ومناطق المديرية، وأنتجت نزاعات عديدة خلفت قتلى وجرحى وتهجير مواطنين من ديارهم، وأخلت بالتوازن الديمغرافي للسكان في قرى وبلدات المنطقة.
ظل جميع أهالي تلك القرى يواجه العطش بصبر يفوق الاحتمال.. الغالبية منهم صمد يقاوم المعاناة، وعجزت كثير من الأسر الصمود والمقاومة فاضطرت للنزوح عن ديارها باتجاه المدن (الوهط، صبر، الحوطة، عدن، أبين، التربة) هرباً من شبح الجفاف الذي استوطن قراهم.. في موجة نزوح غير مسبوقة تشهدها البلاد.
منذ أواخر الثمانينيات تعثرت عدة مشاريع مياه في طور الباحة، ونخر الفساد مشاريع أخرى، كان آخرها مشروع مياه الرجاع الإسعافي، والذي كان بمثابة المنقذ الوحيد للمديرية من أزمة المياه الخانقة التي تعصف بها.
بُدئ العمل في المرحلة الأولى للمشروع في أكتوبر 2007م، وحدد المهندسون سقف إنجازه بـ9 أشهر فقط.. حُفرت 3 آبار وبدئت عملية مد الأنابيب، لكن سرعان ما نخرته آفة الفساد وتوقف عن العمل.
وبعد أشهر طويلة من التوقف عاد المشروع للعمل مجدداً، لتتناوب بعد ذلك عدة أطراف على إيقاف المشروع بمطالب حق أريد بها باطل.. ليضطر المقاول بعد ذلك على إيقاف عملية مد الأنابيب من آبار منطقة "الرجاع" إلى خزان إعادة الضخ بمنطقة دار القديمي بطول 20 كم "كمرحلة أولى"، وأُجبِر على مغادرة موقع العمل، وفشلت كل المحاولات والمساومات لاستئناف المشروع إزاء ضعف سلطة الدولة وغياب هيبة القانون وتعنت المجموعة القبيلة.
ومنذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا ظل مشروع مياه الرجاع الإسعافي "محلك سر"، والذي كان يؤمل منه حل أزمة المياه في طور الباحة خلال 9 أشهر في مرحلته الاولى، لتليها المرحلة الثانية لتوصيل الأنابيب إلى الخزان التجميعي في الضاحية الجنوبية بعاصمة المديرية.. ليستمر شبح الجفاف في فرض سيطرته على معظم قرى وبلدات طور الباحة، وتبقى أزمة المياه الحادة هي سيدة الموقف.
إلا أنه منذ انطلاق الحملة الأمنية الواسعة التي يقودها الشيخ حمدي شكري، قائد الفرقة الثانية عمالقة - اللواء السابع مشاه، في مديرية طور الباحة منذ أكثر من عام، شهدت المديرية نهضة تنموية واسعة تزامناً مع تولي الأستاذ عفيف الجعفري إدارة المديرية منذ مطلع العام الحالي، والذي ظل على مدى تسعة أشهر يستنفر جهوده دون كلل أو ملل أو كسل لانتشال مديرية طور الباحة من حالة الجمود التنموي، واستطاع تحقيق العديد من الإنجازات التنموية والمشاريع الخدمية في مدينة طور الباحة وفي مختلف قرى ومناطق المديرية، في عدة مجالات أبرزها مشاريع المياه، والتي كان لها الأثر الكبير والبارز في تخفيف حدة أزمة المياه التي ظلت تخنق معظم مناطق وقرى المديرية منذ عقود من الزمن..
تم تنفيذ بعض مشاريع المياه تلك بتمويل محلي من إيرادات المديرية، وبعضها الآخر بتمويل جهات مانحة عبر تعزيز الشراكات والتعاون والتنسيق المشترك بين المديرية والمنظمات والصناديق والهيئات المانحة..
ونستعرض فيما يلي أبرز تلك المشاريع في مجال المياه والتي لاقت إشادة واسعة من قبل الأهالي، واصفين إياها بالمنقذة من شبح العطش الذي استفحل في مناطقهم، وبات الهم الأكبر لديهم، وتلك المشاريع هي:
- حفر بئر في منطقة الصميتة، بتمويل من الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
- حفر بئر في منطقة المعقم بالمعامية، بتمويل من الندوة العالمية للشباب الأسلامي.
- حفر بئر في منطقة السلم بالجعفرية مع منظومة طاقة شمسية، بتمويل من الندوة العالمية للشباب الأسلامي.
- حفر بئر في منطقة المكحلية مع منظومة طاقة شمسية.
- حفر بئر في قرية الظفير بقرية المناصرة مع منظومة طاقة شمسية.
- حفر بئر في منطقك المقارمة الخداشية مع منظومة طاقة شمسية.
- حفر بئر في منطقة دار الشهاره بالصميتة، بدعم من منظمة فورهيونتي.
- إعادة تأهيل ثلاثة آبار مياه قريبة من عاصمة المديرية تابعة لمؤسسة المياه، بدعم من الصليب الأحمر الدولي.
- دعم بئر منطقة النويعم بغاطس مياه بدعم محلي.
- دعم بئر المشاريج بغاطس وخزان مياه ولوحات شمسية بدعم محلي.
- إعادة تأهيل بئر مياه منطقة العميدة.
- دعم منطقة ذنوبة بعدد 5 لوحات شمسية بدعم محلي.
- اعتماد مشروع تركيب منظومة طاقة شمسية وتوابعها، وتوصيل أنابيب ضخ من البئر إلى الخزان التجميعي بقرية الخطابية، ومن ثم إلى نقاط التوزيع إلى وسط القرية، بدعم منظمة هيومانتي.
وخلال الأيام القليلة الماضية استقبل مدير عام طور الباحة الأستاذ عفيف الجعفري فريقاً هندسياً من مؤسسة "اتش اس" للاستشارات الهندسية (HS GRO UP)، لدراسة إعادة تأهيل مشاريع المياه بالمديرية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news